إكتمل مشهد التحالفات السياسية في بيروت ودخل الجميع في مرحلة الصمت الانتخابي، بإنتظار فتح صناديق الاقتراع عند السابعة من صباح غد الأحد لإختيار 24 مرشحا لعضوية مجلس بلدية بيروت، في معركة قاسية، سياسية ـ طائفية قد تمتد تداعيات نتائجها الى الاستحقاق النيابي المقبل.
كل الأنظار تتجه الى لائحة “بيروت بتجمعنا” برئاسة المهندس إبراهيم زيدان التي تضم تحالفا سياسيا عريضا وتجمع الأضداد الذين يبدو أنهم أعطوا أنفسهم إستراحة من السجالات السياسية، من ثنائي حزب الله وحركة أمل الى التقدمي الاشتراكي والنائب فؤاد مخزومي وجمعية المشاريع الخيرية الاسلامية (الأحباش) والقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر حزب الكتائب وحزب الطاشناق، وإتحاد العائلات البيروتية فضلا عن مباركة من الرئيسين نواف سلام وفؤاد السنيورة، حيث يأمل البعض أن تتمكن مكونات هذه اللائحة في إيصال لائحة كاملة تحافظ على المناصفة الاسلامية ـ المسيحية بما يجنب بيروت كثيرا من الأخذ والرد والاتهامات التي قد تؤدي الى توترات هي اليوم بغنى عنها.
وبحسب المعطيات، ليس بالضرورة أن ينعكس هذا التحالف السياسي العريض على الشارع الذي قد يكون لديه توجهات أخرى، على قاعدة “روما من فوق غير روما من تحت” في ظل الخطاب الطائفي الذي أرخى بثقله على الساحة البيروتية، وموقف بعض النواب المسيحيين الرافض لتمويل الدولة إعادة إعمار ما دمره العدو الاسرائيلي، حيث لم يعد خافيا على أحد أن ثمة نقمة سنية ـ شيعية على بعض المكونات المسيحية، وأن المشاركين في اللائحة من المذهبين لا يستطيعون تجاوزها وهم ربما يجبروا الملتزمين بالتصويت للائحة كاملة، من دون المناصرين الذين قد يكون لديهم خيارات أخرى.
وفي هذا الاطار هناك تصور لدى المكونات الاسلامية في اللائحة أن التيارات المسيحية قد توافقت ضمنيا على أن يقتصر التصويت على المرشحين المسيحيين فقط، وذلك لإحداث فارق في الأصوات يؤمن وصول المسيحيين الى المجلس البلدي مناصفة مع المسلمين، وهذا ما يثير كثيرا من المخاوف من ترددات هكذا إجتهادات أو تصرفات، خصوصا في ظل الحديث عن تراجع في شعبية النواب السنة في بيروت من فؤاد المخزومي الملتزم بلائحة السلطة الى نواب التغيير الداعمين للائحة “بيروت مدينتي” برئاسة المهندس فادي درويش، وغير القادرين على التجيير كونهم وبعد ثلاث سنوات باتوا يحتاجون لكثير من الجهد لملامسة تطلعات أبناء بيروت، في ظل مخاوف حقيقية من أن تُفرز الانتخابات البلدية في بيروت أحجاما جديدة قد تشكل مفاجآت وتأثيرات على الاستحقاق النيابي المقبل.
في غضون ذلك، تبرز لائحة “بيروت بتحبك” برئاسة العميد محمد الجمل المدعومة من الجماعة الاسلامية والنائب نبيل بدروبعض الجمعيات والعائلات البيروتية، كونها تضم ثقلا سنيا وبالتالي هي قد تشكل خيارا لكثير من السنة الذين سبق ورفضوا مبدأ اللوائح المقفلة وإنتفضوا على اللغة الطائفية التي شهدها مجلس النواب، فضلا عن بعض التعاطف الذي يظهر من مقربين من المقاومة مع الجماعة الاسلامية على خلفية حرب الاسناد لدعم غزة.
في حين تسعى لائحة “ولاد البلد” المكتملة برئاسة رولا العجوز والمدعومة من جمعية المقاصد الى إثبات الوجود وإستمالة العائلات البيروتية التقليدية، فيما تحاول لائحة “مواطنون ومواطنات عاصمة في دولة” وهي بلا رئيس ومدعومة من الوزير السابق شربل نحاس، ولائحة “بيروت عاصمتنا” المؤلفة من تسعة أعضاء الى أن تأكلان من صحن لائحة “بيروت مدينتي” المدعومة من نواب التغيير.
أما الهاجس الأكبر لدى الجميع فهو نسبة الاقتراع، حيث يعتبر مراقبون أنه إذا لم تتجاوز النسبة 25 بالمئة فإن ذلك سيصب في مصلحة لائحة “بيروت بتجمعنا” مع إمكانية حدوث خروقات طفيفة، أما في حال لبى أهالي بيروت الدعوات الى الاقتراع وتجاوزت النسبة الثلاثين بالمئة وما فوق، فإن النتائج قد يكون لها مسار آخر، لتبقى الكلمة الفصل في صناديق الإقتراع لأبناء بيروت.
غسان ريفي – سفير الشمال