مسؤولية ثنائي المقاومة أولاً وأخيراً

صلاح سلام – اللواء

من المحزن فعلاً أن يكون ٢٥ أيار هو عيد التحرير عند «بعض» اللبنانيين، ويبقى يوماً عادياً عند «البعض» الآخر.

قرار الدولة بالعطلة الرسمية في مثل هذا اليوم من كل عام، لم يكن كافياً لتوحيد موقف كل اللبنانيين من هذه المناسبة الوطنية، الذي تحتفل بمثلها الأمم والأوطان بكل فخر وإعتزاز، وفي طقوس إحتفالية تستعيد تضحيات الشهداء، وترفع معنويات الشباب وتحفُر في قلوبهم وعقولهم الولاء للوطن، والإستعداد للتضحية في الدفاع عن الأرض لدرجة الشهادة.

ذكرى دحر الإحتلال الألماني في فرنسا تحوّلت إلى يوم وطني كبير، تتشارك في إحيائه القوى العسكرية ومنظمات المجتمع المدني والنقابات المهنية، وتشهد باريس أضخم الإستعراضات العسكرية في شارع الشانزيليزيه الشهير في قلب العاصمة الفرنسية.

بالأمس أصر الرئيس الروسي بوتين على الإحتفال بعيد النصر وتنظيم العرض العسكري التقليدي في الساحة الحمراء في موسكو، رغم إنهماك القيادة الروسية، ومعها كل الدولة الروسية، بمجريات الحرب في أوكرانيا، تأكيداً على الرمزية الوطنية للإنتصار الروسي على جيش هتلر ودول المحور في الحرب العالمية الثانية.

وكذلك الحال مع الدول الأخرى التي تحرص على إحاطة مثل هذه المناسبات بكل الوهج الوطني، تعزيزاً لسيادة الوطن، وتكريساً لكرامة الشعب، وتمجيداً للشهداء الذين قدموا أرواحهم دفاعاً عن بلدهم.

في لبنان، وبعد ٢٣ عاماً على دحر الإحتلال الإسرائيلي من الجنوب والبقاع الغربي، ورغم تكريس ٢٥ أيار يوم عطلة رسمية، مازالت احتفالات هذه المناسبة الوطنية بإمتياز، مقتصرة على فريق من اللبنانيين، والدولة تكتفي بالتعامل البارد معها، الأمر الذي حوّلها إلى أحد عوامل الإنقسام الطائفي والمناطقي في البلد.

وإذا كانت الدولة غارقة في غيبوبتها المعهودة عن القضايا الوطنية ذات الحساسية المفرطة، فإن حزب الله بالمقابل لم يقم بالجهود المطلوبة لتحويل هذا الإنتصار على العدو إلى إنجاز وطني شامل، وعدم حصره بحزب محدد وطائفة معينة ومنطقة واحدة، وبمعزل عن مشاركة بقية الأحزاب والطوائف والمناطق الأخرى.

صحيح أن حزب الله وحركة أمل خاصة، والطائفة الشيعية عامة، قدموا الكثير من التضحيات في مجابهة الإحتلال، ولكن ثمة أحزاب وتيارات سياسية كانوا قد سبقوا الحزب في مقارعة العدو، وقدموا العديد من الشهداء، قبل إخلاء الساحة بموجب ترتيبات سورية ــ إيرانية، لا مجال للخوض في تفاصيلها في هذه العجالة.

إخراج يوم التحرير من الشرنقة الطائفية يبقى مسؤولية ثنائي المقاومة، الحزب والحركة، أولاً وأخيراً، لأننا نريد ٢٥ أيار عيداً وطنياً شاملاً، يشارك في إحتفالاته كل اللبنانيين، مسلمين ومسيحيين، وتتسابق كل المناطق في إحيائه، من المتن وكسروان وجبيل والبترون وصولا إلى طرابلس وأقاصي عكار، ومن بيروت إلى الجبل وزحلة وكل قرى البقاع، وطبعاً صيدا وكل الجنوب.

فهل يتحقق هذا الحلم الوطني في ٢٥ أيار العام القادم؟

Leave A Reply