اللواء: طرابلس تجنح إلى التهدئة.. والحل بالأمان الإجتماعي وليس بالبهوارات السياسية!

وفي اليوم الخامس، خرجت السلطة على النّاس، باجتماعات أمنية، وبيانات سياسية، حاولت القفز عن وقائع ما جرى في طرابلس، لا سيما في الليلة العاصفة.. الأشد دموية، والتي تركز العنف فيها على المؤسسات الرسمية والمحلية، والمنشآت المدنية والتربوية، كالبلدية، ودار الافتاء، والسراي الحكومي، ومؤسسات العزم التربوية، وسط مخاوف جدّية من انهيارات أمنية، لا تتوقف عند طرابلس أو صيدا أو بيروت، بل تمتد إلى كل لبنان، الذي يفتقد الحصانة السياسية، ممثلة بحكومة، شدّد على ان الحل بولادتها، الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، الذي أعلن في حديث لـ «العربية» انه سيقوم «بزيارة ثالثة إلى لبنان، بعد التحقق من أمور أساسية، معتبرا ان النظام اللبناني بمأزق بسبب الحلف بين الفساد والترهيب، مقترحا ضم المملكة العربية السعودية إلى أي مفاوضات، بشأن اتفاق مع إيران، مشددا على ان التفاوض مع طهران سيكون صارما جدا، لمنعها من حيازة السلاح النووي «فالوقت قصير جدا».

إذن، جنحت طرابلس إلى التهدئة، ومضت الطبقة السياسية، توزع النصائح، وتتوعد باحباط المخططات، في وقت، تجاوز فيه الواقع المعيشي، البالغ السوء لأبناء طرابلس والشمال، وتناست المسؤولية المترتبة عليها، مع تجدد دعوة يان كوبيتش المنسق الأممي، الذي يقترب من مغادرة لبنان، بأن الحل في تأليف الحكومة فوراً. ولاحظت مصادر ديبلوماسية ان مواقف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون تجاه تعثر تنفيذ المبادرة الفرنسية وتحميله الزعماء السياسيين مسؤولية هذا الفشل ونعتهم باوصاف لم يسبق ان قالها بحقهم منذ زيارته الاخيرة الى لبنان، تحمل في طياتها لاول مرة توصيفا دقيقا لمتسببي هذا التعثر وتقسيمهم الى فئتين، فئة الفساد  وفئة الترهيب،وهي المرة الاولى التي يتهم فيها المعرقلين بهذا التوصيف،الذي يصوب فيه بوضوح على الفاسدين من السياسيين المعروفين في حين ان ماقاله عن الترهيب يحمل في طياته الاشارة إلى من يملك مقومات الترهيب ويمارسه في الواقع السياسي اللبناني وفيه تصويب على حزب الله من دون ان يسميه لانه هو الجهة الوحيدة التي بامكانها ممارسة الترهيب بالسلاح ألذي تمتلكه دون الاطراف الاخرين.اما ماقاله عن التوجه الفرنسي الجديد للسير قدما في تشكيل الحكومة الجديدة ولو بمواصفات غير مكتملة فيحمل في طياته أكثر من تفسير ويطرح تساؤلات واستفسارات عن المقصود بهذا التعبير، وهل يعني صرف النظر عن حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين والتوجه لحكومة مغايرة الشكل، قد تكون مطعمة من سياسيين واختصاصيين او سياسية صرفة او استثناء بعض الأطراف منها أو اي نوع من الحكومات المعنية، وهذا يتطلب ايضاحات من المسؤولين الفرنسيين بما يعنيه ماكرون من توصيفه للحكومة الجديدة بالتمام والكمال.

وفي السياق حول كلام ماكرون، قالت أوساط سياسية لـ «اللواء» أنه من المبكر التعويل على ما قاله الرئيس الفرنسي في ما خص الوضع في لبنان وأشارت إلى انه إلى حين تحريك الاتصالات الفرنسية بشكل فعال فإن الملف الحكومي يبقى من دون أفق في ظل الرد والرد المضاد بين بعبدا وبيت الوسط.

وأشارت ان لا معلومات محددة لدى المعنيين، عن أي اتصالات فرنسية جاهزة، باستثناء كلام الرئيس ماكرون بشأن استمرار مبادرته.

وقالت مصادر مطلعة لـ «اللواء» أن الرهان يبقى على أن يعي الرئيس المكلف دوره الكبير في تأليف الحكومة بالمشاركة والاتفاق مع رئيس الجمهورية وفق الدستور لإنقاذ لبنان، فلا يضع في رأسه أنه رئيس تكتل سياسي يريد ترؤس حكومة اختصاصيين ويضع يده على السلطة التنفيذية كما عليه أن يخفف من وتيرة الطموح أو أن يصارح رئيس الجمهورية بهواجسه وقيوده وعجزه عن التأليف.

السنيورة للمبادرة فوراً

وسط ذلك، وصف الرئيس فؤاد السنيورة المشهد اللبناني الراهن بحالة «من اللايقين الوطني» غير مبسوقة، حتى في أيام الحروب الداخلية، وبالتزامن مع انهيارات كارثية اقتصادياً مالياً وتعدياً ومعيشياً وصحياً ومؤسساتياً اقتصادياً، زادها تفاقما «الاستقصاء القائم في تشكيل حكومة جديدة» مما ينذر بفوضى اجتماعية عارمة وانهيار شامل.

ورأى السنيورة في مقالة حملت عنوان «مبادرة للعيش المشترك والدستور والانقاذ الوطني» ان حالة اللايقين تتمثل باهتزاز المرجعية الناظمة لحياة اللبنانيين في وطن ودولة، أي وثيقة الوفاق الوطني (اتفاق الطائف) والدستور.

ولفت الرئيس السنيورة إلى أن «أخطر ما في الوضع الراهن هو عجزُ القوى السياسية عن المبادرة في تحديد وجهةٍ إنقاذية وطنية»، ورأى أنَّ «المبادرة من أماكن أخرى ضروريةٌ وممكنة، لأنَّ الانتظار أخذ يُغري بعضَ الأطراف بتمرير اقتراحٍ انقلابي معلن على طبيعة النظام السياسي وصيغة العيش المشترك (دعوةُ رئيس التيار الوطني الحرّ الأخيرة، بالأصالة عن نفسه وبالنيابة- على ما يبدو- عن شريكه الدائم والثابت حزب الله في السعي لتغيير النظام)، وهي ممكنة لأننا على معرفةٍ ويقين بوفرة الكفاءات الوطنية التي استخلصت دروس التجارب المريرة».

ورأى السنيورة أنَّ «أيَّ حِراكٍ إنقاذي في هذا الوقت لا بدَّ له من مرجعيةٍ مفهومية، وإلا ضاعَ في مسالك التجاذبات والمكايدات القائمة، والمحمولةِ على رهاناتٍ طائشة، وسطَ نزاعاتٍ إقليمية ودولية محتدمة، من شأنها أن تجعل المراهنين اللبنانيين- على اختلاف اتجاهاتهم- بيادقَ صغيرةً على رُقعةِ أجنداتها. ذلك أن لبنان يكون بجميع بَنيه أو لا يكون»، وأكد «أننا لا نجدُ بديلاً عن اتفاق الطائف والدستور، مرجعيةً ودليلَ عمل، لا بل نعتبرهما المرجعيةَ الأنسب لاستقرار لبنان ومعافاته على طريق السيادة والاستقلال وصَوْنِ العيش المشترك، في «وطنٍ نهائي لجميع أبنائه».

واعتبر أنَّ «الأزمات القائمة والمتناسلة منذ عقود ليست ناجمةً عن أزمة نظامٍ سياسيّ ثبتَ فشلُه أو قُصورُه بالتجربة- كما يزعم البعض، وإنما هي أزمةُ إداراتٍ سياسية لم تكن في مستوى تسوية الطائف التاريخية، كما أنها هجرتْ هذه المرجعيَّة إلى ترتيباتٍ ومشاريع أعراف لمصلحة الوصايات الخارجية وعلى قياس أدواتها الداخلية»، وقال: «إنّ نظرتنا إلى مرجعية الطائف والدستور تختلف تماماً عن تلك النظرة القائلة بأن تسوية الطائف كانت «ضروريةً ومؤقتة ولوقْفِ الحرب الداخلية لا أكثر». على العكس، نعتقد أنَّ اتفاق الطائف كان تسويةً تاريخية، واقعيَّة ومنْصِفة ومتوازنة».

وخلص السنيورة إلى أنَّ «أصلَ الأزمات الراهنة التي يتخبَّط فيها لبنان لا يعود إلى خلافٍ حول تفصيلات واجتهادات، وإنما يعود إلى افتراقٍ، بين خيارين: خيار الطائف، المنسجم مع تكوين لبنان ومعناه ودوره، والذي لم يحظَ بأية فرصة حقيقية للتطبيق وللإنجاز حتى الآن، وبين تطلُّعاتٍ أخرى من خارج العقد الوطني الحقيقي، تراهن على موازين قوى متحركة في الداخل والخارج. وهي بذلك مشاريعُ غَلَبة أو غُربةٍ لا يحتملها لبنان».

الاشتباك الرئاسي

ووسط هذه الارباكات الأمنية والصحية، اندلعت مشكلة جديدة بعد الكلام المنسوب للرئيس عون في الزميلة «الاخبار» حول عملية تشكيل الحكومة والعروض التي حملها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري اليه، ورد عليها المكتب الاعلامي للحريري ببيان مفصّل عمّا جرى بينه وبين رئيس الجمهورية، وعاد المكتب الاعلامي للقصر الجمهوري ورد عليه، ما يعني مزيداً من التعقيد والتأخير في تشكيل الحكومة».

وقد اعتبر المكتب الاعلامي للرئيس الحريري «ان البلاد في وادٍ من المعاناة والأزمات والعهد القوي في وادٍ سحيق آخر من اللامبالاة والإنكار والتجني على الآخرين». وقال: «غاب عن فخامة الرئيس انه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص، نشر معظمها في المقال. كما غاب عن فخامته ان الحل الذي اعتمد لوزارة المال تم بالتوافق ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل ان الورقة التي سلمني اياها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة».

اضاف مكتب الحريري: وفي المحصلة يستحسن العودة الى التأكيد اننا نطالب بحكومة من الاختصاصيين والقصر يريد حكومة من الحزبيين، والقطبة الخفية في هذا المجال لم تعد مخفية عندما يقول فخامة الرئيس في المقالة المنسوبة اليه « سايرناه في حكومة من 18 وزيراً. يبدو أنه لا يراها إلا كما يريدها هو. لن نتحدث من الآن فصاعداً إلا في حكومة من 20 بإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي». وبالمختصر المفيد؛ لن تكون هناك حكومة الا من ١٨ وزيراً … ونقطة عالسطر».

ورأى المكتب «ان دوائر قصر بعبدا تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة».

وحول ما نقل عن عون من ان الرئيس المكلف «اقترح كي تحصل الحكومة على الثقة في مجلس النواب، ينبغي صرف النظر عن التحقيق الجنائي. لأن الرئيس برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي»، قال مكتب الحريري: يبدو ان فخامة الرئيس نسي او تناسى ان مجلس النواب اقر التحقيق الجنائي في ٢٠ كانون الاول ووافقت عليه كتلة المستقبل الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط ، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم.

ومساء، صدر عن مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية بيان أبرز ما جاء فيه: انّ البيان الذي صدر عن المكتب الاعلامي للرئيس الحريري احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي. وحرصاً على عدم الدخول في سجال لا طائل منه، نكتفي بالاشارة الى انّ الرئيس المكلف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الاخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استنادا الى المادة ٥٣ من الدستور. وهذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرد هو نقيض المشاركة.

ورد المستشار الاعلامي للرئيس الحريري حسين الوجه على البيان وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلا: «تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد الى ما قبل الطائف. العهد القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور».

دعوة لتغيير السياسة الاميركية

وفي تطوّر لافت للانتباه، اصدرت «مجموعة الأزمات الدولية» تقريراً حول الوضع اللبناني دعت فيه الادارة الاميركية الى تغيير سياستها واولياتها تجاه لبنان، وقالت فيه: أن الصراع السياسي حول دور حزب الله تسبب بتكلفة، حيث عمّق الاستقطاب في البلاد وكذلك جعل الإجماع المحلي على حكومة جديدة وعلى الخطوات المطلوبة لإنقاذ الاقتصاد اللبناني أكثر صعوبة. لا يزال تشكيل الحكومة معطلاً حيث تستمر الأحزاب في الصراع على الحصص الوزارية، مع التركيز بشكل متزايد على الانتخابات البرلمانية والرئاسية في عام ٢٠٢٢. العقوبات الأميركية ضد حلفاء حزب الله والضغط الموجه لاستبعاد الحزب من السلطة التنفيذية يعقد هذه المهمة الصعبة بالفعل.

واعتبر «أنه علاوة على ذلك، فإن تشكيل الحكومة لن يكون هو الحل لخروج لبنان من الحفرة التي يجد نفسه فيها. من أجل الحصول على الدعم الدولي الذي يحتاجه، ومنع المزيد من تدهور مؤسسات الدولة، سيتعين على الحكومة الجديدة أن تسن إصلاحات مجدية تتطلب من اللاعبين السياسيين التخلي عن جزء من شبكات المحسوبية الخاصة بهم والسيطرة على تلك المؤسسات، التي تدعم سلطتهم».

وقال: أنه يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. إزاء هذه الخلفية، حان الوقت للولايات المتحدة لتغيير أولوياتها. وفي حين من الصعب تخيل أية إدارة أميركية تشعر بالارتياح تجاه دور حزب الله في لبنان، فإن ثمن التركيز الشديد على اضعافه قد يعني فشل الدولة، وهذا سيكون مروعًا للشعب اللبناني ومن شأنه زعزعة استقرار المنطقة برمتها. بدلاً من النظر إلى لبنان من منظور إضعاف حزب الله، يجب على الولايات المتحدة أن تجعل هدفها الأول تقوية الدولة وتجنب انهيارها. وبناءً على ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة أن تلقي بثقلها وراء الجهود الفرنسية لجمع اللاعبين السياسيين اللبنانيين، بمن فيهم حزب الله، في حكومة جديدة، وحشدهم حول الإصلاحات الأساسية.

وضع طرابلس

وحول تطورات طرابلس، وصفت مصادر متابعة لما جرى في المدينة من ترهيب امني وتعديات واستهداف للقوى الامنية والمؤسسات الرسمية والخاصة خلال الأيام الماضية، بانه رسالة سياسية واضحة المعالم والاهداف باسلوب الفوضى الامنية تحت جنح المطالب المعيشية والفاقة والعوز  للمواطنين وذلك لممارسة اقسى الضغوطات الممكنة لتحقيق تنازلات ومكاسب في ملف تشكيل الحكومة الجديدة ، بعد ان باءت بالفشل كل محاولات الابتزاز والتعطيل المتعمد على مدى الاشهر الثلاثة الماضية لتحقيق هذه المكاسب تحت شعارات مزيفة وممجوجة. ولاحظت المصادر ان ملابسات ما حصل لا يمكن اخفاؤه او طمس معالمه لان  الرسالة  السوداوية ممهورة وواضحة المعالم وقد وصلت الى المعنيين ولكن بنتائج وتداعيات عكسية، باعتبار أن موجهي الرسالة هم أنفسهم المسؤولين عن تدهور الاوضاع ومسببي التردي المعيشي والاجتماعي للبنانيين، في حين لوحظ ان ممارسة مثل هذه الاساليب السوداوية لإيصال الرسائل السياسية من هذا النوع كاد ان يخرج عن السيطرة ويهدد بالتمدد إلى مناطق اخرى لو لم يتم تداركه بعدما انكشفت الجهات التي تحمي وتوجه المجموعات التخريبية.

ميدانياً، عاد التوتر الى طرابلس بعد تجمع عدد من المحتجين امام السرايا وبدأوا برمي الحجارة والمفرقعات بإتجاه السرايا بين الحين والآخر وردت القوى الأمنية باطلاق قنابل مسيلة للدموع، وتدخل الجيش اللبناني لإبعادهم بعد انتشار كثيف للجيش في كل ارجاء طرابلس وعند الشوارع الرئيسية والساحات.

كما انطلقت مسيرة باتجاه بلدية صيدا والسرايا للمطالبة بدعم الأسر الفقيرة في المدينة ودعما لحراك طرابلس. فيما تجمّع عدد من المحتجين أمام وزارة الشؤون الاجتماعية في بدارو للمطالبة بدعم الاسر الفقيرة.

وكان الوضع في طرابلس مدار مواقف سياسية من رؤساء الجمهورية والمجلس النيابي وحكومة تصريف الاعمال ورؤساء الحكومة السابقين، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات سياسية، وكذلك موضع متابعة من قادة الاجهزة العسكرية والامنية الذين اجتمعوا امس برئاسة وزير الداخلية محمد فهمي، وحضره قائد الجيش العماد جوزيف عون والمدراء العامين: للأمن العام اللواء عباس ابراهيم ، لقوى الامن الداخلي اللواء عماد عثمان ولأمن الدولة اللواء طوني صليبا ورئيس شعبة المعلومات العميد خالد حمود ومدير المخابرات العميد طوني قهوجي. وتم خلال البحث في الاوضاع الامنية المستجدة في المناطق اللبنانية عموما وفي مدينة طرابلس خصوصا.

واذ اعتبر فهمي ان ما حصل في طرابلس من اعمال تخريبية واعتداءات على الاملاك العامة واحراق مبنى البلدية لا يمت الى ثورة الجياع بصلة، أكد أن طرابلس ستبقى كما كانت بهمّة العاقلين من ابنائها عصية على الانجرار وراء العابثين بأمنها وأمن لبنان، وبعيدة كل البعد عن السماح لأيادي المغرضين بتخريبها.

وأكد، في حديث تلفزيوني، ان «ما حدث يوم امس في طرابلس هو عمل مموّل بخاصة الاسهم النارية والاسلحة النارية التي صوبت على القوى الامنية، ولا يمكن ان افصح عن مجريات التحقيق حالياً»، مشيراً الى ان «الهدف مما حصل يوم امس هو تفتيت ما تبقى من هيبة الدولة، والقوى الامنية تعمل على التحقيق مع الموقوفين، وقمنا اليوم (أمس) في عقد اجتماع امني من اجل تعزيز التنسيق بين الاجهزة العسكرية، والتعاون بين الجيش وقادة القوى الامنية مميز ولم يكن هناك من تواطؤ او تقصير بل نقص في العديد»، مشدداً على انه «كان لدى القوى الامنية معلومات تفيد بنية البعض بالدخول الى السراي في طرابلس من اجل احراقه من الداخل».

وعن زيارته السرية الى طرابلس بين فهمي انه «زار طرابلس علنا ولكن من دون ان اعلن عنها ولقد علم عنها رئيس الحكومة الاسيق نجيب ميقاتي وتوفيق سلطان، ولا اريد ان تفسر الزيارة ايضا بأنها شعبوية خاصة بظل هكذا ظروف، ولكن في نهاية المطاف سنعمل بكل قوة لمنع المس بهيبة الدولة».

وتوقف رؤساء الحكومات السابقين: نجيب ميقاتي، السنيورة، سعد الحريري وتمام سلام، عند الحاقدين والمأجورين، الذين يتربصون بطرابلس، مستغلين التحركات الشبابية والشعبية العفوية».

ورفض الرؤساء ان تكون طرابلس صندوق بريد لتبادل الرسائل التخريبية، وطالبوا رئيس الجمهورية المسارعة إلى «تسهيل تشكيل حكومة الانقاذ من الاختصائيين المستقلين الأكفاء غير الحزبيين».

وتوقف البيان، الذي صدر عن اجتماع عقده رؤساء الحكومات عبر تقنية الفيديو عند «الأيادي الخبيثة التي عملت على تأجيج وغض النظر عن أعمال الشغب والاعتداءات المدبرة باتت معروفة للقاصي والداني وليست بخافية على أحد، خصوصا عندما أقدم أولئك المخربون على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظل النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علما أن أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية».

خطة الأمان الاجتماعي

وفي بعبدا، أطلقت خطة تمويل شبكة الأمان الاجتماعي، من خلال قرض البنك الدولي، بقيمة 246 مليون دولار، في وقت أكد فيه ممثل البنك في لبنان ساروج كومار، الذي شارك في اجتماع إطلاق الخطة الذي انعقد في بعبدا، برئاسة الرئيس عون وحضور الرئيس دياب والوزراء المعنيين، ان البنك سيقف إلى جانب لبنان في الأوقات الصعبة، معرباً عن تقديره لإرسال مشروع القانون على عجل إلى مجلس النواب ليصار إلى تنفيذ هذا البرنامج.

وتناول الرئيس عون الوضع الأمني في البلاد والاحداث التي وقعت في طرابلس ، فجدد تأكيد «ضرورة معاقبة الذين قاموا بأعمال الشغب في المدينة، لا سيما وأنهم معروفون من الأجهزة الأمنية ومعروفة هوياتهم السياسية»، لافتا الى ان «التعليمات أعطيت الى القوى الأمنية للمحافظة على الأمن في عاصمة الشمال ومنع الاعتداءات على الأملاك العامة والخاصة».

ثم تحدث الرئيس دياب، فدان «الاحداث التي وقعت في طرابلس وتوظيف ساحات المدينة لتوجيه رسائل سياسية نارية»، معتبرا ان ذلك «غير مقبول»، لافتا الى «إمكانية اجتماع المجلس الأعلى للدفاع لمناقشة ما حصل من احداث غير مقبولة طرابلسيا ولبنانيا».

وأشار الرئيس دياب الى ان «المجرمين الذين احرقوا بلدية طرابلس لا بد من القبض عليهم، لأنهم بما فعلوه عبروا عن حقد دفين تجاه طرابلس وعنفوانها. وما حصل ليس من جراء المطالب الشعبية»، لافتا الى ان «إجراءات ستتخذ لمنع تكرار ما حصل».

تزايد المخاوف

وبحسب برنامج الأغذية العالمي، تسبّب الإغلاق الأول بين آذار وحزيران بانتقال نحو ثلث اللبنانيين الى البطالة. وأبدت منظمة «أنقذوا الأطفال» (سايف ذي تشيلدرن) قلقها «العميق» من أن يؤثر الإغلاق الجاري على العائلات والأطفال الذين يعانون من أوضاع اقتصادية هشّة، ما لم يتم دعمهم بشكل فوري، في بلد يشكل العمال المياومون قرابة نصف اليد العاملة فيه، بحسب وزارة العمل. ولا يستفيد هؤلاء من أي تقدمات اجتماعية أو صحية. ووافق البنك الدولي الشهر الحالي على تقديم مساعدة طارئة للبنان قدرها 246 مليون دولار على شكل تحويلات مالية وخدمات اجتماعية لنحو 786 ألف لبناني يعيشون تحت خط الفقر. وتم الجمعة توقيع اتفاق القرض بين الطرفين. وتقدّم السلطات، وفق وزارة الشؤون الاجتماعية، مساعدات مادية بقيمة 400 ألف ليرة (50 دولاراً) شهرياً لنحو 230 ألف أسرة لبنانية، وهو مبلغ زهيد جداً لا يكفي لتأمين حاجات أساسية، في بلد 25 في المئة فقط من مواطنيه لا يحتاجون إلى مساعدة، بحسب وزارة الشؤون الاجتماعية.

هل من سيناريو أسوأ متوقّع؟

ما لم تتكثّف الجهود لإخراج لبنان من دوامة المراوحة السياسية ووضع إصلاحات اقتصادية بنيوية قيد التنفيذ للحصول على دعم دولي عاجل، فإن المستقبل يبدو قاتماً «إذا استمر المأزق السياسي واستمرت الاشتباكات والحوادث الأمنية، يمكن أن يرتفع سعر الصرف في السوق السوداء إلى عشرة آلاف ليرة أو أكثر مقابل الدولار، ما قد يؤدي إلى ارتفاع جديد في الأسعار». وعلى وقع تضاءل احتياطي المصرف المركزي بالدولار، تدرس السلطات منذ أشهر رفع الدعم عن استيراد مواد أساسية هي القمح والأدوية والوقود..

وفي اول موقف مما جرى في طرابلس، قال متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية لقناة «الحرة»: إن الوزارة تراقب الوضع في طرابلس عن كثب وتحث جميع الأطراف على الامتناع عن العنف أو الأعمال الاستفزازية. وأعرب المتحدث عن دعم الولايات المتحدة لحق الشعب اللبناني بالاحتجاج السلمي، وقال «إن أولئك الذين يقطعون هذه الجهود بالعنف والأفعال الاستفزازية يقوضون الخطاب المدني».

كما دخلت تركيا على الخط حيث زار سفير تركيا في لبنان هاكان تشاكل رئيس حكومة تصريف الأعمال الدكتور حسان دياب، في حضور الوزير رمزي المشرفية. وأبدى السفير التركي «استعداد بلاده للمساعدة في إعادة ترميم مبنى بلدية طرابلس والسرايا والمحكمة الشرعية جراء الأحداث الأمنية التي شهدتها المدينة خلال الأيام الماضية، وأيضا امكانية تقديم مساعدات اجتماعية للعائلات الأكثر فقرا في طرابلس والمتضررة من الأحداث».

سلامة يحذر من تفاقم الوضع

ماليا، حذّر حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من ان الوضع في لبنان صعب، ويمكن ان يتفاقم ان لم يتم تشكيل حكومة سريعة لانه ينبغي استعادة الثقة».وتابع في حديث الى «فرانس24»: لإستعادة الثقة هناك 3 ركائز: الاولى تتمثل باعداد ميزانية مع عجز اقل، والثانية يجب التفاوض مع الجهات المقرضة خاصة وان هناك قرار حكومي بعدم دفع الديون الدولية، وثالثاً: هناك اصلاح النظام المصرفي الذي بدأناه في المصرف المركزي، ورابعاً، علينا اخراج الليرة اللبنانية من هذه الاسعار الثلاثة الذي يتم الاستفادة من هوامشها من قبل عمليات المضاربة». وعن التدقيق الجنائي، قال سلامة: لم نكن ابدا ضد عملية المراجعة القضائية وقدمنا حسابات المصرف المركزي، لكن كان هناك عائق قانوني يتعلق بحسابات الحكومة والمصارف، وهنا كان ينبغي ان تتم مبادرة قانونية لتعليق او الغاء السرية المصرفية»، لافتاً الى ان «هذا يبين اننا كنا على حق، وبعد ان تم ذلك ابلغ المركزي الحكومة ان كل الحسابات تحت تصرفها». وتابع: «نثمن مبادرات الرئيس ماكرون في هذه اللحظات الصعبة، فالمصرف المركزي ومن خلال الارقام منذ 2017 والى ايلول 2020 في كل معاملته مع المصارف أعاد اليها كل الودائع المصرفية من العملات الاجنبية». ولفت الى اننا «قمنا بضخ 13 مليار في القطاع المصرفي، والكثير يخطىء فيما يتعلق بالسيولة بالعملات الاجنبية التي استهلكت عبر الاستيراد».

خروج تدريجي من الاقفال

وتجتمع اللجنة الصحية العلمية بداية الأسبوع، حسب ما كشف وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال حمد حسن، للبحث في خروج آمن من حالة الاقفال التام، بالتزامن مع وصول اللقاح في منتصف شباط 2021، على ان يبدأ هذا التلقيح بهذا التاريخ، كاشفا ان 129 الفا شخص سجلوا اسماءهم للتلقيح خلال 36 ساعة.

296282 إصابة

وعلى صعيد الإصابات، أعلنت وزارة الصحة العامة عن تسجيل 3125 إصابة جديدة بالكورونا، و59 حالة وفاة، خلال الساعات الـ24 ساعة الماضية، ليرتفع العدد التراكمي إلى 296282 إصابة مثبتة مخبرياً منذ 21 شباط 2020.

Leave A Reply