كيف يستفيد لبنان من أوراق قوّته؟

حسن حردان – البناء

يدور نقاش واسع حول مدى قدرة لبنان على انتزاع حقوقه في مياهه الاقتصادية الخالصة ومنع العدو الصهيوني من الاستيلاء أو سرقة جزء من ثروات لبنان الغازية والنفطية..

وفي السياق يرى البعض أنّ لبنان ليس بمقدوره تحقيق ذلك لأنه منقسم على نفسه ويعاني من الأزمات والضغط والحصار الأميركي، وليس له مصلحة في أيّ تصعيد مع العدو «الإسرائيلي».

في حين يرى البعض الآخر أنه على العكس من ذلك، فإنّ لبنان الذي يعاني من أزمات وصراعات داخلية، يملك أوراق قوة عديدة تمكنه من تحقيق مطالبه وإلزام العدو الإقرار بها، وفي نفس الوقت يستطيع الاستفادة من حاجة كيان الاحتلال وحليفته أميركا لاستخراج النفط والغاز اليوم قبل الغد، وتحويل هذه الحاجة إلى ورقة ضغط على المفاوض «الإسرائيلي» والوسيط الأميركي آموس هوكشتاين المنحاز إلى الجانب «الإسرائيلي»، الذي كشف دوره في العمل على دفع لبنان إلى تقديم التنازلات، في حوار له مع قناة «الحرة»، بعد اجتماعه مع المسؤولين اللبنانيين.

فما هي أوراق قوة لبنان؟

وما هي نقاط ضعف موقف العدو «الإسرائيلي»؟

أولاً، أوراق قوة الموقف اللبناني في المفاوضات:

1 ـ ورقة قوة المقاومة الردعية التي اختبرها كيان الاحتلال جيداً ويعرف مدى تنامي تأثيرها وقدرتها المتزايدة بعد نجاح المقاومة في إلحاق الهزيمة بجيش العدو في حرب تموز عام 2006، وتحقيق الانتصار على قوى الإرهاب في الجرود اللبنانية، وتعزز الخبرات القتالية النوعية التي اكتسبتها المقاومة في الحرب ضد الحرب الكونية الإرهابية على سوريا.. ولهذا فإن قيمة وأهمية هذه المقاومة التي يملكها لبنان، هي التي تجبر الأميركي على العودة إلى استئناف وساطته كما تجبر حكومة العدو «الإسرائيلي» على الاضطرار لقبول العودة إلى المفاوضات غير المباشرة للتوصل إلى اتفاق، يحتاج اليه للبدء باستخراج الغاز والنفط من مياه فلسطين المحتلة.

2 ـ ورقة وحدة الموقف الرسمي والشعبي خلف الجيش والمقاومة.. وهي ورقة تمنع الأميركي و«الاسرئيلي» من الرهان على الانقسام الداخلي اللبناني لفرض الشروط على المفاوض اللبناني، ولهذا فإن تبلور الموقف اللبناني الرسمي الموحد شكل عنصر قوة مهماً مستنداً إلى قوة المقاومة ومعادلتها الذهبية جيش وشعب ومقاومة…

3 ـ ورقة عدم وجود ما يخسره لبنان إذا ما تصلب في الدفاع عن حقوقه في ثرواته وسيادته، ورفض ايّ تنازل بشأنها.. فهو ليس لديه ما يخسر بعد الانهيار الاقتصادي، ولا يجب عليه أن يخاف من التهديد الأميركي بفرض الحصار والعقوبات، لأنه يتعرّض أصلاً للحصار والعقوبات منذ سنوات، وقد دفع الثمن، وبات قارب النجاة له للخروج من أزماته وهذا الحصار وهذه العقوبات، التمسك بثوابت موقفه ورفض ايّ المساومة عليها،وبالتالي الخروج من هذه المفاوضات مننتصراً…

4 ـ ورقة عدم الخوف من الذهاب إلى حافة الحرب، بل وعدم الخوف من الحرب نفسها إذا ما فرضت عليه لحماية حقوقه، لأنه يملك مقاومة قادرة ومقتدرة ولديها الجاهزية لمواجهة العدوانية الصهيونية وردع العدو.. وجعله يحسب ألف حساب قبل أن يفكر بالذهاب إلى خيار الحرب لأنه لا يضمن تحقيق النصر فيها، وبخاف من نتائج ان تلحق هزيمة جديدة به، لا سيما لناحية احتمال ان تنتهي الحرب إلى تهديد وجوده الكياني الاحتلالي برمته..

ثانياً، أوراق ضعف موقف العدو:

1 ـ حاجة «إسرائيل» إلى تصدير الغاز والنفط إلى أوروبا والتحوّل الى طرف مؤثر في السوق إلى جانب المكاسب المالية الهامة التي ستجبيها… لذلك ليس هناك مصلحة لحكومة العدو في التوتر والتصعيد الأمني، لأنّ هدفها اليوم إنما هو الإسراع في استخراج وتصدير الغاز والنفط إلى أوروبا، وهذا ما عكسه اتفاقها مع أوروبا لتزويدها بالغاز عبر مصر…

2 ـ حاجة الولايات المتحدة إلى الإسراع في استخراج النفط والغاز لتعويض أوروبا النقص في الطاقة بعد فرض الحظر على استيراد الغاز والنفط الروسي، والتسبّب بارتفاع أسعارهما وأسعار السلع والمواد الغذائية في أوروبا وأميركا…

3 ـ يستطيع لبنان منع العدو من استخراج النفط الغاز من حقل كاريش، وجواره قبل انتهاء المفاوضات غير المباشرة والاتفاق على ترسيم الحدود البحرية، ورفع الحظر الأميركي المفروض على الشركات للبدء في عمليات التنقيب، ومن ثم استخراج النفط والغاز من الحقول اللبنانية.. لأنّ كيان الاحتلال ليس لديه من خيار سوى القبول بشرط لبنان المذكور.. لكن المهم الاصرار على عدم عدم بدء المفاوضات قبل أن توقف إسرائيل عمليات الاستخراج…

4 ـ التهديد بقصف منصة استخراج النفط «الإسرائيلية» والسفينة اليونانية، إذا لم ترضخ «إسرائيل» للمطالب اللبنانية… وهو أمر تسعى «إسرائيل» إلى عدم حصوله لأنه سيؤدّي إلى حالة عدم استقرار أمني وامتناع الشركات عن المجيء لاستخراج النفط والغاز الأمر الذي لا تريده الدول الأوروبية التي تحتاج الى الإسراع في عمليات استخراج الغاز وتصديره الى أوروبا لسدّ النقص لديها في إمدادات الطاقة قبل قدوم فصل الشتاء..

إنّ كلّ المعطيات المذكورة آنفاً تؤكد أنّ موقف لبنان قويّ إذا ما أحسن الاستفادة من أوراق قوّته، وأدرك عناصر ضعف موقف كيان العدو «الإسرائيلي»، وخاض المفاوضات على أساسها.

Leave A Reply