أوراق بيضاء وصور ساخرة.. الصينيون يبتكرون أساليب احتجاجية لتفادي الاعتقال

لجأ متظاهرون صينيون إلى الأوراق البيضاء الفارغة والصور الساخرة “الميمز”، للاحتجاج على السلطات في المظاهرات “غير المسبوقة” التي تعرفها مدن مختلفة بالبلاد.

وتشهد الصين احتجاجات غاضبة رافضة لسياسات “صفر كوفيد” التي تتبعها بكين، لمنع انتشار فيروس كورونا، وامتدت المظاهرات، من مدينة شنغهاي إلى 12 مدينة صينية أخرى.

وعمد المحتجون إلى ابتكار “أساليب جديدة للاحتجاج” تجنبا للاعتقال، وذلك في مواجهة سلطات بلادهم التي لا تسمح بـ”معارضة علنية”، بحسب نيويورك تايمز.

وتطورت وقفة احتجاجية بشنغهاي، إلى مظاهرة واسعة في الشارع العام، حمل خلالها الكثيرون أوراق بيضاء فارغة، للتنديد بإجراءات السلطات والتعبير عن رفضهم لاستمرار قرارات الإغلاق.

وفي بكين، رفع طلاب بجامعة تسينغهوا لافتات لمعادلة حسابية ابتكرها الفيزيائي الروسي ألكسندر فريدمان، الذي يعتبر لقبه باللغة الصينية مرادفا لمصطلح “الرجل الحر”.

وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الرسائل “المراوغة والمبتكرة”، تميز الاحتجاجات التي تشهدها مناطق مختلفة بالصين، منذ نهاية الأسبوع الماضي، حيث تطور الغضب من استمرار قرارات الإغلاق، بعدما يقرب ثلاث سنوات من انتشار فيروس كورونا إلى واحد من “أجرأ مظاهر معارضة السلطات منذ سنوات”.

وانطلقت موجة الاحتجاجات الجديدة، بعد اندلاع حريق أسفر عن مقتل 10 أشخاص في منطقة شينجيانغ أقصى غرب البلاد، الخميس الماضي، ويحمل المتظاهرون مسؤولية الحادثة إلى القيود التي تفرضها السلطات لمنع انتشار كورونا.

ويرفع المتظاهرون الأوراق البيضاء الفارغة، حدادا على من فقدوا، حيث يعد الأبيض لونا جنائزيا شائعا في الصين، وأيضا تعبيرا عن الغضب الذي يحس به ملايين الصينيين الذين عانوا من استمرار قيود الوباء، بحسب نيويورك تايمز.

منتجة الأفلام البالغة من العمر 29 عاما هازل ليو، والتي حضرت وقفة احتجاجية بالعاصمة بكين، الأحد، تقول إن رفع الأوراق البيضاء، “يعني ألا صوت لنا، لكننا مع ذلك أقوياء”.

وبأورومتشي في شنغهاي، استخدم مجموعة من الأشخاص الذين تجمعوا لتكريم أرواح المفقودين في الحريق، أوراق بيضاء، للتعبير عن حزنهم بعد الحادثة، ولكن مع تجمع المزيد من الناس، تحولت مشاعر الألم والإحباط إلى احتجاجات ضد الحكومة.

وبحلول وقت متأخر من مساء يوم السبت، انتشرت هذه الوسيلة الاحتجاجية، حيث تظاهر مئات المحتجين حاملين أوراق فارغة، ورفعوها إلى السماء للمطالبة بإنهاء قيود كورونا.

الباحث في مجال حرية التعبير على الإنترنت بجامعة كاليفورنيا بيركلي، شياو تشيانغ، قال إن المحتجين في الشوارع الصينية “كانت لديهم رسالة مشتركة”، مضيفا: “إنهم يعرفون ما يريدون التعبير عنه، والسلطات تعرف ذلك أيضا، لذلك لا يحتاج الناس إلى قول أي شيء. إذا كنت تحمل ورقة فارغة، فسيعلم الجميع ما تقصده”.

وكشف بعض المتظاهرين لصحيفة نيويورك تايمز، أن استخدام الأوراق البيضاء مستلهم من نكتة تعود إلى الحقبة السوفيتية، حيث تم إيقاف معارض بتهمة توزيع منشورات فارغة في ميدان عام، وبعدما سألته الشرطة عن خلفيات عدم كتابته أي شيء على الورق، أجاب “لا حاجة للكلمات لأن الجميع يعرف ما يريد أن يقوله”.

وخلال الموجة الجديدة من الاحتجاجات في الصين، انتشرت مقاطع فيديو وصور لأوراق بيضاء فارغة على نطاق واسع أيضا، خارج الإنترنت الصيني الخاضع للرقابة.

ولجأ متظاهرون على الانترنت إلى السخرية كوسيلة للاحتجاج، ونشر عدد منهم من صور وتعليقات، تتضمن كلمات صينية من قبيل “نعم” و “جيد” و “صحيح”، للإشارة إلى استيائهم من الرقابة المفروضة.

ونهاية الأسبوع الماضي، تداول رواد تويتر هاشتاغ “A4Revolution” – إشارة إلى حجم الأوراق – على نطاق واسع.

وعلى موقع فيسبوك، قام مستخدمون بتغيير صور ملفاتهم الشخصية إلى أوراق فارغة دعما للاحتجاجات.

كما عرفت وسائط التواصل الاجتماعي، انتشار صور ساخرة تنتقد السلطات بشكل ضمني، ويتداول على نطاق واسع

“ميمز Memes”، تشير إلى أن السلطات الصينية ستعلق مبيعات الورق، “لحماية الأمن والاستقرار الوطنيين”.

وفي أحد مراكز التسوق في شنغهاي الأحد، رفع رجل يرتدي نظارات براقة، كتب عليها “أنت تعرف ما أريد أن أقوله”.

وبالقرب من المدينة ذاتها، على طريق أورومتشي، وقف رجل آخر وسط الشارع يرفع زهرة في السماء، ويسأل المارة “ما الذي تخاف منه؟”ـ لكن سرعان ما أوقفته الشرطة.

وبالمقابل، ذهب بعض المتظاهرين إلى إدانة السلطات بشكل مباشر، من خلال شجب قراراتها بلغة واضحة وصريحة، كما وصلت حدة الاحتجاجات في مناطق بالبلاد، إلى مطالبة زعيم البلاد شي جين بينغ، بالتنحي.

Follow Us: 

Leave A Reply