تحوّلات المنطقة تُترجم في لبنان.. وتؤسس لمرحلة جديدة!

أفرز العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطر بهدف إغتيال وفد حماس المفاوض، وما تلاه من تعاطي صهيوني ـ أميركي لا مسؤول مع القمة العربية الاسلامية الطارئة، وإصرار العدو بعد صدور البيان الختامي للقمة على تهديد قطر مجددا، والاعتداء على لبنان وسوريا، وتكثيف الهجمات النارية على غزة بهدف تهجير أهلها إستكمالا لمشروع نتنياهو ـ ترامب، سلسلة تحولات على صعيد المنطقة.

أبرزهذه التحولات هي الاقتناع بضرورة الوحدة العربية الاسلامية في مواجهة التغوّل الاسرائيلي الذي يسعى الى شرق أوسط جديد بدول من دون سيادة وطنية، وبأن أي خلاف بين اللاعبين الأقليميين من عرب ومسلمين يصب في مصلحة إسرائيل الكبرى التي رفع نتنياهو خارطتها الزرقاء من دون أن يقيم وزنا لحكومات الدول التي تتضمن أراض فيها، ومن دون أي رادع من أميركا التي تدّعي التحالف مع أكثرية تلك الدول، وبأن ثمة عدو واحد في هذه المنطقة للعرب والمسلمين هي إسرائيل فقط لا غير.

وقد ترجمت هذه التحولات في لبنان أمس، من خلال الدعوة التي وجهها أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم الى المملكة العربية السعودية لعقد حوار يطوي الصفحة الماضية ويعالج الاشكالات ويجيب على المخاوف ويؤمن المصالح ويجمد الخلافات خلال هذه المرحلة الاستثنائية، ويؤكد على أن إسرائيل هي العدو وليس المقاومة.

جاءت دعوة الشيخ نعيم قاسم الى الحوار، لتؤسس لمرحلة جديدة، ولتؤكد على جرأة المقاومة وإنفتاحها على التعاون مع محيطها العربي والاسلامي، ولتشدد على أن الهدف الأساسي والمشترك هو مواجهة الاعتداءات الاسرائيلية التي قد تطال في حال السكوت عنها عواصم عربية أخرى.

دعوة الحوار لم تأت من فراغ، ولم تكن وليدة صدفة بل كانت نتيجة سلسلة مبادرات شهدتها المنطقة بعد العدوان على قطر، تمثلت باللقاء الذي عقده ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع الرئيس الايراني مسعود بزشكيان على هامش إنعقاد القمة العربية ووصف بالايجابي حيث جرى خلاله بحث مستجدات الأوضاع الاقليمية والملفات التي تمت مناقشتها في القمة الطارئة، وكذلك بالزيارة التي قام بها الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الايراني السيد علي لاريجاني الى العاصمة السعودية الرياض، ولقائه مع الأمير بن سلمان ووزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان، حيث جرى البحث في تطورات الأوضاع الاقليمية والجهود المبذولة لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة.

وشكلت إتفاقية الدفاع المشترك التي وُقعت مطلع الاسبوع الحالي بين المملكة العربية السعودية وباكستان محطة بارزة في تعزيز علاقات المملكة مع إيران خصوصا أن باكستان تعتبر واحدة من أبرز الدول الحليفة للجمهورية الاسلامية وهي أعلنت وقوفها الكامل الى جانبها خلال عدوان إسرائيل عليها.

وعلى الصعيد الداخلي جاء كلام عضو المجلس السياسي في حزب الله الحاج محمود قماطي بأن “لا مشكلة للحزب مع السعودية” ليعطي مؤشرا إيجابيا، وقد رد السفير السعودي في لبنان الدكتور وليد البخاري التحية حيث نقل عنه الشيخ عباس الجوهري أن “المملكة تعتبر أبناء الطائفة الشيعية في لبنان أبناء لها، وأنها لا تريد أن يستقوي عليها أحد بإسمها ولا تسمح بهذا الشيء”.

كل ذلك، معطوفا على معلومات مؤكدة مفادها أن الطرفين تبادلا إشارات إيجابية خلال الأيام الماضية، دفعت الشيخ نعيم قاسم الى إطلاق دعوة الحوار التي جاءت بمثابة “صاروخ دقيق” أصاب المتضررين الذين بدأوا يضربون أخماسا بأسداس، وفتح الباب على تفاهم مع المملكة من شأنه أن يؤسس الى عودة سعودية لدعم الحل في لبنان ومساعدته على تجاوز أزماته.

 غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply