سوق النفط .. قوى متضادة تدفع الأسعار في اتجاهين ومخاوف التباطؤ تقلق المستثمرين

واصلت أسعار النفط الخام مكاسبها الأسبوعية القوية مدعومة بتزايد توقعات سرعة تعافي الطلب الصيني بعد تراجع الإصابات الجديدة بفيروس كورونا، وبدء خطة فتح البلاد من مطلع حزيران (يونيو) المقبل، كما تدعم الأسعار خطط الاتحاد الأوروبي في فرض حظر على النفط الروسي، رغم اعتراض وتحفظ من جانب المجر.

ويستعد وزراء الطاقة في تحالف “أوبك +” لعقد اجتماع شهري جديد مطلع حزيران (يونيو) المقبل لتقييم أحدث بيانات العرض والطلب والمخزونات، وتحديد مصير الزيادة الشهرية في الإمدادات التي تبلغ 432 ألف برميل يوميا، التي تلقى صعوبة في الوفاء بها خاصة في ظل أزمة الإنتاج الروسي الراهنة.

وفي هذا السياق، ذكر تقرير “أويل برايس” الدولي أن أسعار النفط سجلت مكاسب أسبوعية صغيرة، لكنها مكاسب مع ذلك – الرابعة على التوالي – حيث تكافح إمدادات البنزين والديزل على مستوى العالم لتلبية الطلب المتزايد قبل موسم القيادة الصيفي.

وأشار التقرير إلى اختفاء خصم خام غرب تكساس الوسيط مقارنة بالمعيار القياسي الدولي برنت، حيث وصلت مخزونات المنتجات في الولايات المتحدة إلى أدنى مستوياتها في عدة أعوام، بينما يستمر الطلب المحلي على البنزين في الارتفاع على الرغم من الأسعار القياسية المرتفعة، ومن المتوقع أن يزداد الطلب بشكل أكبر مع موسم القيادة الصيفي.

وأوضح أن النفط الخام اجتاز أسبوعا متقلبا للغاية مرة أخرى، حيث أدت قوى السوق الصعودية والهابطة إلى دفع الأسعار في كلا الاتجاهين، لافتا إلى أن المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي وحتى الركود أخافت المستثمرين والمضاربين في منتصف الأسبوع، حيث انضمت سوق النفط، الأربعاء، إلى عمليات البيع المكثفة في الأسهم في وول ستريت.

ولفت التقرير إلى تزايد المخاوف من حدوث ركود، حيث قال المحللون “إن الاحتمالات آخذة في الارتفاع ودفعت المشاركين في السوق إلى الانسحاب من عديد من الأصول الخطرة، وعلى الجانب الصعودي أشارت الصين إلى إعادة فتح مؤقت في شنغهاي من أول حزيران (يونيو) المقبل على الرغم من اكتشاف بعض الحالات الجديدة في المدينة”، مشيرا إلى تأكيد المحللين أن انخفاض مخزونات الوقود في الولايات المتحدة وتراجعا آخر في مخزونات البنزين الأسبوع الماضي دعما أسعار النفط وسيستمران في ذلك، حيث سيكافح العرض لمواكبة الطلب المرتفع في الصيف.

ونوه التقرير بالعوامل المتضادة، مشيرا الى أن السوق لم تنخفض إلى ما دون مائة دولار للبرميل، وهو ما يسلط الضوء على القوة الأساسية مع نقص المعروض من الوقود الرئيس والعقوبات على النفط الخام الروسي، بينما تكافح “أوبك” لزيادة الإنتاج على الرغم من الصعوبات الحالية التي أضيفت إليها الاضطرابات في ليبيا، ما يعزز فرص المكاسب السعرية.

ونقل عن محللين في ساكسو بنك تأكيدهم أنه مع احتمال أن تبدأ الصين بتخفيف عمليات الإغلاق ومع استمرار تزايد الاضطرابات في ليبيا لا تزال المخاطر قصيرة الأجل تدعم بشدة ارتفاع الأسعار، منوها بأنه على الرغم من احتمالية تباطؤ النمو الاقتصادي العالمي لا يزال سعر النفط الخام مدعوما مع الحفاظ على النطاق الواسع من 90 إلى 120 دولارا لخام برنت خلال الربع الحالي مع استمرار مستوى نقص الاستثمار ومساعي “أوبك” لزيادة الإنتاج، حيث سيستمر ذلك في دعم الأسعار خلال الأرباع المقبلة.

من جانبه ذكر تقرير “ريج زون” الدولي أن النفط الخام حقق مكاسب أسبوعية جيدة، حيث أدى ارتفاع الطلب على الوقود إلى تعويض المخاوف الاقتصادية الأوسع، كما سجل النفط مكاسبه الأسبوعية الرابعة على التوالي، وظلت أسواق المنتجات ضيقة وسط طلب قوي متجاوزا المخاوف بشأن التباطؤ الاقتصادي الذي أدى إلى اضطراب الأسواق المالية.

وأضاف التقرير أنه “على الرغم من التقلبات في التداول، سجل النفط أفضل مستوى من الزيادات الأسبوعية منذ منتصف شباط (فبراير) الماضي، كما أدى ارتفاع الطلب على وقود السيارات وتقلص المخزونات قبل موسم القيادة الصيفي، إلى تأكيد حالة العرض الضيقة بشكل أساسي حتى مع المخاوف الاقتصادية الأوسع التي هزت أسواق الأسهم”.

ونقل التقرير عن محللين دوليين تأكيدهم أنه لا يزال هناك انفصال بين أسواق المخاطر المالية المرتبطة بالأصول المالية الخام والسوق الفعلية التي تحاول استيعاب إصدارات احتياطي البترول الاستراتيجي لتلبية الطلب على المنتج، موضحا أن هذا الانقسام يبقي الأسواق مجزأة ومتقلبة، وقد ينتهي به الأمر إلى أن يكون صيفا صعبا على كل تجار الطاقة.

وأشار إلى ارتفاع أسعار النفط الخام 50 في المائة تقريبا هذا العام بدعم رئيس أيضا من التدخل الروسي في أوكرانيا الذي أرسل موجات من الصدمة عبر الأسواق، في حين أعلنت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة حظرا على الصادرات الروسية، بينما زادت التدفقات إلى آسيا.

ولفت إلى سعي الصين إلى تجديد مخزوناتها الاستراتيجية من النفط الروسي الرخيص حتى في الوقت الذي يكافح فيه المسؤولون لقمع تفشي فيروس كورونا في البلاد، كما عززت الهند مشترياتها، موضحا أن هناك إشارات متضاربة من الصين في ختام الأسبوع الماضي، حيث إنه في حين خفضت البنوك سعر الفائدة الرئيس للقروض طويلة الأجل بمعدل قياسي لتعزيز الاقتصاد المتباطئ وجدت شنغهاي أولى حالات الإصابة بفيروس كوفيد – 19 خارج الحجر الصحي في ستة أيام، ما يثير تساؤلات حول إذا ما كان تخفيف إغلاق المدينة سيتأثر.

ونوه التقرير بمراقبة التجار أيضا من كثب سوق المنتجات المكررة، حيث تتزامن أزمة عالمية على المخزونات مع دخول موسم القيادة الصيفي، موضحا أن بيانات الخام الأمريكي كشفت في الأسبوع الماضي، عن استمرار ضيق السوق مع انخفاض مخزونات البنزين، حيث وصلت إلى أدنى مستوى منذ كانون الأول (ديسمبر) مع استمرار انتعاش الطلب.

وعد التقرير قفزة أسعار النفط الخام بسبب الحرب الروسية أسهمت في أسرع تضخم منذ عقود، ما دفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي إلى التعهد بأنه سيستمر في رفع أسعار الفائدة حتى تظهر إشارات واضحة على تراجع ضغوط الأسعار، ولا سيما أن وضع سوق النفط المتوتر أدى إلى تحولات جامحة في شهية المستثمرين للمخاطرة وتأرجح أسواق الأسهم والسندات والسلع.

من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار في ختام الأسبوع الماضي، ارتفعت أسعار النفط خلال تداولات الجمعة، في ظل تكهنات بعودة الطلب الصيني إلى قوته، ليسجل الخام مكاسب هذا الأسبوع، وكانت السلطات الصينية قد كشفت عن موعد تخفيف قيود الإغلاق في شنغهاي وعدد من المناطق بداية من الشهر المقبل بعد أسابيع من الإغلاق بسبب تفشي كورونا.

وأعلنت شركة “بيكر هيوز” للخدمات النفطية، ارتفاع عدد حفارات النفط في الولايات المتحدة بنحو 13 حفارا إلى 576 حفارا هذا الأسبوع.

وفي ختام التداولات، ارتفعت العقود الآجلة لخام “نايمكس” الأمريكي تسليم حزيران (يونيو) 0.9 في المائة أو ما يعادل 1.02 دولار، مغلقة عند 113.23 دولار للبرميل، وحققت مكاسب أسبوعية 2.5 في المائة.

وارتفعت العقود الآجلة لخام “برنت” القياسي تسليم تموز (يوليو) 0.4 في المائة أو ما يعادل 51 سنتا إلى 112.55 دولار للبرميل، مسجلة مكاسب أسبوعية 0.9 في المائة.

Follow Us: 

 

Leave A Reply