“المنفيون في رواية حاتم حافظ… “كقطة تعبر الطريق

تصدر خلال أيام عن “الدار المصرية اللبنانية” في القاهرة، رواية “كقطة تعبر الطريق”، والتي يخوض من خلالها الروائي المصري حاتم حافظ مغامرة جديدة وغير معتادة في الأدب المصري، ليس لأنّ شخصيات روايته من غير المصريين، وإنما لكون الأحداث نفسها تدور بالكامل في “المنافي” بين بازل السويسرية وباريس الفرنسية، فضلاً عن منافي أخرى في الخلفية.

ينطلق حاتم حافظ من المأزق السوري، لينتشل بطلته “عالية” من تحت أنقاض البلد الذي دمرته الحرب، ويجعلها بطلة لروايته. تهاجر عالية برفقة طفلتها لتستقرّ في باريس مترجمةً أدبية لحساب إحدى دور النشر، حيث تجد نفسها في مهمة لترجمة رواية عن جميع الأمكنة التي لم يعد لها وجود خارج ذاكرتها.

بالتقاطع مع عالية سيظهر “ميشيل”، الفرنسي، الذي يتقاسم معها السرد في الجزء الأول من الرواية بمقدار ما يقتسم معها الحياة ومأزق الوجود، قبل أن يصبح كلاهما، بجانب شخصيات أخرى، موضوعًا للرواي العليم في الجزء الثاني.

تحفل الرواية بمغامرة على مستوى التكوين والبنية والشكل الروائي، ما يضعها في مصاف الأعمال التي تقدم اقتراحات فنية جديدة وغير تقليدية في السرد المصري الجديد.

بالإضافة الى “عالية” و”ميشيل”، ينهض رهط من الجنسيات، جميعها هاربة من حروبها، مثل “أولغا” العجوز من بيلاروسيا الهاربة قبل سنوات من جحيم تشيرنوبل، و”سهيلة” العراقية الباحثة بلا جدوى عن نفسها على خلفية وطن مرتبك مفتت، و”نعمة” التونسية الممزقة بين عدة هويات، و”إيهاب” المصري الذي يخفي جنسيته ليقدّم نفسه كهندي، وغيرها.

“كقطة تعبر الطريق” رواية موضوعها “العالم” وليس مكاناً بعينه أو هوية دون غيرها. إنها رواية الإنسان المنسحق في آلة العولمة الجبارة، والذائب في مقدرات خلقتها قوى هائلة تحدد له مصيره وتمزق خرائطه لتدفعه نحو الموت أو الجنون.

جميع شخوص هذه الرواية مغتربون، كلٌ منهم هارب من حربه الكبرى والخاصة معاً، باحث عن طوق نجاة ينتشله من جحيمه الشخصي. كل شخص هنا يعبر ضفته نحو ضفة أخرى، عبوراً سريعاً مرتبكاً، بالضبط كقطة تعبر الطريق طامحةً في الوصول للرصيف المقابل. لكنّ حياتها قد تضيع في لحظة، تحت عجلات سيارةٍ مسرعة.

عن الكاتب:

حاتم حافظ روائي وأكاديمي مصري، يكتب أيضًا المسرح والسيناريو والنقد الثقافي، أصدر عدداً من الأعمال الروائية والقصصية والفكرية التي حازت التفاتاً نقدياً ملحوظاً، منها “بسكويت وعسل أسود”، “لأن الاشياء تحدث”، “موسيقى لليلة قصيرة”، “إسلام أم إسلاميات.. قراءة في الخطاب الديني المعاصر”. كتب حاتم حافظ عديد الأعمال الدرامية الناجحة، منها “استيفا” و”الشارع اللي ورانا”. ترجمت نصوصه الى أكثر من لغة كما قُدمت عروضه المسرحية في أكثر من بلد أوروبي منها ألمانيا وفرنسا.

مقتطف من الرواية

“أنا غاضبة… غاضبة لأني مجبرة على رحيل لا أريده.. غاضبة لأني مجبرة على العيش في بلاد لا أريدها.. غاضبة لأني مجبرة على عمل لا أريده.. غاضبة لأني مجبرة على قطع مسافات لا أريد قطعها وطرق لا أريد عبورها.. أنا غاضبة.. غاضبة لأن أمي تموت في بلد لا تريده وسوف تُدفن في أرض لا تريدها.. غاضبة لأني حتى لن أكون هناك لأبكيها.. غاضبة لأنها سوف ترحل وحدها في صمت.. دون بكاء.. أو نحيب.. أو لطمة.. أو صرخة غاضبة.. لأن أحداً لا يعرف أمي.. لأن أمي لم يعد لها أحد. لأن الراحلين رحلوا والغاضبين غضبوا والميتين ماتوا دون أن يسألونا عن رأينا “.

المصدر النهار العربي

كقطة تعبر الطريق-الغلاف

Leave A Reply