مخاوف من ضرائب ورسوم تطيح بفرصة الإنقاذ «الإستثنائية»

هيام عيد – الديار

قد لا يكفي هذه المرة أي اعتراض نيابي أو سياسي أو حزبي على ما ستحمله موازنة العام الحالي من ضرائب ورسوم مضاعفة يصل بعضها إلى مستوى العشرين بالمئة، لأن تردّدات إقرار زيادات على الخدمات الحيوية كالكهرباء والماء والإتصالات، على سبيل المثال، غير محسوبة من أي فريق سياسي مشارك في الحكومة، ذلك أن المناخ السياسي الذي تبدّل بصورة كاملة لجهة وضع قطار المفاوضات مع صندوق النقد الدولي على السكّة، تمهيداً للدخول في المرحلة الجدية من نقاش برنامج التمويل المطلوب، لا يأخذ في الإعتبار إلاّ هاجس لجم انهيار الليرة وانعكاساته على الواقع الإقتصادي العام، بينما تحذر مصادر نيابية مخضرمة، من أن ما يتمّ تداوله من زيادات ورفعٍ للرسوم سيتضمّنها مشروع الموازنة، ينبىء بكارثة إجتماعية.

لكن هذه الخشية، وكما تستدرك المصادر النيابية، لا تلغي الإنعكاس الملحوظ للمستجدات المفاجئة والمتلاحقة التي بدأت بتحوّل في مسار المعاملات النقدية والهبوط في سعر الدولار في السوق السوداء لمصلحة الليرة، بالإضافة إلى عودة عمل مجلس الوزراء بعد توقف لنحو ثلاثة أشهر. ومن ضمن السياق ذاته، فهي تشير إلى أهمية الإفادة من الأجواء الإقليمية التي تُرجمت داخلياً، من خلال تقاطع بين اتجاهات رئيس الحكومة نجيب ميقاتي و «الثنائي الشيعي»، لضبط حركة ارتفاع الدولار ولجم المضاربات، وبالتالي، التمهيد لخفض سعر الدولار، ولاحقاً استقراره على السعر المعتمد على منصة «صيرفة»، خصوصاً وأن العملية، ومن حيث ظروفها وتوقيتها اليوم، تأتي في إطار من الجدّية والحزم من جهة، وفي ظروف سياسية مؤاتية نتجت عن عودة وزراء «الثنائي الشيعي» إلى الحكومة، على أن يلي ذلك انطلاق المفاوضات بشكل رسمي بين الحكومة وصندوق النقد الدولي، وإقرار الموازنة العامة وخطة التعافي. وبالتالي، تشدّد المصادر النيابية على أهمية شمول خطة التعافي، إجراءات دعم مباشرة للمواطن كالبطاقة التمويلية وشبكات دعم إجتماعي وصحي، كما الإجراءات الإصلاحية، وذلك، في إطار التخفيف من الأعباء التي ستترتب عليه جراء رفع الرسوم في حين لن تخضع الأجور لأية تعديلات.

وتوازياً، تشير المصادر، إلى إشارات مؤاتية لبدء عملية لجم الإنهيار في كل القطاعات من خلال قرار سياسي بات متوافراً على صعيد الحكومة، بعدما توافقت كل الأطراف على الإنقاذ وعلى الأولويات الإجتماعية والمعيشية للمواطن، ومن دون أية اعتبارات سياسية أو انتخابية، كما يجري الحديث في بعض الأوساط، وهو ما يحقّق فرصةً استثنائية للنهوض من الأزمات، خصوصاً وأن هذه المعطيات تأتي عشية استئناف المشاورات الإفتراضية مع صندوق النقد في الأسبوع المقبل، على أن تبدأ المفاوضات الرسمية، بعد الإنتهاء من إعداد مشروع قانون الموازنة، والذي سيأتي متناغماً مع التوجّهات المتصلة بالخطة الإصلاحية، وتخفيف نسبة العجز وتحقيق التوازن المالي بين النفقات والإيرادات.

بذلك، تصبح المهمة الرئيسية للحكومة العائدة إلى العمل، على حدّ قول المصادر النيابية نفسها، هي الحفاظ على معادلة الإستقرار والتوافق السياسي من أجل تحقيق تقدم نوعي يتمثّل بإقرار الموازنة واستكمال إعداد خطة التعافي، والعمل سريعاً على استكمال عملية توزيع الخسائر المالية، وبالتالي، مراكمة المؤشّرات الإيجابية وتفادي أي أزمات وتحديات جديدة قد تنجم جراء رفع الرسوم والضرائب على مستوى الشارع قريباً جداً، وذلك، في ضوء ما يُسرّب عن أرقام الموازنة التي من المتوقّع أن تنجز في الساعات الـ 48 المقبلة.

Leave A Reply