معنويات السوق النفطية تتحسن رغم الرياح المعاكسة .. الأسعار تقفز 6 %

استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع على ارتفاع وسط مؤشرات على تعاف وشيك للرئيس الأمريكي دونالد ترمب بعد خروجه في جولة خارج المستشفى، التي يعالج بها.

ويكبح المكاسب السعرية استمرار تسارع الإصابات الجديدة بفيروس كورونا وفي ظل ضغوطها الهائلة على الطلب العالمي على النفط الخام والوقود إلى جانب الزيادات الإنتاجية الناجمة عن استئناف الإمدادات النفطية من ليبيا.

وقال لـ”الاقتصادية”، مختصون ومحللون نفطيون، إن التطورات الإيجابية في صحة ترمب أدت إلى ارتفاع أسعار النفط العالمية قرابة 6 في المائة ليرتد الخام الأمريكي بقوة من أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع وخام برنت من أدنى مستوى في أربعة أشهر وتحقيق أول مكسب في غضون الأيام الثلاثة الأخيرة. وأوضح المختصون أن الخسائر الفادحة، التي تم تسجيلها في ختام الأسبوع الماضي، وبلغت نحو 8 في المائة أدت إلى عزوف المستثمرين عن المخاطرة، خاصة في ضوء الأزمة الصحية للرئيس الأمريكي، مبينين أن بداية الأسبوع الجاري شهدت تحسنا في المعنويات في الأسواق مع عودة الإقبال على الأصول ذات المخاطر المرتفعة، كما يدعم أسعار النفط أيضا هبوط الدولار الأمريكي مقابل عملات أخرى، وفقا للعلاقة العكسية بينهما.

وأضاف المختصون أن السوق تواجه بالفعل حالة من المخاوف المتزايدة بشأن توقعات الطلب وهو ما لم يجعل سوق النفط قادرة على الهروب من عمليات البيع الواسعة، خاصة بعد إعلان مرض ترمب بفيروس كورونا.

وأكد روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية، أن المعنويات الإيجابية تعود على استحياء إلى السوق وسط تقارير عن تطورات جيدة في صحة الرئيس الأمريكي، وذلك بعدما تعرض الطلب العالمي على الوقود لحالة تدمير واسعة بسبب الانتشار السريع للوباء وهو ما يعد بمنزلة رياح معاكسة ضخمة عطلت جهود الحكومات في التحفيز والتعافي الاقتصادي.

وأشار إلى أن شركات الطاقة الكبرى، خاصة في الولايات المتحدة وكندا لجأت إلى التوسع في خطط خفض الإنفاق الرأسمالي وتقليل توزيعات الأرباح، التي وصلت في بعض الشركات الكندية إلى نحو 90 في المائة، لافتا إلى بيانات صادرة عن “كريدي سويس” تؤكد أن الشركات الأمريكية والكندية الكبرى تركز على تسريع وتيرة خفض المديونية بصفتها مفتاحا للتعافي والاستمرارية.

من جانبه، قال ألكسندر بوجل المستشار في شركة “جي بي سي إنرجي” الدولية، إن مخاوف تخمة المعروض تفاقمت في الأسواق المثقلة بأعباء ضعف الطلب، خاصة بعد ارتفاع إنتاج ليبيا من النفط الخام إلى 295 ألف برميل على أثر هدنة في الصدامات المسلحة التي سيطرت في الأعوام الأخيرة على الدولة العضو في منظمة “أوبك”، مبينة أنه تم رفع الحصار عن منشآت الطاقة وعادت الإمدادات النفطية بوتيرة سريعة.

وذكر أن استئناف ليبيا ألقى بأعباء إضافية ثقيلة على أسعار النفط الخام، وهو ما جعل التجار أكثر تشاؤما من تعافي السوق في ظل حالة من الهبوط الحاد في توقعات الطلب على الطاقة نتيجة فرض عديد من دول العالم قيودا أكثر صرامة للحد من انتشار جائحة فيروس كورونا.

من ناحيته، أوضح لوكاس برتريهر المحلل في شركة “أو إم في” النمساوية للنفط والغاز، أن الأعباء على المنتجين اتسعت في الشهور الأخيرة بسبب ضعف الأسعار وترنح الطلب، خاصة بالنسبة لبعض منتجي النفط الثقيل، وهو ما جعل تركيز المستثمرين ينصب على رفع كفاءة الميزانيات العمومية وتوفير السيولة وخفض التكلفة.

وذكر أنه إذا نجحت دول العالم في تفادي الإغلاق الوبائي الثاني وإذا نجحت أيضا في التوصل إلى لقاح موثوق وفعال لفيروس كورونا ستتبدل الأوضاع في السوق النفطية إلى مرحلة إيجابية للغاية، حيث سيعود نمو الطلب على الوقود والمنتجات المكررة، إضافة إلى تحسن معنويات الاستثمار بشكل كامل في شركات النفط والغاز.

بدورها، قالت إكسوي ساهي المحللة الصينية ومختص شؤون الطاقة، إن “أوبك+” تسعى جيدا نحو رفع الامتثال بحصص خفض الإنتاج وإجراء المنتجين- المتعثرين سابقا- التعويضات اللازمة لإنجاح قيود خفض المعروض النفطي، مشيرا إلى أنه على الرغم من ذلك لفتت بيانات دولية إلى ارتفاع إجمالي صادرات النفط العراقية في أيلول (سبتمبر) الماضي بما في ذلك من المنطقة الكردية شبه المستقلة بنمو 1.3 في المائة عن آب (أغسطس) الماضي مدفوعة بزيادة الإنتاج الكردي.

وأوضحت أن العراق حريص على إنجاح خطة الالتزام بتخفيضات إنتاج “أوبك+”، ما دفع الحكومة المركزية إلى تعويض الإنتاج الزائد في الإقليم شبه المستقل، بينما نفت حكومة إقليم كردستان عدم التزامها بخفض الإنتاج مؤكدة حرصها على الالتزام باتفاق بغداد وأربيل على تقاسم تخفيضات إنتاج “أوبك+” بالتناسب.

وفيما يخص الأسعار، قفز النفط أكثر من 5 في المائة أمس بعد أن قال الأطباء إن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد يخرج قريبا من المستشفى، حيث يتلقى العلاج من كوفيد – 19، في حين أغلقت ستة حقول بحرية نرويجية للنفط والغاز مع انضمام مزيد من العمال إلى إضراب. وبحسب “رويترز”، ارتفع برنت 2.02 دولار بما يعادل 5.1 في المائة ليتحدد سعر التسوية عند 41.29 دولار للبرميل. وزاد الخام الأمريكي غرب تكساس الوسيط 2.17 دولار أو 5.9 في المائة ليغلق عند 39.22 دولار.

وقال فيل فلين، كبير المحللين لدى برايس فيوتشرز جروب في شيكاجو، “كثيرون رأوا أن تراجع الأسبوع الماضي كان مبالغا فيه.. كانت هناك افتراضات كثيرة”.

هوت الأسعار أكثر من 4 في المائة الجمعة الماضية عقب إعلان إصابة ترمب بالفيروس. وما زالت حالة ترمب الصحية غير واضحة مع دخول اليوم الرابع لمكوثه في مستشفى عسكري لتلقي العلاج، لكن أطباءه قالوا إنه قد يخرج قريبا، وهو ما حسن معنويات السوق.

Comments are closed.