دعوة المقاومة لتسليم سلاحها دعوة قديمة ــ جديدة، يرفعها عدد من القوى السياسية التي تتخذ من هذا الشعار قميص عثمان، ويدفعها إلى ذلك أسباب عدة منها: تنفيذ أجندات خارجية، وشد عصب طائفي، وكل ذلك تحت عنوان الدفاع عن السيادة!!
جاء إعلان الإمام السيد موسى الصدر عن ولادة أفواج المقاومة اللبنانية “أمل” بُعيد إنفجار “عين البنية” بعدما يأس الإمام الصدر من تجاوب الدولة لنداءاته ودعواته المتكررة لها بإرسال الجيش اللبناني إلى الجنوب، والتصدي للعدو الإسرائيلي، ولكن لا حياة لمن تنادي، وتولت هذه المقاومة مسؤولية الدفاع عن الجنوب نيابة عن الدولة وصولاً لتحرير الجنوب في العام 2000.
اليوم، وبعد اتفاق وقف إطلاق النار وإلتزام المقاومة بهذا الإتفاق، يمعن العدو الإسرائيلي في خرق بنوده، لا بل يتمادى في انتهاك السيادة اللبنانية، والتوغل داخل الأراضي اللبنانية، والاعتداء على مراكز وعناصر الجيش اللبناني، آمناً من الردع، ومحاولاً استفزاز المقاومة للتصدي له لأخذه ذريعة من أجل تبرير حربه التدميرية والتوسع داخل الأراضي اللبنانية، وتثبيت ليس خمس نقاط فقط بل احتلال مساحة كبيرة من هذه الأراضي.
إن عدم قيام الدولة بواجب الدفاع عن سيادتها، والتصدي للعدو الاسرائيلي، سيعيد تكرار تجربة الإمام السيد موسى الصدر مع الدولة، وبالتالي تصبح المقاومة مطلوبة لا بل واجبة.
هذا فيما تعلق بالعدو الإسرائيلي، أما السبب الثاني لتحول سلاح المقاومة إلى مطلب لبنانيا فهو ما يحصل في سوريا من تصفيات عرقية تطال الأقليات:
الشيعية والعلوية والمسيحية والدرزية وحتى السنية التي ترفض هكذا تصرف إجرامي، وبالتالي فإن الخطر الإرهابي الذي عاث قتلاً، وسحلاً واغتصاباً أينما حل دون أي رادع ديني أو وازع أخلاقي سيتمدد إلى الداخل اللبناني، مع وجود بيئة حاضنة من اللبنانيين ومن السوريين الموجودين في لبنان الذين يتبنون الفكر الداعشي، وما الخبر الذي ورد في وسائل الإعلام مؤخراًعن تفكيك الجيش اللبناني خلية لداعش في الشمال إلا أكبر دليل على ما نقوله.
في فترة سابقة، حاول التكفيريون الدخول إلى لبنان وتصدى لهم المواطنون في القرى المتاخمة للحدود مع سوريا، يومها حمل أبناء رأس بعلبك والقاع السلاح جنباً إلى جنب مع المقاومة للدفاع عن أرضهم وعرضهم.
إن من يعتقد من القوى السياسية المناوئة للمقاومة أنهم بمنأى عن مشروع التكفيريين فهو خاطىء، وسيطاله السيف والقتل، وستتكرر الجرائم التي شاهدها العالم كله.
اليوم، هذه المخاوف بدأت تفعل فعلها في المجتمع اللبناني، وبدأت شرائح كثيرة تفكر باقتناء السلاح، والتهيؤ للدفاع عن النفس، والتصدي للإرهاب القادم، ولأن هذه الشرائح تعلم علم اليقين أن السلاح الفردي وعدم الخبرة القتالية لا يمكن أن تتصدى لموجات التكفيريين، لن يكون من المستغرب أن تلجأ هذه الشرائح، وربما القوى السياسية والدينية التي تطالب بنزع سلاح المقاومة إلى طلب المساعدة من المقاومة في ردع العدوان التكفيري وهو ما يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي من مطالبة عدد من المسيحيين المقاومة عدم تسليم السلاح لأنه برأيهم الضمانة الوحيدة لهم من مصير شبيه لما يجري في سوريا.