النزوح السوري في لبنان قنبلة موقوتة/ غسان همداني

 

في العام 1948 وما يليه من نكبة ونكسة وووو… من مصطلحات الهزيمة في الصراع العربي ــ الاسرائيلي، توالت على لبنان موجات من نزوح الفلسطينيين، ونتيجة الصراعات الطائفية والسياسية وارتباط الزعماء اللبنانيين بالدول الاقليمية والخارجية، وحسابات بعضهم الرئاسية و”الوطنية”، كانت اتفاقية القاهرة التي سمحت للفلسطينيين بإقامة دولة داخل الدولة، يومها كان جزء كبير من المسلمين مع الوجود الفلسطيني بكل اشكاله، مقابل رفض جزء كبير من المسيحيين لهذا الوجود، ما أدى الى اندلاع الحرب الاهلية اللبنانية التي دامت حوالي 15 عاما، سقط في خلالها الالاف من الشهداء والجرحى وما استتبع ذلك من تدمير للبنية التحتية والاقتصاد وغيره، ولم ينه هذا الامر الا اتفاق الدول المتصارعة على ارضنا فيما بات يعرف “باتفاق الطائف”.
اليوم يعيد التاريخ نفسه، فالنزوح السوري الى لبنان المتفلت من كل الضوابط، وانتشارهم على مساحة لبنان، خلافا للنزوح السوري في البلدان المجاورة وغيرها، ومنافسة اليد العاملة السورية الرخيصة لليد العاملة اللبنانية، ما فاقم من معدلات البطالة بين صفوف اللبنانيين الذين لا تتوفر لهم فرص العمل اصلا، بالإضافة الى استهلاك مصادر الطاقة للمخيمات دون أي مقابل، وزيادة نسبة التلوث في مياه الأنهار التي تقام على ضفافها هذه المخيمات، كذلك تزايد نسبة الولادات المضطردة بين صفوف النازحين ودون تسجيل هذه الولادات ما يجعلهم مكتومي القيد، ما يؤدي الى تغيير ديمغرافي واجتماعي رهيب في لبنان، وينذر بتداعيات امنية خطيرة على الساحة اللبنانية.
والغريب في الامر ان من كان يرفض وجود الفلسطينيين في لبنان ويطالب بترحيلهم، يرفض اليوم إعادة النازحين السوريين الى بلدهم، خوفا عليهم من الزج في السجون السورية؟!!وبحجة رفض الحوار مع النظام السوري وعدم اعطاءه الشرعية.
لقد نسي هؤلاء او تناسوا ان النظام السوري لا يحتاج الشرعية من بلد كلبنان، فالنظام السوري موجود في الامم المتحدة، يضاف الى ذلك عودة بعض الدول العربية مما كان له باع في الحرب على سوريا ، واقتراب عودة الباقي من الدول، وعودة سوريا الى الجامعة العربية، واللقاء معه بخصوص النازحين وعودتهم لن تقدم او تؤخر في مصير النظام، مع الإشارة الى حاجة لبنان الماسة اكثر من النظام لعودة النازحين، خاصة ان التأخر بمعالجة هذا الموضوع سيؤدي الى استقرار النازحين في لبنان ، واستحالة عودتهم الطوعية، حيث يتوفر لهم في لبنان ما لا يتوفر لهم في بلدهم الأم او في اي دولة في العالم، ودور القوى الغربية في مؤامرة توطينهم في لبنان عبر تقديم مساعدات مالية وغيرها، وحجبها عن اللبنانيين الذين هم أشد حاجة اليها .
ان الوجود السوري في لبنان أصبح قنبلة موقوتة تنذر بعواقب وخيمة، اما بصراع متكرر وصدامات بين اللبنانيين والسوريين والشواهد على ذلك كثيرة، او بانفجار أمني كبير نتيجة ارتباطات بعض النازحين بالارهاب، وما حصل في مخيمات عرسال منذ سنوات أكبر دليل على ذلك، وتنامي الأعمال الجرمية من قتل وسرقة وتهريب ابطالها سوريون او هم شركاء فيها.
ان من يحاول الاستفادة من موضوع النزوح السوري والاستثمار عليه في محاولة إرضاء لهذه الجهة او تلك سيجد ان ارتداداته السلبية أكثر من ارتداداته الايجابية، خاصة وان البيئة الحاضنة للنازحين باتت تتململ من هذا الوجود، وهذه البيئة بمعظمها من مناصري وجمهور رافضي اعادة النازحين.
اليوم المطلوب من الدولة اللبنانية ان تسارع الى اتخاذ إجراءات سريعة، والتنسيق مع الدولة السورية من أجل عودة النازحين الى ديارهم، علما ان تركيا ودول غربية بدأت العمل على ترحيلهم.
نتمنى ان يحل الروح القدس على الدولة اللبنانية فتبادر الى اتخاذ خطوة فيها مصلحة لبنان ، ولو لمرة، دون الوقوف على خاطر هذه الدولة او تلك.

Leave A Reply