تحقيق غادة دايخ، فرح مصطفى وهلال سقلاوي
___________________________________
قرية تجذبك نحو البقاء فيها.. العيش فيها.. لما فيها من حب غامر للحياة.. لم يخيفها يوماً أي رادع للثبوت والصمود وحماية أبنائها.
قرية دير قانون راس العين كانت محورنا وطريقنا اليوم, لنتعرف على معالمها السامية وأبناءها الطيبون وزواياها التي خبئت ذكريات لمغتربيها والنازحين منها.
ولوقوعها قرب برك رأس العين التاريخية سمّيت بهذا الاسم.. وتعود كلمة دير التي أصلها كلمة “دار” أي المكان أو الغرف التي كانت قائمة حول أقنية المياه وطواحينها الموجودة حول البرك, أما كلمة “قانون” أي الاقنية الموجودة والتي تجري فيها المياه الى مدينة صور منذ العهود الفينيقية والرومانية.
تبلغ مساحة دير قانون راس العين حوالي 8500 دونم وترتفع 100 متر عن سطح البحر وتبعد عن العاصمة بيروت 87 كلم, عدد سكانها 3800 نسمة مقيم في القرية 2060 ناخب تمسكوا بضيعتهم ولا يرون الامان في سواها والعدد الباقي نازح ومقيم في بيروت.
تضم القرية عائلات كبيرة: سقلاوي – شنبورة – اسماعيل – حوماني – حمود – برجي – محسن-عطوي – مدني – عواضة – زمط – زهرة – حسين – محسن – بدوي – مرتضى – مهدي – حمادة – عباس – أمون – عزقي – فتوني – الصفدي – حمزة – زيدان – أبو زيد – عبدالله – ساطي- يونس – عسكر- رحيّل- باقر – سليمان – غانم – درويش – أخضر.
ولهذه القرية الجميلة تعاليم أثرية كثيرة أثبتت بأنها كانت موطناً للعديد من الشعوب الفينيقية والرومانية التي تركت وراءها نقوشاً ورسومات لا تملّ من النظر اليها والتي تعود الى الاف السنين. بالاضافة الى برك رأس العين التي هي روعة بمنظرها وتصاميمها, شرب من مياها الراوية ابن الضيعة وغيره وسبح في مياهها العذبة الكثيرين. لم ترمم بعد الاجتياح الاسرائيلي وبقيت مهمشة كغيرها من الاثار ولكنها الشاهد الوحيد على أن أقدم شعوب العصر تواجدت فيها.
موقع صوت الفرح واصل جولاته نحو ضيع الجنوب.. وفي قرية دير قانون رأس العين كانت البلدية افتتاحية الزيارة.
إستقبلنا رئيس البلدية والاعضاء, وخلال اللقاء مع رئيس البلدية السيد وجيه سقلاوي أكد بأن البلدية على استعداد دائم نحو انماء قرية دير قانون رأس العين والتي تعتمد بالأساس على الزراعة ففي القدم كان يسمى صاحب الأرض الصغيرة بالملاّك. ولكن واقع الزراعة اليوم سيئ فالإنتاج ضعيف ولا تصريف له.
أما عن المغتربين فيقول أن الاغتراب ليس منذ زمن بعيد بل هو من بعد ضعف قطاع الزراعة في البلدة, فلجئ شباب الضيعة اليوم للسفر إلى خارج لبنان.
وعن انجازات البلدية فهي كثيرة وكانت بما يصب في مصلحة دير قانون رأس العين وأولوياتها, وأهمها:
– ترميم مبنى الوقف واستخدام قسم منه واعتماده مبنى البلدية.
– اهتمت البلدية بطرقات البلدة بعناية كبيرة فلا تتعثر بها كيفما مشيت, كما تم صيانة الطرقات المحفرة وشق وتعبيد الطرقات وتوسيعها مع التركيز على إنشاء حوائط دعم عليها لحمايتها من الانزلاق وتزفيتها والعمل على نظافتها.
– إستحداث أقنية تصريف أمطار وقنوات متعددة لتصريف مياه الأمطار عن الطرق وعن مدخل البلدة.
– إنشاء حيطان دعم أبرزت جمال كبير للضيعة قدمها المجلس البلدي بالتعاون مع قائمقام صور الأسبق حسين قبلان, والبنك الدولي و DIG و DPNA.
– زراعة النخيل والصنوبر وحديقة مساحتها 100 متر مقابل جبانة البلدة. بالإضافة إلى توفير بك أب بمساهمة وزارة الشؤون الاجتماعية لإزالة الردميات ورفع النفايات ونقل أي مواد مطلوبة.
ومن أبرز المشاكل التي تعاني منها بلدية دير قانون رأس العين هي التمويل, فالدولة لم تدفع مستحقات للبلديات وتقوم البلدية برفع صوتها عبر الاجتماعات بالاتحاد ولكن بدون جدوى.
السيد وجيه سقلاوي في دورته الثانية في المجلس البلدي ولكنها الأخيرة له بحسب قوله نظراً لسنه وظروفه الخاصة, وقد كان أهلاً لهذه المكانة لأنه كان صادقاً ومحباً لكل فرد في ضيعته.. عاش في شوارع دير قانون وحمل هم الصغير والكبير وقد حان الوقت لأخذ قسط من الراحة بعد عمل مطول قدم فيه كل ما استطاع من محبة وخدمات لأبناء ضيعته.
وتقدمنا نحو المؤسسة التعليمية في البلدة: مدرسة دير قانون رأس العين الرسمية, يأتيها طلاب من خمس بلدات : حناويه – رمادية – عين بعال – صور والبص, وهناك حوالي 80 تلميذاً جديداً كل سنة وحوالي 1100 تلميذ.
وفي مقابلة مع مدير المدرسة الأستاذ حسين سقلاوي وهو مدير المدرسة منذ 21 عاما و الذي أبرز لنا أهم ما تتميز به المدرسة بتنافسها مع المدرسة الخاصة واحتواءها لطاقة وهيئة تعليمية مميزة جدا, وهم متعاقدين بدقة بناءا لاحتياجات المدرسة للمواد. وتختار المدرسة أفضل المعلمين الحاصلين على إجازات واختصاصيين ولكن المشكلة تكمن في تناقص في البناء وها هي المدرسة اليوم تناشد الهيئات الاجتماعية والتربوية للعمل على هذا الموضوع فقد قامت الإدارة بأخذ زاوية معينة من المدرسة واعتمادها صف أساسي.
وأكد الأستاذ حسين سقلاوي بأن المدرسة تعمل على تغيير فكرة الأهل والمجتمع لنظرة المدرسة الرسمية بالنسبة للمدارس الخاصة وإثباتها وعودة أهميتها إلى سابق عهدها من خلال إظهار حسنات المدرسة الرسمية وتعريف الأهل على نشاطاتها وصندوقها الخاص.
ففي القدم كانت المدرسة الرسمية توجه جميع الطلاب المتفوقين ولكن المدرسة الرسمية تراخت بسبب ظروف الحرب وكان نهوض المدرسة الخاصة على أكتاف المدرسة الرسمية. واليوم وبمشاركة الوزير والمدير العام ورئيس المنطقة التربوية نعمل على تفعيل المدرسة الرسمية والتي بحسب الإحصاءات التربوية الأخيرة فان نتائج الامتحانات الرسمية في المدرسة الرسمية كانت أفضل من المدرسة الخاصة. وبحسب مدير المدرسة فهو يتمنى من معلمي المدارس الرسمية بوضع أولادهم كافة في المدارس الرسمية دعما منهم وواجب وبداعي المسؤولية.
وشكر الأستاذ حسين سقلاوي في نهاية اللقاء موقع صوت الفرح على تغطيتها الدائمة مرحبا بها في المدرسة.
ولم تنتهي جولتنا في دير قانون رأس العين بل مشينا فيها لقاءا بأبنائها المحبين لضيعتهم فهم ترعرعوا فيها لعبوا في وديانها, شربوا من مياهها تحت سماءها وهم على استعداد تام لتقديم أرواحهم من أجلها. كما التقينا بنساء الضيعة, رأينا مجموعة منهن, خفيفي الظلّ يتجمعن يوميا في محل احدى النساء يشربن القهوة.. يتسامرن و يتحدثن بكل طيبة ومحبة.
انتهى المشوار المميز في ضيعة دير قانون رأس العين, ولن تنتهي أو تنسى مناظر الضيعة الجميلة من أذهاننا ولا نسيمها ولا أهلها المحبين للحياة .