رشاف لم تنكسر … واجَهْنا وصَبَرْنا وعُدْنا

بلدة رشاف هي إحدى القرى اللبنانية من قرى قضاء بنت جبيل في محافظة النبطية، وتسميتها تعود إلى رشف، وهو إله البرق والرّعد والنّور عند الفينيقيين. تحدّها دبل جنوباً، صربّين شمالاً، بيت ليف غرباً، والطيري وحدّاثا شرقاً. ترتفع عن سطح البحر 750 متراً مساحتها 680 هكتاراً، ويعتمد أهلها على الزراعة كمصدر أساسي للعيش كزراعة الزيتون والتبغ والحبوب، كما وتشتهر بتربية النحل وانتاج العسل .

البلدة تحرّرت عام 2000 بعد اندحار العدو الإسرائيلي من جنوب لبنان، ونالت نصيبها من الدمار الكلي خلال عدوان تموز عام 2006 الذي طاول البشر والحجر، وفق رئيس بلديتها الحاج محمد عسيلي، وقد تضرّرت فيها البنى التحتية بشكل كبير، لكن أعيد بناؤها مجدّداً، وتمّ رفع آثار العدوان لتكون ملاذاً آمنا لجميع أهالي البلدة. وخلال عدوان أيلول 2024 ، قدّمت البلدة 27 شهيداً من أبنائها.

يبلغ عدد سكان رشاف حوالى 1500 نسمة شتاء و2500 نسمة صيفاً، “نزح نصفهم خلال معركة طوفان الأقصى وحرب الإسناد، وصمد فيها النصف الآخر، إلى أن بدأت معركة أولي البأس، حيث نزح كافة أهالي البلدة بشكل كامل إلى العاصمة بيروت وقرى الشمال ومنهم من غادر إلى خارج لبنان، كما روى عسيلي، إلاّ أنّ عودتهم إلى البلدة كانت سريعة، خلافاً للتوقّعات، عند اعلان وقف إطلاق النار منذ اليوم الأول، وقد تجاوزت نسبة العائدين 60 بالمئة بالرغم من التهديدات الإسرائيلية اليومية، كون البلدة تعتبر من القرى الأمامية ولا تغيب أصوات التفجيرات اليومية المتكرّرة وطائرات الإستطلاع فوقها.

وقد نالت البلدة نصيبها من العدوان الأخير، وقد طاول 90 بالمئة من المنازل والبنى التحتية فيها، كما أصيبت المساجد والنادي الحسيني بأضرار جسيمة، ولحق التدمير الكلي ودُمّر مبنى البلدية ومستوصفها بشكل كلّي، وأصيبت اكثر من 420 وحدة سكنية بأضرار كلّية أو جزئية. ولم يوفّر العدو من إجرامه الأراضي الزراعية والحقول في البلدة، وقضى ايضاً على الثروة الحيوانية من أبقار وماعز، من دون أن ينسى استهداف الآليات ومن بينها سيارات الإسعاف.

وأوضح عسيلي أنّ فرق البلدية أجرت مسحاً كاملاً على المنازل والآليات والثروة الزراعية والحيوانية، وأنّ مؤسسة “جهاد البناء” قد سلّمت جزءاً من التعويضات للمتضرّرين.

وذكّر أنّ البلدية عملت على رأس فريق عمل شكّلته منذ اليوم الأول، على رفع آثار العدوان عن البلدة، ففتحت الطرقات ورفعت الركام وساهمت في عملية البحث عن جثامين 8 شهداء، وتمكّنت منذ اليوم الثاني على وقف إطلاق النار من إعادة تيار المولّدات إلى كافة أحياء البلدة بعد صيانة شبكتها، فيما لا يزال تيار مؤسسة كهرباء لبنان غائباً عنها بفِعل تضرّر الشبكة بشكل كامل، إضافة إلى تضرّر شبكة المياه على الخطوط الرئيسية جراء الغارات الإسرائيلية. كما عملت البلدية مع المتطوعين على جمع النفايات من الأحياء والطرقات الرئيسية. وتحدّث عن اجرائه العديد من الإتصالات مع الجهات المانحة وعدد من المغتربين من أهالي البلدة لتأمين الأموال اللازمة لمتابعة الأعمال، بعد تأهيل وتجهيز مركز بلدي موقّت وتأمين آليات للبلدية.

اخيراً، شدّد عسيلي على أنّه “بالرغم من معاناة النزوح الكبيرة، أو العودة الى البلدة المصحوبة بالألم على فقدان الشهداء، إضافة إلى مشهد العدوان وآثاره، فالطريقة الوحيدة لحفظ الأرض والكرامة هي بالمقاومة والوفاء لها، مهما تجرّأ العدو على العدوان مجدّداً، وسنعيد بلدتنا أجمل ممّا كانت، بصبر أهلنا وعزيمة المجلس البلدي”.

المدى

Leave A Reply