البرلمان اللبناني يدعو حكومة تصريف الأعمال لمتابعة أشغالها بعد الفراغ الرئاسي

كتبت صحيفة “الشرق الأوسط” تقول: أوصى البرلمان اللبناني حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها نجيب ميقاتي بـ«المضي قدماً في عملها»، في رفض غير مباشر لرسالة وجهها إليه الرئيس ميشال عون قبل يوم واحد من نهاية ولايته الدستورية، الاثنين الماضي، على الرغم من أن عون وقع استقالة الحكومة التي تصرف الأعمال منذ انتهاء ولايتها مع إجراء الانتخابات البرلمانية في مايو (أيار) الماضي، فيما دعا رئيس المجلس نبيه بري إلى جلسة جديدة لانتخاب رئيس للجمهورية بعد تراجعه عن إطلاق حوار وطني بشأن الانتخابات الرئاسية، مع أنه سيدعو أسبوعياً لجلسة انتخاب، أملاً في «الوصول إلى حل»؛ منعاً لأن يكون مصير الجلسات شبيهاً بأربع جلسات عقدت خلال الشهرين الماضيين، ولم تسفر جميعها عن انتخاب رئيس جديد.

وترأس بري جلسة برلمانية خصصت، أمس، لمناقشة رسالة عون التي وجهها لمجلس النواب قبل انتهاء ولايته الرئاسية بيوم واحد، حول التعثر في تأليف الحكومة اللبنانية وطلبه سحب تكليف ميقاتي بتأليف الحكومة. ورد ميقاتي في مستهل الجلسة على رسالة عون برسالة قال فيها إنه مستمر بعمل حكومة تصريف الأعمال التي يرأسها «تحاشياً للمُساءلة الدستورية بتهمة الإخلال بالواجبات المنصوص عنها في المادة (٧٠) من الدستور، وتفادياً لتعطيل سير المرافق العامة وسقوط النظام وشلّ عمل الدولة بجميع مكوناتها ومؤسساتها الدستورية، وفي طليعتها السلطة المشترعة، السلطة الدستورية الأم التي ستواجه مشكلة عدم إصدار وعدم نفاذ ما قد تقرّه من قوانين، ولكون المرسوم، الذي قبِلَ استقالة حكومة هي مستقيلة أصلاً وحكماً بمقتضى النص، يفتقر إلى أي قيمة دستورية تنعكس سلباً على وجوب تصريف الأعمال، إضافة إلى ممارسة جميع ما يفرضه عليها الدستور من موجبات».

وقال ميقاتي: «أخذت الدعوات إلى التهدئة بعين الاعتبار، وقلت مراراً وتكراراً إنني ضد سياسة الاستفزاز، وفي هذا الوقت فإن همنا هو هم الناس والوضع الاقتصادي، ويجب أن نتعاون جميعاً لتمرير هذه المرحلة الصعبة». وأضاف: «عندما تكون الحكومة مستقيلة يبقى مجلس النواب بحال انعقاد لأننا نريد التشاور بين الحكومة والمجلس النيابي، وأنني أطلب من السادة النواب أن تكون لهم آراء واقتراحات في كل المسائل المطروحة، ونحن على استعداد لمناقشتها».

وفي موضوع ممارسة الحكومة مهامها، قال ميقاتي: «أنا أعي تماماً أنه عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتما يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الأمر ينطبق في الأيام العادية، ولكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، سأستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء إذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد أحد. سنتشاور في أي موقف ونتخذ القرار المناسب».

وبعد انتهاء رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من كلمته ومناقشات النواب، قال بري إن «كل الكلمات أجمعت على أن الأولوية هي لانتخاب رئيس للجمهورية. هذا الكلام قلته، ومنذ انتخاب المجلس النيابي وحتى الآن أنادي مع كل واحد منكم أنه من المفروض أن يكون هناك توافق». وأعلن أنه «لن يمر أسبوع إلا وسيكون هناك جلسة لمجلس النواب لانتخاب رئيس بدءاً من الأسبوع المقبل، ولكن آملاً منكم ألا تتحول القصة إلى مسرحية؛ لأننا عقدنا ٤ جلسات وتحولنا إلى موضوع (هزء)، لذلك قلت إنني بصدد القيام بشيء من الحوار»، في إشارة إلى الجلسات الأربعة التي لم تسفر عن انتخاب رئيس.

وقال بري: «بدءاً من الخميس المقبل سيكون هناك جلسة، وسوف توجه الدعوة لها وفقاً للأصول»، كما أمل «خلال هذا الأسبوع أن يحصل توافق ما بين المكونات والبلوكات»، مضيفاً: «جميعكم يعرف أين هي العقدة، العقدة يجب أن تحل، وإذا لم يحصل تراجع من هنا وتراجع من هناك فلن نصل إلى حل».

وتلا رئيس المجلس النيابي نص الموقف الذي اتخذه مجلس النواب، بإجماع الحضور بعد الاستماع إلى رسالة رئيس الجمهورية السابق حول مسألة تشكيل الحكومة الجديدة، وبعد النقاش حولها وفقاً المادة (145) من النظام الداخلي. وقال: «استناداً إلى النص الدستوري حول أصول تكليف رئيس لتشكيل الحكومة وطريقة التشكيل وفق المادة (53) من الدستور، ولما لم يرد أي نص دستوري آخر حول مسار هذا التكليف واتخاذ موقف منه، وبما أن فخامة رئيس الجمهورية قد قام باستشارات ملزمة وفق ما ورد، وبعد إطلاعه رئيس المجلس النيابي أتت نتيجتها تكليف الرئيس نجيب ميقاتي تشكيل الحكومة. وباعتبار أن أي موقف يطال هذا التكليف وحدوده يتطلب تعديلاً دستورياً ولسنا بصدده اليوم، «وفي الصفحة الرابعة من رسالة فخامته يشير لذلك». وحتى لا تطغى سلطة على أخرى، ولحرص المجلس على عدم الدخول في أزمات ميثاقية ودستورية جديدة، وحرصاً على الاستقرار في مرحلة معقدة وخطيرة اقتصادياً ومالياً واجتماعياً تستوجب إعطاء الأولوية لعمل المؤسسات. يؤكد المجلس ضرورة المضي قدماً وفق الأصول الدستورية من قبل رئيس الحكومة المكلف للقيام بمهامه كحكومة تصريف أعمال».

وخلال الجلسة، تفاوتت المواقف من الرسالة التي وجهها عون. وقال عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب وائل أبو فاعور: «الرسالة تدعو لسحب التكليف من رئاسة الحكومة، وأسارع للقول إن الشراكة ليست خياراً وليست منّة من أحد»، مضيفاً أن «التزام الكتلة بالحل هو بانتخاب رئيس للجمهورية يعفينا من كل المخاض، وإلى ما يمكن أن يقود إليه هذا النقاش ومنها الطائفية».

وتناول النائب جورج عدوان (القوات اللبنانية) مسألة سحب التكليف، مشيراً إلى «أن المجلس اتخذ موقفاً بأن لا مهلة للتكليف ولا يجوز سحبه». كما تناول مرسوم قبول الاستقالة وقدم مطالعة دستورية، لافتاً إلى أنه «لا يجوز منعاً للفراغ أن نغير هذه الحكومة، يجب أن تستمر بتصريف الأعمال».

وقال رئيس «كتلة حزب الله» النائب محمد رعد إن «الجلسة عقدت لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية وتسليط الضوء عليها يتطلب تمحيصاً». وتابع: «معلوم أن توجيه هذه الرسالة حق دستوري لرئيس الجمهورية في سياق التعاون بين السلطات، فهو أراد أن يكشف عما شخصه من معوقات حالت دون تأليف الحكومة، كما هدف من خلالها أن يضع الحيثيات للنظر في تلك المعوقات وتدارك آفة الشغور في موقع رئاسة الدولة».

ورأى رعد أنه «من الطبيعي أن تتحمل حكومة تصريف الأعمال مسؤوليتها في هذا الوضع، ومع كل المخاوف والهواجس التي تطرحها شريحة كبيرة من اللبنانيين، وهذا يتوقف على إدارة رئيس الحكومة والوزراء في هذه المرحلة».

Leave A Reply