الأحد, ديسمبر 8
Banner

باسيل يستمر في مغامرته: خسارة الحلفاء من غير ان يربح الخصوم!

منذ اتخاذه قراره بالإبتعاد عن حزب الله قبل أكثر من سنة، وفكّ تحالفه السّياسي معه، لم ينفكّ رئيس التيّار الوطني الحرّ النائب جبران باسيل ينسف ما تبقى من جسور تلاقٍ خلفه مع الحزب، بشكل تدريجي، بشكل جعل إنطباعاً يترسّخ بأنّ إمكانية عودة التلاقي بين باسيل وحزب الله، سياسياً وإنتخابياً، صعبة جدّاً، وأنّ تكلفتها السّياسية على باسيل ستكون كبيرة للغاية.

قبل أن يُعلن باسيل فكّ إرتباطه وتحالفه مع حزب الله، وسقوط ورقة التفاهم التي وُقعت بين الحزب والتيّار في شباط من العام 2006، كان أبدى رفضه إعلان الحزب حرب الإسناد والدعم لقطاع غزة التي أعلنها الحزب في 8 تشرين الأول من العام 2023، بعد يوم واحد من عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها حركة حماس ضد جيش الكيان الإسرائيلي، معطياً لهذا الرفض من وجهة نظره تبريرات مختلفة.

يوم أمس جدّد باسيل موقفه من فكّ التحالف مع حزب الله، ومن رفضه حرب الدعم والإسناد التي أعلنها الحزب بعدما دخلت شهرها الرابع عشر، عندما دعا إلى “الكفّ عن ربط لبنان ومصالحه بأمور خارجة عن إرادته”، متقاطعاً بذلك مع مواقف نواب وكتل المعارضة المناوئة للحزب والمقاومة، وعلى رأسها حزب القوات اللبنانية الذي يُعدّ أبرز خصم سياسي للتيّار البرتقالي على السّاحة المسيحية.

غير أنّ باسيل بتأكيده أمس على مواقفه السّابقة وقع في تناقضات عديدة، ما أعطى فكرة عن حجم الإرباك الذي يعانيه وتيّاره، سواء داخل القلعة البرتقالية أو خارجها، ومن أبرز هذه التناقضات النقاط التالية:

أولاً: إتهم باسيل الثنائي الشّيعي، حزب الله وحركة أمل، أنّهما بوضعهما شرط وقف إطلاق النّار لانتخاب رئيس للجمهورية إنّما يضغطان على لبنان واللبنانيين وليس على العدو الإسرائيلي، مستنكراً هذا الشرط، ومتناسياً أنّه كان هو المعرقل الرئيسي لانتخاب رئيس للجمهورية منذ الفراغ الرئاسي قبل أكثر من سنتين، عندما رفض إنتخاب رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية رئيساً، رافضاً التجاوب مع دعوة حزب الله في هذا الصدد، وأنّه لو فعل ذلك لكان وفّر على لبنان واللبنانيين الكثير من الوقت والأزمات، ومتناسياً كذلك وقوف حزب الله بجانبه وبجانب عمّه الرئيس السّابق ميشال عون لجهة عدم قبوله إنتخاب رئيس جديد للجمهورية لأكثر من سنتين ونيّف (بين العامين 2014 و2016) لا يكون الجنرال عون، وعدم قبول الحزب تشكيل أيّ حكومة لا ينال فيها عون وباسيل مطالبهما فيها.

ثانياً: وجّه باسيل للمقاومة إتهاماً واضحاً بقوله إنّ “المقاومة يجب أن تكون بخدمة البلد وليس البلد بخدمة المقاومة”، وهو موقف يناقض جميع مواقفه السّابقة التي أطلقها منذ وثيقة التفاهم في العام 2006، عندما كان يصف المقاومة بأنّها تحمي لبنان، وهي تُشكّل “ضمانة” للبلد، قبل أن ينقلب عليها بعد فكّ تحالفه مع حزب الله، ما دفع للسؤال: هل أنّ خدمة المقاومة لباسيل وتيّاره هي بمثابة خدمة للبلد، وأنّه عندما تنتفي هذه الخدمة لا تكون المقاومة في خدمة البلد؟

ثالثاً: عندما يبتعد باسيل إلى هذا الحدّ مع حزب الله، فإنّه يكون بذلك قد خسر حليفه الرئيسي والوحيد، من غير أن يربح بالمقابل أيّ حليف آخر بديل له بسبب الخصومة الشديدة له مع جميع الأحزاب والتيّارات السّياسية على السّاحتين الإسلامية والمسيحية، ما يجعل باسيل يقف وحيداً وسط تطوّرات وتحوّلات هائلة يشهدها لبنان والمنطقة.

عبدالكافي الصمد 

Leave A Reply