النهار: تهويل بالعتمة… وفرنسا تبقي النافذة مفتوحة

جاء في صحيفة “النهار” : كل المعطيات المتصلة بالتطورات السياسية والمالية والاجتماعية علقت امس، وقفز الى الواجهة وطغى على المشهد الداخلي “حدث” واحد تمثل بتحذير او بإنذار او بوعيد بالعتمة الشاملة في نهاية الشهر هو بمثابة تتويج لأسوأ الازمات والكوارث التي اصابت لبنان وتسببت بأكثر من نصف مديونته الخيالية أي ازمة الكهرباء. الإنذار او الوعيد اتخذ بعده مضاعفاً لان صاحبه وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الاعمال ريمون غجر تعمد إطلاقه من قصر بعبدا بالذات بعد “اطلاعه” رئيس الجمهورية ميشال عون على الوضع الخطير واستعجاله الحصول على سلفة خزينة “متواضعة” وعاجلة جدا بـ1500 مليار ليرة لبنانية والا لا “كهرباء دولة” ولا كهرباء مولدات كهربائية ولا دورة اقتصادية وفردية ولا من يحزنون. المشكلة لم تقف عند حدود الإنذار المتقدم بالعتمة الشاملة بل تمددت في ملامح تجاذب سياسي مكشوف عشية الجلسة التشريعية لمجلس النواب بعد ظهر اليوم في قصر الاونيسكو المدرج على جدول اعمالها ثلاثة بنود فقط ابرزها ما يتصل بتمويل البنك الدولي للبنان ولم يدرج بينها أي بند اخر ولا سيما منها اقتراح قانون معجل مكرر بتقديم سلفة خزينة لمؤسسة كهرباء لبنان قدمه نواب “تكتل لبنان القوي” الذي استكمل مفاعيل التهويل الذي بدأه الوزير فلوح مساء بمقاطعة الجلسة التشريعية اليوم اعتراضا على عدم ادراج اقتراحه في جدول الاعمال.

وتلقفت جهات نيابية معارضة للعهد وتياره السياسي هذا التطور “المكهرب” ودعت الى استلحاق بند طلب السلفة المالية العاجلة في جدول الاعمال شرط ان يتيح رئيس مجلس النواب نبيه بري فتح النقاش في ملف الكهرباء على الغارب لمكاشفة الرأي العام في كل الكوارث والفضائح التي أوصلت القطاع الأبرز الى قعر الانهيار. ذلك ان وزير الطاقة قال مبشرا اللبنانيين بالعتمة “ذاهبون إلى العتمة وأعتقد أنّ النواب لن يقبلوا أن يكونوا شاهدين على هذا الأمر والحلّ بين أيديهم ونحن قمنا بمسؤوليّاتنا ويجب إيجاد مصدر لشراء الفيول ونحن اليوم نستخدم وفر عام 2020 ونحتاج أموالاً في الموازنة الجديدة وبحاجة إلى سلفة من أجل أن نستمر”.

يشار الى انه في نهاية شهر آذار الحالي تنتهي الاموال التي خصصت كسلفة لمؤسسة كهرباء لبنان عن العام 2020 وقيمتها 1500 مليار ليرة، والتي إستطاعت المؤسسة الاستفادة من جزء منها لتمويل شراء الفيول المطلوب حتى نهاية الربع الاول من العام الحالي، نتيجة تراجع اسعار النفط عالميا في الاشهر الماضية، ما سمح بتوفير مبلغ 300 مليار ليرة من سلفة العام 2020، تم إستخدامها لتغطية شراء الفيول في الاشهر الثلاثة من العام الحالي، وتنتهي نهاية آذار وكون الاتفاق على القاعدة الاثني عشرية لا يشمل مؤسسة كهرباء لبنان، في ظل عدم امكانية تمديد السلفة بحسب قانون الموازنة لأنها تُعطى لمرة واحدة فقط. وتصر وزارة الطاقة على ان تكون هذه الاموال على شكل مساهمة لاسيما وأن مؤسسة كهرباء لبنان غير قادرة على سداد قيمة السلفة المالية لاحقاً لوزارة المال. وكانت جرت إحالة اقتراح القانون الذي قدمه “تكتل لبنان القوي” على اللجان النيابية التي تعقد لجنة مشتركة يوم الثلثاء في 16 آذار لدرسه على ان تتم إحالته في ما بعد على الهيئة العامة للمجلس لإقراره، ما قد يستغرق وقتا يتخطى المهلة التي يمكن خلالها لمؤسسة كهرباء لبنان تأمين الاموال اللازمة لشراء الفيول المطلوب.

وقرر “تكتل الجمهورية القوية” مساء امس مقاطعة الجلسة التشريعية اليوم معددا جملة أسباب لموقفه ابرزها “عدم قبوله بان يساق الى جلسات نيابية توحي بان أمور الوطن تسير على ما يرام في حين مشاكل لبنان لا تعالج بإقرار قانون من هنا واتخاذ قرار من هناك ” مشددا على ان بقاءه في المجلس لا يهدف الى مجاراة اهل السلطة في طريقة إدارتهم للمؤسسات الدستورية والتعايش معها بل يهدف الى إيصال صوت الناس الى داخل البرلمان “.

وسط هذه الأجواء لم تظهر أي معالم تحرك ملموس في شأن الازمة الحكومية في ظل مراوحة لا يبدو ان الوساطة الأخيرة للمدير العام للامن العام اللواء عباس ابرهيم قد أحدثت أثرا في تبديلها. ولكن معلومات أفادت ان لقاء عقد الثلثاء بين الرئيس المكلف سعد الحريري والنائب علي حسن خليل تمهيدا لاتصالات سيشرع قريبا الرئيس نبيه بري في اجرائها.

باريس مجددا

وبرز في هذا السياق موقف جديد لباريس اكدت فيه أن مبادرتها لمساعدة لبنان ما زات قائمة ولكن يتعين على اللبنانيين التحرك قبل فوات الاوان.

وأفاد مراسل “النهار” في باريس سمير تويني انه في المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده ظهر امس وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان بمشاركة نظرائه من مصر والأردن وألمانيا ولدى سؤاله عن تقويمه للوضع للبنان حاليا أجاب: “أتأرجح بين الحزن والغضب والقلق ولدي ميل الى تصنيف السياسيين اللبنانيين أيا كانوا، على أنهم مسؤولون عن حجب مساعدة بلادهم وهي في حالة الخطر”. وأضاف : “لقد التزموا جميعا العمل على تشكيل حكومة شاملة وتنفيذ إصلاحات لا غنى عنها. كان ذلك قبل 7 أشهر ولا شيء يتحرك” . وذكر لودريان بزيارتي الرئيس إيمانويل ماكرون للبنان في شهري آب وأيلول، طرح خلالهما خطة إنقاذية عنوانها حكومة اختصاصيين وإصلاحات ضرورية وإعادة إعمار بيروت وما دمره انفجار المرفا. وحذر لو دريان من أن “انهيار لبنان سيكون كارثة للبنانيين وللاجئين الفلسطينيين والسوريين ولكل المنطقة”. وقال ” أعتقد أن الوقت لم يفت بعد، لكنه ضئيل جدا”. واكد ان “الأمر متروك للسلطات اللبنانية لتتولى مصيرها وهي تعلم أن المجتمع الدولي ينظر بقلق. لا يزال هناك وقت للعمل اليوم، ولكن غدا سيفوت الأوان”.

وتفيد الأجواء الفرنسية بان الرئيس ماكرون ما زال عازما على القيام بزيارة ثالثة للبنان ولكن لا يمكن أن يقوم بها من غير توافر ضمانات لتحقيق تقدم قد يشكله تاليف حكومة لم يتمكن حتى الان الرئيس المكلف سعد الحريري من التوافق عليها مع رئيس الجمهورية.

وفي المؤتمر الصحافي نفسه، اعلن وزير الخارجية المصري سامح شكري إن بلاده “تتمسك بمصالح الشعب اللبناني وهي على تواصل مع جميع الأطراف ويتعين على السياسيين اللبنانيين الإستجابة لتطلعات الشعب اللبناني”. واضاف “أن القاهرة تأمل تشكيل حكومة جديدة قريبا”. و نبه نظيره الأردني أيمن الصفدي من أنه “لا يمكن أن نسمح بانهيارات إضافية في لبنان لأن ذلك سيشكل أزمة وتهديدا للإستقرار”.

مجموعة الدعم

وبدورها أعربت مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان بعد اجتماعها امس عن “قلقها إزاء التوترات المتزايدة في البلاد، بما في ذلك الاحتجاجات الأخيرة”. واشارت المجموعة “بقلق إلى أن سبعة أشهر قد مضت منذ استقالة الحكومة الأخيرة، مما أعاق قدرة لبنان على معالجة التحديات السياسية والاجتماعية والمالية والاقتصادية والمؤسساتية المتفاقمة والتي تزداد تعقيداً وعلى تلبية الحاجات والتطلعات المشروعة للشعب اللبناني”. وكررت “دعوتها العاجلة لقادة لبنان لعدم تأخير تشكيل حكومة كاملة الصلاحيات وقادرة على تلبية احتياجات البلاد الملحة وتطبيق الإصلاحات الحيوية”.

Leave A Reply