“خصومة” حزب الله مع السعودية “شماعة داخلية” لشد العصب

علي ضاحي-

رغم اليد الممدودة من حزب الله لسُنّة لبنان، وخصوصاً لـ “تيار المستقبل” ورئيسه الرئيس سعد الحريري وبعده رئيس الحكومة الحالي نجيب ميقاتي، وكل ما قدمته حارة حريك من تسهيلات واجرت لقاءات عديدة للدفع في اتجاه ولادة حكومة ميقاتي ومن ثم منحها الثقة في سابقة يقوم بها حزب الله، يصر السُنّة من الحريري الى ميقاتي الى الرؤساء السابقين للحكومة ودار الفتوى والمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان ومرجعيات سنية اخرى بيروتية وشمالية، على ان لا يمكنهم “هضم” او احتمال الخصومة مع السعودية والذهاب في “المواجهة المفتوحة”، كما اعلن الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في إطلالته المتلفزة منذ اسبوعين.

وترى اوساط سياسية بارزة في تحالف “حركة امل” وحزب الله، ان “الثنائي الشيعي”، وقبل القطيعة الكاملة من السعودية مع لبنان والتصعيد المفتعل لسحب السفير وقطع كل اتصال ديبلوماسي وسياسي مع العهد والحكومة ولبنان، كان يحاول ان يُراعي هواجس “خصومه” السُنّة والذين يتعاطى معهم وفق معادلة “وأد الفتنة” السنية – الشيعية و “ربط النزاع” الداخلي معهم ، وفصل الداخل عن تطورات الخلاف حول الملف السوري وايران وحتى السلاح وصولاً الى الخلاف المستعر مع السعودية.

وهو لم يوفر اي فرصة لانجاح مهمة الحريري الحكومية وتشكيل الحكومة وفق المبادرة الفرنسية بحسب الاوساط ، ولاحقاً دفع في اتجاه ولادة حكومة ميقاتي بغض النظر عن الاسباب التي تحول انعقاد حكومة ميقاتي والتي يتحمل هو (ميقاتي) والعهد جزءاً من مسؤولية عدم انعقادها، ورغم ذلك الامور تسير داخلياً الى محاولة استثمار السنّة من “المستقبل” الى ميقاتي والرؤساء السابقين للحكومة، للخلاف بين حزب الله والسعودية في الانتخابات النيابية وفي تطويق العهد في اشهره الاخيرة ، وزيادة الضغط على حزب الله وجمهوره.

وفي حين لن يغيب “الثنائي الشيعي” عن الحوار اذا ما دعا اليه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وبغض النظر عن مستوى التمثيل، خصوصاً حضور رئيس مجلس النواب نبيه بري شخصياً او من يمثله ويمثل كتلته النيابية، تؤكد الاوساط ان هناك من “فخخ” دعوة الرئيس عون الى الحوار قبل حصولها، مع التلويح بالمقاطعة السنيّة بعد اعتذار الحريري عن المشاركة، وتلميح ميقاتي انه لن يحضر كرئيس كتلة سنية، بل كرئيس للحكومة اي انه يحضر بصفة بروتوكولية وليس كممثل للسنة سياسياً!

ومن هذا المنطلق، ترى الاوساط ان هذه المقاطعة السنيّة يضاف اليها مقاطعة رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، تعني ان حرب المواجهة السنيّة وحلفاء الرياض كجعجع وغيره، فتحت مع العهد ومع حزب الله حتى الانتخابات، ولشد العصب الانتخابي والسياسي والمذهبي.

في المقابل، تؤكد اوساط سنيّة مقربة من دار الفتوى ورؤساء الحكومات السابقين، ان سنّة لبنان لا يمكنهم بعد الهجوم الاخير للسيد نصرالله على الملك سلمان ان يجلسوا على طاولة واحدة مع العهد وميشال عون وممثلي حزب الله. وتكشف الاوساط انه بـ “صريح العبارة ” الحريري وسُنّة لبنان، لا يحتملون اي قطيعة مع السعودية، ولا يمكنهم امتصاص وطأتها. وبالتالي هم يراهنون خلال اسابيع على وضوح مسار اتفاق فيينا، وما اذا كانت طهران وواشنطن ستصلان الى اتفاق في الملف النووي الايراني. وفي حال وصل السعوديون والايرانيون الى تفاهم حول الخلافات الموجودة، عندها تصبح الاتفاقات الداخلية والتسويات بين حزب الله والحريري وميقاتي، سياسياً وحكومياً وانتخابياً امراً ممكناً.

وتضيف: واذا لم تحصل هذه الاتفاقات، فهذا يعني ان القطيعة مع العهد وحزب الله ستستمر حتى الانتخابات النيابية والتي سينتج عنها مجلس نواب وحكومة جديدين، وهذه القطيعة يستفيد منها السنّة في لبنان لشد عصبهم، خصوصاً الحريري الذي يتردد انه سيعود قريباً بينما يقول اخرون انه يؤخر عودته حتى يتبين “الخيط الاسود من الابيض” الاقليمي والدولي.

وتشير الاوساط الى ان التوجه السنّي بغالبيته باستثناء “سنّة 8 آذار”، هو لمقاطعة الحوار في بعبدا، وهناك اصرار على مقاطعة ميقاتي هذه الطاولة بعد مقاطعة الحريري، وهذا رأي رؤساء الحكومات السابقين، وميقاتي ابلغ الرئيس عون بذلك ونصح بعدم عقد الطاولة لانها ستكون بلا جدوى. وتؤكد الاوساط ان السنّة في لبنان لن يعطوا شرعية لهذا الحوار، ولن يغطوا ممارسات العهد في آخر ولايته، كون الرئيس عون يغطي حزب الله وسلاحه مسيحياً، وجارى نصرالله في هجومه الاخير على الملك سلمان وما يشكله من احراج للسنّة في لبنان.

وتشير الاوساط الى ان ليس هناك من عاقل يمنح “هدية سياسية مجانية”، لصهر العهد النائب جبران باسيل عبر جلوسه على الطاولة نفسها مع الاقطاب، وكرئيس كتلة يطرح نفسه مرشحاً قوياً لرئاسة الجمهورية، ويصر على التحالف مع حزب الله وتبني سياسته الداخلية والخارجية وحروبه الاستراتيجية، ويقف متفرجاً ولا يقوم بأي اجراء او خطوة.

Leave A Reply