حسين سعد – جنوبية
نال العدوان الإسرائيلي من عدد كبير من الأبنية التراثية والتاريخية، بينها مساجد وكنائس وبيوت وأسواق في مختلف مناطق الجنوب.
من بين تلك المساجد، مسجد بلدة طيردبا القديم، الذي يتوسط البلدة من جهاتها الأربعة، حيث دمرته الطائرات الإسرائيلية تدميراً كاملاً، ودمرت الى جانبه أحد أقدم المنازل في المنطقة، ” منزل عائلة المرحوم الشيخ حبيب مغنيه” وكان لا يزال، يحتفظ بجزء منه بسقف خشبي مغطى بالطين، ويعود عمره إلى إلى ما قبل إنشاء المسجد.
لا يوجد تاريخ دقيق لتشييد مسجد طيردبا، ولكن الثابت وفق كل المرويات، ان المسجد، الذي بني بحجارة صخرية ( قطع) تعلوه القباب والعقود الحجرية، هو واحد من اوائل المساجد على إمتداد الجنوب، ويعود بناؤه إلى مرحلة الإحتلال العثماني، إذ يحضر في بنائه فن العمارة العثمانية، التي كانت سائدة في تلك الفترة الزمنية، قبل حوالي مئتين وخمسين عاماً، وهي الفترة التي بنيت فيها سراي صور القديمة ومسجد صور وكنيسة الكاثوليك والأسواق، في عهد حاكم صور وساحل قانا عباس المحمد.
مر مسجد طيردبا، وكانت بداية تأسيسه صغير المساحة، تعلوه مئذنة دائرية، بداخلها سلم حجري، يتم الصعود منها إلى الإعلى، ورفع الأذان، قبل مرحلة دخول أجهزة الصوت، بمراحل عديدة، وهي مرحلة الإنشاء الأولى، التي يرجح أن تكون، في أواخر العام 1700 ميلادية، في نفس الفترة التي شيدت فيها مساجد بنت جبيل، الذي يعتبر من أعظم المساجد في العصر العثماني، ومساجد تبنين وجويا وشحور والخيام والبابلية وأنصارية وجباع.
وكان هذا المسجد جزء لا يتجزأ من المرجعية الدينية لبلدة طيردبا، التي كان يمثلها علماء البلدة من آل مغنيه، ومنهم الشيخ حسين بن الشيخ علي بن الشيخ، حسن بن الشيخ مهدي بن الشيخ، محمد بن الشيخ علي بن الشيخ، حسن بن الشيخ حسين بن محمود بن محمد بن علي آل مُغْنِيَّة الأسدي العاملي، 1863- 1940 ميلادية .
وفي حقبة السبعينيات، حجب بناء ملاصق، في بهو المسجد، خصص لإقامة مجالس العزاء وإحتفالات التأبين، واجهة المسجد الشمالية، وتحول هذا البناء ( القاعة) إلى جزء من المسجد، بعدما تم بناء ناد حسيني للرجال، على أنقاض بركة المياه التاريخية على مقربة منه، في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي.
وبحسب عدد من المعمرين في البلدة، فإن المئذنة، التي كانت تنتصب في الركن الغربي للمسجد، تم بناؤها في خمسينيات القرن الماضي، على يد البناء المرحوم حسين علي أسعد فقيه” أبو سعيد”، وشخص آخر من آل غزيل من مدينة صور.
ومع بدايات العام 2019، بدأت لجنة من البلدة، الإعداد لمشروع توسعة المسجد، والحفاظ على الطابع الأثري للقسم الأساسي منه، وتماهي الجزء المستحدث عمرانياً، فتم تغيير معالم المئذنة العلوي من خلال إضافة قبة حديدية على المئذنة الرئيسية الحجرية.
وبتاريخ 11/ 10/ 2024، دمرت الطائرات الإسرائيلية المسجد، الذي كان تم الإنتهاء من الأشغال فيه وتدشينه، في العام 2021، بكلفة ناهزت المئتي ألف دولار، جمعت من متبرعين وخيرين.
ويقول السيد محسن الأمين في كتاب ” خطط جبل عامل” الذي حققه المؤرخ حسن الأمين، إن مسجد طيردبا متقن البنيان، لطيف الشكل، جدد بناءه الفقيه القدوة الشيخ حسين مغنيه سنة 1347 هجرية، وبنى فوقه قبتين.
