بين رفع الأجور وتحرير الدولار الجمركي ″ضحك على الذقون″

عبد الكافي الصمد

هدّد بعض أركان السّلطة ووزراء في حكومة تصريف الأعمال ومسؤولين إقتصاديين بأنّ أيّ رفع لأجور موظفي القطاع العام، وهي أجور باتت تساوي نحو 5 في المئة فقط من قيمتها الحقيقية، ينبغي أن يسبقه أو يرافقه أو يتبعه على الفور رفع قيمة الدولار الجمركي، وإلّا لن يحصل أيّ تحسين على الرواتب.

وزاد الطين بِلّة ما أعلنه وزير الإقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام في الآونة الأخيرةً من أن رفع الدعم عن الطحين، وهو رفع يعتبره ضرورياً ولا مفرّ منه في نهاية الأمر، سيرفع سعر ربطة الخبز إلى ما بين 30 ـ 35 ألف ليرة، من غير أن يكلف نفسه عناء الرد على أسئلة كثيرة تتعلق بوزارته، أبرزها: أين رقابة وزارته على الطحين المدعوم، وأين رقابة وزارته أيضاً على المطاحن والأفران والتجار، وأين رقابة وزارته كذلك على السّوق السّوداء للطحين والخبز التي باتت تتحكم بلقمة عيش المواطن، وكيف سيستطيع الفقراء الذين باتوا يشكلون أغلب سكّان لبنان، تأمين قوت يومهم لهم ولعائلاتهم إذا وصل سعر ربطة الخبز إلى هذا الحدّ؟

لكن بما يتعلق بزيادة أجور الموظفين في القطاع العام الذين أعلنوا منذ نحو شهر إضراباً مفتوحاً، فإنّ عملية تضليل واسعة للرأي العام تمارس بحقهم، مفادها أنّ رفع أجورهم سيؤدّي إلى انهيار إضافي في قيمة الليرة اللبنانية، وبأنّ مداخيل الدولة التي تراجعت كثيراً في الآونة الأخيرة لا يمكنها تحمّل زيادة الأجور بلا تأمين مصادر دخل لخزينة الدولة، وأنّ رفع قيمة الدولار الجمركي، أيّ تحريره من سعره الرسمي السّابق وهو 1500 ليرة إلى 30 ألف ليرة في السّوق السوداء كما هو حالياً، هو الحل الوحيد، برغم أنّ رفع قيمة الدولار الجمركي سيؤدّي إلى كوارث معيشية على المواطنين، كون السّلع المستودرة سيرتفع سعرها 20 ضعفاً على الأقل عما هي عليه اليوم، خصوصاً وأنّ لبنان يستورد أكثر من 80 في المئة من حاجاته، وسيحوّل حياة المواطنين في بلدهم إلى جحيم حقيقي.

فقد كشف وزير الأشغال العامّة والنقل في حكومة تصريف الأعمال علي حمية، أمس، في تصريح له حجم التضليل الذي يمارس، أنّه “بإمكان الدولة الحصول على الإيرادات من دون المساس بجيوب المواطنين، وأنّ هناك مشاريع قوانين أقرّت تسمح لنا بالحصول على الدولارات من دون أن نزيد ليرة واحدة على المواطن، فلبنان ليس بلداً مفلساً، بل هو يعيش ضائقة مالية، وبالتنظيم يمكن أن نحصل على إيرادات للخزينة عبر الوزارات”.

وأوضح حمية أنّ “شركات الطيران التي تستخدم مطار بيروت الدولي تتقاضى بالدولار وتعطي الدولة بالليرة، ولو أخذنا الرسوم منها بالدولار كونها تقبض بالدولار، لأمكن تأمين مبلغ 10 مليار دولار سنوياً للخزينة العامّة، وهو مبلغ يغطي رواتب القطاع العام”.

فمن يُقدم على هذه الخطوة الإنقاذية، ومتى يتوقف تضليل الرأي العام والضحك عليه وإخفاء الحقائق عنه؟..

Leave A Reply