تشريع ناقص في حضرة حكومة “كاملة المواصفات”

سابين عويس – النهار

من جلسات انتخاب هيئة مكتبه الى الجلسات العامة، سلك المجلس النيابي الجديد المنبثق من انتخابات 15 أيار الماضي طريقه نحو التشريع، ليخوض النواب الجدد اول تجربة حقيقية في العمل التشريعي.

قد لا تكون التقليعة مبشّرة شكلًا ومضموناً طالما انها تتم في ظل حكومة مستقيلة، ما يعطي عملها طابع الضرورة، في ظل ما تم انجازه من مشاريع واقتراحات قوانين، في حين ان الشكل تأثر بالمساجلات التي استجدت بين نواب تغييريين ورئيس المجلس، ما استدعى دعماً نيابياً من كتلة الرئيس نبيه بري، انحدر فيها مستوى التخاطب، عاكساً حجم الهوة، ليس في السياسة فحسب، بل بين جيلين سياسيين لا تجمع بينهما أية قواسم مشتركة، ملزمين بمساكنة جبرية على مدى السنوات الاربع المقبلة، الحافلة بتحديات واستحقاقات جدية وبالغة الخطورة، لم ترقَ المناقشات الى مستوى مقاربتها، وهو أسوأ ما عكسته اجواء الجلسة.

ملاحظات كثيرة أمكن تسجيلها على هامش اول جلسة تشريعية للبرلمان الجديد، تعبٓر في جوانب عدة منها عن واقع البلد اليوم وعن أفق المرحلة المقبلة.

أولى هذه الملاحظات ان أياً من الكلمات او النقاشات لم يعكس وجود رؤية او تصور للمرحلة المقبلة، ما يؤكد أن اياً من الافرقاء السياسيين الممثلين في المجلس لا يملك أفقاً واضحاً، حتى على مستوى الأحزاب ذات الاجندات الواضحة.

صحيح ان الاعراف المتبعة تقول بحضور أعضاء في السلك الديبلوماسي أولى الجلسات التشريعية للبرلمان المنتخب حديثاً، وهذا ما فسٓر مشاركة السفيرة الأميركية دوروثي شيا، في حين لفت غياب السفيرة الفرنسية التي تتابع بلادها عن كثب الملف اللبناني، وهي تعوٓل في شكل كبير على المجلس الجديد لإطلاق ورشة تشريعية تواكب الإصلاحات المطلوبة من صندوق النقد الدولي. وقد عبٓر عن هذا الموقف منسق المساعدات الدولية للبنان السفير بيار دوكان في زيارته لبيروت قبل ايام عندما كشف عن تفاؤل نسبي بوجود سلطة تشريعية جديدة قادرة على اقرار الإصلاحات المطلوبة. لكن الحضور الديبلوماسي الضعيف يعبّر في جانب آخر منه عن عدم اهتمام خارجي او عدم اقتناع بإنتاجية الجلسة سيما وان جدول أعمالها لم يحمل البنود المهمة المطلوبة دولياً.

وهذا يقود الى الملاحظة الثالثة، اذ ان الجلسة وعلى اهمية انعقادها في الظروف الراهنة في ظل حكومة تصريف اعمال، كان يؤمل منها ان تناقش وتقر البنود الملحّة مثل خطة التعافي وموازنة 2022 و”الكابيتال كونترول”، وهذه مشاريع مدرجة ضمن رزمة الإجراءات المسبقة التي التزمها لبنان امام الصندوق، لكنها لم تكن مدرجة على جدول اعمال الجلسة، باستثناء قانون تعديل السرية المصرفية الذي أقر معدلاً. واذا كانت الجلسة تناولت شؤوناً حياتية ومعيشية انطلاقاً من ازمة القمح، خصوصاً ان الموضوع مدرج على جدول الاعمال من باب اتفاقية القرض مع البنك الدولي للاستجابة لحاجات لبنان من الطحين وقيمته 150 مليون دولار، فإن النقاشات لم ترقَ الى مستوى مواجهة الأزمة، وان كان رئيس الحكومة المستقيل اعترف صراحة بأن 400 الف ربطة خبز تُهرب يومياً.

ما بين الكلام الذي يعبّر عن وجع الناس، كان كلام من نوع آخر عبٓر عنه النائب جبران باسيل متوجهاً به بأسلوب السخرية او الاستهزاء الى رئيس الحكومة، ما جعل الجلسة بأداء نوابها، تخرج عن ابسط قواعد الالتزام بحجم الأزمة وعمقها ومقاربتها.

الملاحظة الرابعة وربما الاهم ان المجلس كان في حضرة حكومة كاملة المواصفات، رغم انها حكومة تصريف اعمال. وزراء تحدثوا عن وزاراتهم وادائهم، ورئيس حكومة مستقيلة يسترد مشروعاً لإعادة درسه، ونقاش في خطط ومشاريع المرحلة المقبلة. وهذا الأداء اللافت لميقاتي والوزراء يؤكد المؤكد لجهة ان لا حكومة في المدى القريب، وان تصريف الاعمال سيتمدد ويتوسع بما يفعٓل عمل الحكومة المستقيلة في انتظار تبيّن الخطط الموضوعة للاستحقاق الرئاسي!

Leave A Reply