مارادونا.. زعيم لاعبي الشوارع

بدأ هدف دييجو مارادونا الثاني الشهير في مرمى إنجلترا في كأس العالم 1986 لكرة القدم بدوران صعب حول نفسه وسلسلة من اللمسات وانطلاقة مذهلة لا يمكن إيقافها ومراوغات تخطف العقول.

وكان الأسلوب الذي يمكن تعلمه في شوارع الأرجنتين وملاعبها وقدمه لاعب اعتاد على تفادي الالتحامات القوية من منافسيه في مباريات دون حكام وهو يعلم أنه لا يستطيع سوى الثقة في نفسه ومهارته.

عفوية مفقودة

كانت لحظة تألق فردية وعفوية يخشى كثيرون الآن من تدريب اللاعبين الشبان عليها وبدلا من صقل مهاراتهم الفردية يفضلون تدريبهم على التمرير وإخضاعهم لحصص تدريبية فنية.

وقال كريس وودل جناح إنجلترا السابق: “الأكاديميات مكتظة بالمدربين الصارمين للغاية، كل التدريبات عبارة عن المرور من الأقماع والاعتماد على لمستين للكرة. دعوهم يراوغون”.

وتابع: “إنهم يمررون الكرة تباعا بينهم. إنهم مدربون أكثر من اللازم ويخشون فقدان الكرة”.

لكن مارادونا لم يكن خائفا بهذا القدر على أرض الملعب.

ففي الأرجنتين وإسبانيا وإيطاليا حاول المدافعون فعل كل شيء سواء كان قانونيا أو لا من أجل إيقافه لكن في النهاية كانوا بلا حول ولا قوة كما كانت حالة بيتر ريد لاعب إنجلترا في ستاد أزتيكا بالمكسيك.

غير أن مارادونا كان يتمتع بالثقة في النفس والعزيمة والغرور لمواصلة إظهار منافسيه مثل الحمقى.

وقال رفائيل باز زميل مارادونا السابق في إشبيلية: “لقد كان لاعب شوارع. كان يفعل أشياء لا تصدق بكرة من ورق الألومنيوم. كان يجعل الطوب يبدو مستديرا”.

ولم يكن اللاعب الأرجنتيني آخر من يلعب على أعلى مستوى مستفيدا مما تعلمه في الشوارع.

فزين الدين زيدان الفائز بكأس العالم مع فرنسا نشأ في حي لاكاسلاني الصعب في مارسيليا وأثر فيه للغاية أداء مارادونا في مونديال 1986.

وقال زيدان: “كنت أبلغ 14 عاما. كانت اللحظة التي أدركت حينها مدى روعته كلاعب كرة قدم ويصنع الفارق كما فعل. فاز بمباريات بمفرده”.

وأكد: “هذا هو العامل الإضافي الذي تمتع به عن لاعبين آخرين. في 1986 كان في مكانة غير الآخرين”.

لاعبو شوارع

وقال مارادونا إن جورج بست لاعب مانشستر يونايتد، كان ملهمه.

وأضاف مارادونا وقت وفاة اللاعب القادم من أيرلندا الشمالية: “جورج ألهمني عندما كنت صغيرا”.

وتابع: “كان مذهلا وممتعا وقادرا على إلهام زملائه. أعتقد أننا كنا متشابهين. لاعبان مراوغان قادران على تقديم لحظات ساحرة”.

وبالتأكيد أظهر أرجنتيني آخر هو ليونيل ميسي أن النظام في الأكاديميات لا يلغي هذا السحر بالضرورة.

وترك ميسي بلاده بعمر 12 عاما للانضمام إلى أكاديمية برشلونة ومن المستحيل الحديث عن أن مهارته الفردية اندثرت نتيجة لذلك.

وتنعم فرنسا، بطلة العالم الحالية، بمجموعة من المواهب التي برزت من ضواحي باريس أو من مناطق مثل بوندي خارج العاصمة حيث صقل كيليان مبابي مهارته على المراوغة.

ومن فيرينس بوشكاش، الذي برز في بودابست، إلى يوزيبيو لاعب بنفيكا الذي لعب كرة القدم حافي القدمين في موزمبيق قدمت الشوارع مجموعة من أبرز مواهب اللعبة.

وأصبح جيدون سانشو جناح بوروسيا دورتموند والمنتخب الإنجليزي واحدا من اللاعبين الذين برزوا من شوارع جنوب لندن.

وقال سانشو: “الجميع يعبرون عن أنفسهم وبهذه الوسيلة يعرف الجميع مواهبهم. كرة القدم في الشوارع تعني أنك لا تخشى أحدا”.

وربما كان الافتقار للخوف والاستعداد للمجازفة هو الخيط الذي يربط هذه المجموعة من اللاعبين.

وقال مارادونا من قبل: “أنا مارادونا الذي يحرز الأهداف ويرتكب الأخطاء. يمكنني تحمل كل شيء، وأملك جسدا قويا للقتال ضد الجميع”.

وصرح: “يمكنكم قول العديد من الأمور عني لكنكم لن تقولوا إنني لم أخاطر”.

Leave A Reply