الديار: حرب بيانات بين عون والحريري… ماكرون: سأزور لبنان وقادته لا يستحقون بلدهم

طغت الأحداث التخريبية التي ضربت طرابلس ليل الخميس الفائت على الساحة السياسية والأمنية في لبنان، حيث توزعت الاتهامات، بين من عزا الأمر الى تقصير أمني فاضح وكان أبرز من وجه انتقاد مباشر للجيش اللبناني الرئيس المكلف سعد الحريري الذي استغرب وقوف الجيش في موقف المتفرج، بالمقابل، شنت مصادر موثوقة عبر «الديار» هجوماً على قيادات «طارئة» على الساحة الطرابلسية و«السنية» متهمةً اياها بالسعي لاشعال طرابلس خدمةً لاجندات خاصة واقليمية.

هذا ولا تزال فداحة ما حدث ليل الخميس في طرابلس يتكشف، حيث بالاضافة الى المحكمة «السنية» وأجزاء من السراي، اصيب مبنى بلدية طرابلس الأثري باضرار جسيمة نتيجة الحريق الذي نشب في داخله بعد القاء عدد كبير من قنابل «المولوتوف» عليه من قبل مجموعة ملثمة والتي تم القاء القبض على خمسة من أعضائها، أربعة منهم لبنانيين وشخص من التابعية السورية.

من جهة أخرى، لم تمنع أحداث طرابلس الأليمة الرئاسة الأولى والرئيس المكلف من الدخول في حرب بيانات على خلفية ما سرب عن لسان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الاعلام ليزيد الأزمة تعقيداً بعد الفيديو الشهير. ولم يتأخر الرد من بيت الوسط، حيث اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس المكلف سعد الحريري أن البلد في وادٍ و«العهد القوي» في وادٍ آخر.

ورغم سوداوية المشهد، برز أمس معطى ايجابي في عملية دفع العملية السياسية اللبنانية الى الامام، حيث أعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في حديث لقناة العربية «أنه ينوي القيام بزيارة ثالثة الى لبنان ولكن عليه التحقق من أمور أساسية»، ما يدل على نية فرنسية في الدخول مجدداً الى الساحة اللبنانية والمساعدة في عملية تشكيل الحكومة، ان عبر ارسال موفد رئاسي وعلى الارجح سوف يكون باتريك دوريل، أو تفعيل الاتصالات في الداخل لحلحلة العقد التي تواجه تأليف حكومة جديدة. كما أكد ماكرون أن المبادرة الفرنسية لا تزال قائمة ولا يوجد غيرها حالياً طريقاً للبنان للخروج من محنته.

أحداث طرابلس ومعلومات «الديار»

بالعودة الى ما حدث في طرابلس ليل الخميس الفائت والاعتداء على مبنى البلدية والسراي والمحكمة السنية، فقد علمت «الديار» من مصادر موثوقة ورفيعة المستوى أن المجموعة التي هاجمت المباني الحكومية بقنابل «المولوتوف» هي نفسها التي قامت بالهجوم على المصارف سابقاً حيث احرقت فرع البنك العربي في طرابلس. وتضيف المصادر ان مهاجمي مبنى البلدية كانوا موقوفين في السجون وخرجوا لاحقاً في الاستئناف. وتقول المصادر أن احد الموقوفين سابقاً والذي شارك في الهجوم الأخير كان اعترف بتلقيه أموالاً من شخصية لبنانية على اتصال مباشر بالأجهزة التركية كما اعترف الموقوف سابقاً عن قيام احد المساعدين لشخصية طرابلسية معروفة بتزويده بـ«قنابل مولوتوف» لاستعمالها على اهداف محددة.

انطلاقاً من هذه المعطيات تلفت المصادر الى حصول تطورين هامين في هجمات الايام السابقة:

– التطور الأول، استخدام قنابل حربية وعددها 17 ما يشير الى وجود جهة محلية تحظى بتغطية قوة اقليمية كبرى للقيام بهكذا عمل «جريء» والأول من نوعه منذ حرب المحاور في طرابلس.

– التطور الثاني، لاحظت المصادر قدرة المجموعات المهاجمة على تنسيق الهجمات وترتيبها بشكل ممنهج ما يدل على وجود عقل «عسكري» وراء هذه المجموعات، وهذا ما لم يحصل في الهجمات السابقة.

وتربط المصادر الرفيعة المستوى هذه التطورات في عمل المجموعات المهاجمة بمعلومات عن أصابع خفية للأجهزة التركية في طرابلس والتي تعمل عبر ما يسمى «المنتدى السياسي الاقتصادي الاجتماعي» الذي يرأسه نبيل الحلبي، اضافة الى رجل أمن سابق برز في السياسة من موقع الخلاف مع الرئيس الحريري والعداء المطلق لحزب الله.

وللتأكد من هذه المعلومات، قاطعت «الديار» هذه المعطيات مع مسؤول أمني رفيع رفض الكشف عن اسمه، حيث اكد عن وجود دور لا بل نفوذ تركي واضح في الشمال ولم يستبعد أن يكون للأتراك دور الممسك بخيوط «الدمى» في المشهد الطرابلسي لايصال رسائل اقليمية ودولية.

ماكرون: سوف أزور لبنان

على صعيد آخر، كشف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أنه سيقوم بزيارة ثالثة للبنان بعد التحقق من أمور أساسية، معتبراً أن النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب.

واكد، في حديث لقناة «العربية»، «أننا سنفعل كل شيء لتشكيل حكومة في لبنان حتى لو كانت غير مكتملة المواصفات»، مشدداً «على أن المبادرة الفرنسية هي الوحيدة التي تسمح بالتقدم نحو حل في لبنان».

وقال: «خارطة الطريق الفرنسية ما زالت على الطاولة ولا حلول غيرها، عاطفتي تذهب نحو شعب لبنان، أما قادته فلا يستحقون بلدهم».

حرب البيانات بين بعبدا وبيت الوسط

ولم يمنع المشهد المأساوي الذي يعيشه لبنان صحياً واقتصادياً وأمنياً كل من رئيس الجمهورية والرئيس المكلف في الدخول في حرب بيانات على خلفية ما سرب في الاعلام نقلاً عن عون.

وجاء في بيان المكتب الإعلامي للرئيس الحريري، على أنّ «من المؤسف والمؤلم جدًّا أن يصدر الكلام المنقول عن رئيس الجمهوريّة ميشال عون في إحدى الصحف المحليّة، في ما البلاد تواجه سيلا من الأزمات الصحيّة والأمنيّة والسياسيّة، مشيرًا إلى أنّه «يبدو أنّ البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات، والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجنّي على الآخرين».

وأضاف البيان، على أنّه «ممّا يفاقم الأسف، ألا تبادر دوائر القصر الجمهوري إلى نفي الكلام وتوضيحه، منعًا لتحميل الرئيس عون وموقع الرئاسة مواقف وروايات غير صحيحة، لا تستوي مع مكانة الرئاسة ومسؤوليّاتها الوطنيّة في هذه الظروف الصعبة.

وأكّد المكتب الإعلامي، «الواضح من السياق الكامل للكلام المنسوب، أنّ دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفيّة، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهوريّة صفة تمثيل اللبنانيّين بمختلف أطيافهم، لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليّته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة، وقد ورد قوله وفقًا للمقال: «لن أفرّط بما أنجزناه خلال السنوات الأخيرة، بجعل الفريق المسيحي شريكًا فعليًّا وليس صنيعة الآخرين الّذين يفرضون مشيئتهم عليه. هنا مصدر صلاحيّاتي الدستوريّة ومسؤوليّاتي السياسيّة».

في الختام، تساءل المكتب الإعلامي: «أيّة مخيّلة تصنع للرئيس كلّ ذلك، لتبرّر له أمام اللبنانيّين سياسات التعطيل؟ وأيّ عقل هذا الّذي يريد اشتباكًا طائفيًّا بأيّ وسيلة تارةً مع هذه الجهة، وتارةً أخرى مع تلك؟ أساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأيّ اشتباك إسلامي- مسيحي. ولكلّ مقام مقال إذا شاؤوا».

من جهته، أشار مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية الى أن «البيان الذي صدر اليوم عن المكتب الاعلامي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالاشارة الى انّ الحريري من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا الى المادة 53 من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة».

وتابع مكتب الاعلام: «في ايّ حال، وبالمختصر المفيد، لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته».

سلامة: الوضع صعب

ومن وحي الأزمة الحكومية المستفحلة، أشار حاكم مصرف لبنان رياض سلامة في حديث لقناة «فرانس 24»، إلى أن «الوضع صعب، ويمكن أن يتفاقم إن لم يتم تشكيل حكومة سريعاً، لأنه ينبغي استعادة الثقة. لذلك هناك 3 ركائز، الأولى تتمثل بإعداد ميزانية مع عجز أقل، ويجب التفاوض مع الجهات المقرضة حيث هناك قرار حكومي بعدم دفع الديون الدولية، كذلك هناك اصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه بالمصرف المركزي، وتعادل سعر صرف الليرة التي علينا اخراجها من هذه الأسعار الثلاث التي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة. كل هذا بحاجة لحكومة، التي حتى الآن لسنا بعيدين عن تشكيلها».

بشرى سارة من اللواء ابراهيم

وفي سياق آخر، كشف مدير عام الأمن العام اللبناني، عباس ابراهيم، أن قضية بعض اللبنانيين الموقوفين في دولة الإمارات ستشهد انفراجا «خلال الساعات المقبلة»، مؤكدا «وجود موقوفين في الإمارات، وأنه على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ سنتين لحلحلة هذه الملفات».

وقال «لن أتكلم ما هي هذه الملفات، لأننا لم نصل إلى الخواتيم»، بيد أن إبراهيم أكد أن السلطات اللبنانية موعودة من قبل نظيرتها الإماراتية «بشكل رسمي بأن سيتم إطلاق سراح وإعادة مجموعة كبيرة إلى لبنان خلال الساعات المقبلة».

وردا على سؤال بشأن عدد الموقوفين، أكد مدير عام الأمن العام اللبناني إن العدد «وصل إلى 30»، قبل أن يكشف أن «نصفهم سيعود خلال ساعات».

اصابات ووفيات «كورونا»

على صعيد وباء «كورونا»، لا تزال الاصابات الى تراجع في حين حافظت الوفيات على رقم مرتفع، وكانت أعلنت وزارة الصحة العامة في تقريرها ليوم امس، حول مستجدات فيروس كورونا، تسجيل 3125 حالة جديدة مُصابة بالفيروس، ليرتفع العدد التراكمي للإصابات منذ 21 شباط الماضي إلى 296282 حالة».

وأوضحت الوزارة أنّه «تمّ تسجيل 3120 حالة إصابة بين المقيمين و59 حالة وفاة جديدة، ليرتفع العدد الإجمالي للوفيات إلى 2680».

Leave A Reply