السبت, أكتوبر 5

“الحزام الأمني” في الجنوب لا يعيد المستوطنين إلى الشمال

كثر الحديث في الأيام الأخيرة على ألسنة مسؤولين إسرائيليين من سياسيين وعسكريين أنه لم يعد من خيار أمامهم إلا التوجّه الى إقامة “حزام أمني” يصل الى مشارف نهر الليطاني وإبعاد مجموعات “حزب الله” أولاً فضلاً عن المواطنين في هذه المنطقة وتعطيلها بالكامل. ويعتقد أعضاء في الحكومة والكنيست من غلاة المتطرفين أن اتباع هذه المقاربة يحقق إعادة المستوطنين الى الشمال “الذي بات تحت سيطرة حسن نصرالله” بحسب وسائل إعلام غربية. وتستبق التصريحات الإسرائيلية كلمة بنيامين نتنياهو في الأمم المتحدة قبل نهاية الشهر الجاري حيث سيخرج أمام رؤساء الدول وممثليها ليقول للغربيين أولاً إن معركته هي الدفاع عن “العالم الحر” بحسب رؤيته وسيحمّل إيران المسؤولية الأولى لتدهور الأوضاع في المنطقة وهو يدرك أن الرأي العام الغربي الذي تعاطف مع أهل غزة قد لا يفعل الأمر نفسه حيال الحزب واللبنانيين. وقد يدفع نتنياهو بجيشه الى تثبيت هذا الحزام وإن كانت الطريق أمامه غير معبدة ليملك هذه الورقة في أي مفاوضات مقبلة حيث لا مهرب من طاولتها في نهاية المطاف وبإشراف الأميركيين. وارتفع منسوب الدعوات الى إقامة هذا الحزام تزامناً مع زيارة الموفد الأميركي آموس هوكشتاين لتل أبيب بغية رفع مستوى الشروط الإسرائيلية، ولا سيما من جهة نتنياهو الذي سيطلب من قادة جيشه مضاعفة القوة النارية التي يستعملها في الجنوب حيث سيعمل على شلّ قدرات “حزب الله” في هذه المنطقة، وبالتأكيد سيلجأ الأخير الى مضاعفة ضرباته واستهداف أماكن جديدة وتدميرها على غرار عدوان غزة.

في طبيعة واقع القرى الحدودية ولا سيما المتاخمة للحدود مع إسرائيل فقد غادرها العدد الأكبر من أهلها زائد بلدات أبعد في مشهد يذكّر بـ”الشريط الحدودي” قبل تحريره في أيار عام 2000 مع فارق أن مقاتلي “حزب الله” لا يزالون ينتشرون على مسافة النقطة صفر على طول الحدود من الناقورة على البحر الى تخوم مزارع شبعا المحتلة على مسافة تزيد على المئة كلم. ولم تغادر وحداته العسكرية أي نقطة عسكرية في تلك البلدات وأوديتها زائد أن أعداداً لا بأس بها من المواطنين لا يزالون في ديارهم رغم كل التهديدات والمناشير الأخيرة في سهل الوزاني في مرجعيون حيث تمارس إسرائيل حرباً نفسية ضد سكان هذه المناطق. وإن كان هؤلاء تركوا الخط الأمامي في أكثر من بلدة حدودية، فإن الحزب يقول إنه ثابت أكثر في هذه البلدات وهو لن يغادرها بالطبع مهما تعرّض لكل هذا السيل من الضغوط. وعندما يتحدث الإسرائيلي عن سعيه الى إقامة “حزام أمني” في الجنوب فإن مثل هذا الحزام طبّقه الحزب في شمال الأراضي الفلسطينية المحتلة “لن تقدر إسرائيل على تحقيق ما عجزت عنه طوال 11 شهراً ولن تعيد مستوطنيها بسهولة الى منازلهم”. ونجح الحزب بالفعل باعتراف الإسرائيليين في تعطيل الحياة اليومية وجلب لهم كل هذا الشلل في مستوطناتهم وإن كان يتحسب بالطبع لإقدام نتنياهو على هذا النوع من الحزام فإن أكثر المسؤولين في إسرائيل لا يريدون التوجّه الى حرب شاملة ضد لبنان مع توقع إقدامها على تصعيد عملياتها في الجنوب التي ستلقى ردّاً من الحزب وبـ”أكلاف باهظة” من خلال استهدافه النقاط الموجودة على خريطة بنك الأهداف التي يملكها.

ولا يضع الحزب التصريحات الأخيرة في إطار التهويل فحسب حيث درج الإسرائيليون على تكرار لازمة عودة النازحين الى الشمال زائد الضغط على “حماس” من دون أن يستطيعوا تحقيق أي من الهدفين لحفظ ماء وجه نتنياهو أمام مواطنيه أولاً. ولذلك لا ينفك الحزب عن تأكيد ثابتة ربط جبهة الجنوب بغزة وهو لن يقبل بالتراجع عن هذا الخيار الذي اتخذه برغم التضحيات التي قدمها ولن يتفرج بالطبع على عودة المستوطنين الى بيوتهم إذا استمر النازحون الجنوبيون خارج بلداتهم.

ورغم كل سخونة هذه التصريحات لم ير الحزب أن سقوف التصعيد الأخيرة التي ترفعها تل أبيب ستتجه الى الحرب الشاملة حيث استعدّ جيداً لكل الخيارات العسكرية المفتوحة بما فيها إقدام إسرائيل على محاولة تنفيذ اجتياح بري. وتقول أصوات سياسية لبنانية مؤيدة للحزب إنه إذا عملت إسرائيل على الدخول الى مساحات في الجنوب وقضم بلدات حدودية فإن هذا المعطى العسكري سيكون محل ترحيب عند وحدات الحزب إذا فُرض عليها “وهي تنتظر حلول هذا المشهد والاشتباك مع الإسرائيلي على أرض لبنانية”.

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply