مخاوف شح الإمدادات النفطية تتسع وتدعم بقوة صعود الأسعار

ارتفعت أسعار النفط الخام خلال تعاملات أمس، وسط مناقشات أوروبية بشأن اتخاذ قرار بحظر واردات النفط الروسية، فيما يكبح المكاسب توقعات اتساع تأثير الركود الاقتصادي على مستوى العالم.

وتستمر المفاوضات الأوروبية بشأن الحظر وسط مقاومة واسعة من المجر بينما تتأهب مجموعة وزراء “أوبك +” لعقد اجتماع وزاري مطلع الشهر المقبل لتحديد الزيادة الإنتاجية لحزيران (يوليو) المقبل وسط صعوبات استثمارية وفنية تحد من قدرة بعض المنتجين على زيادة الإنتاج.

وأوضح محللون نفطيون أن الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لا تزال منقسمة بشأن التخلص التدريجي من واردات الخام الروسي، على الرغم من حظر الولايات المتحدة واردات النفط من روسيا في آذار (مارس) الماضي.

وأكدوا أن ارتفاع الصادرات البترولية الروسية إلى خارج دول الغرب هو تحول في سوق النفط الخام وتجري مراقبته من المعنيين بالصناعة، منوهين بتقارير دولية تؤكد أنه من المرجح أن تتحد مستويات المخزون المنخفضة والقدرة الفائضة المحدودة وانتعاش الطلب بعد الوباء في الأسواق الناشئة، للضغط على سعر خام برنت فوق 120 دولارا للبرميل خلال الأشهر المقبلة.

وفي هذا الإطار، يقول الدكتور فيليب ديبيش رئيس “المبادرة الأوروبية للطاقة”، “إن المخاوف من نقص المعروض لها تأثير واسع في السوق التي تكافح لاستعادة التوازن”، مشيرا إلى عمل “أوبك” وحلفائها على إلغاء تخفيضات الإنتاج القياسية التي تم وضعها خلال أسوأ فترة تفشي الوباء في 2020 كما رفضوا الضغط الغربي لزيادة الإنتاج بوتيرة أسرع حيث يعاني مستهلكو الطاقة مع أعلى أسعار النفط منذ أعوام.

ولفت ديبيش إلى أن أسعار النفط قفزت إلى أكثر من 130 دولارا للبرميل في آذار (مارس) الماضي بسبب مخاوف من تعطل الإمدادات من روسيا على الرغم من تراجعها منذ ذلك الحين، ويتوقع أن ترتفع أسعار البنزين في الولايات المتحدة فوق ستة دولارات للجالون بحلول نهاية الصيف الجاري بحسب “جي بي مورجان”.

ويرى جوران جيراس مساعد مدير بنك “زد أيه إف” في كرواتيا أن “أوبك +” على ثقة تامة بأن أساسيات السوق جيدة وأن عوامل أخرى تتدخل في السوق بقوة، مشيرا إلى أن تصريحات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بشأن الصراع بين روسيا وأوكرانيا أدت إلى تقلبات أكبر في أسواق النفط.

وأضاف أن “الصين منحت بعض الضغط الهبوطي على أسعار النفط هذا الأسبوع عندما أشارت بوضوح إلى نيتها شراء مزيد من النفط الروسي المخفض السعر”، موضحا أن موسكو تركز في صادراتها على الصين والهند في الوقت الذي يحاول فيه الاتحاد الأوروبي التخلص من النفط الروسي.

وأكد أندريه يانييف الباحث البلغاري ومحلل شؤون الطاقة أن مخاوف شح الإمدادات تتسع وتدعم بقوة صعود أسعار النفط، حيث انخفضت مخزونات النفط الخام إلى نقطة حرجة في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية.

ولفت إلى ما ورد في تقرير “بنك أوف أمريكا جلوبال ريسيرش” من تسجيل ارتفاع في المشتقات البترولية المكررة أخيرا إلى مستويات قياسية، ما أسهم في تعزيز التقلبات في جميع أنحاء المجمع النفطي.

بدوره، يقول ديفيد لديسما المحلل في شركة ساوث كورت الدولية “إن وضع المخزونات يبشر بصعود مستمر للأسعار”، حيث ذكرت تقارير أن الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن براميل النفط الاستراتيجية التي تحتفظ بها حكومات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية منخفضة بالفعل، ومن المتوقع أن تنخفض بشدة في المستقبل، ما يترك المستهلكين عرضة لصدمة إمداد سلبية في المستقبل.

وأوضح أن الصين فقط لديها احتياطي ومخزون معقول، مشيرا إلى دور مستويات المخزون المنخفضة في دفع الأسعار إلى الأعلى مع تقارير دولية تؤكد أنه مع تشديد السياسة النقدية والركود في أذهان المستثمرين فإن التراجع في استهلاك النفط العالمي يمثل خطرا على متوسط سعر خام برنت المتوقع عند 102 دولار للبرميل لـ2022 و2023.

من ناحية أخرى، وفيما يخص الأسعار، وقع النفط تحت ضغوط خلال تداولات أمس، في ظل استمرار المناقشات داخل المفوضية الأوروبية دون التوصل إلى اتفاق بشأن واردات الخام الروسية.

وصعدت الأسعار مدعومة من قلة الإمدادات وتوقعات بزيادة الطلب مع ترقب بدء موسم السفر الصيفي في الولايات المتحدة، أكبر مستهلك للخام. وبحلول الساعة 06:19 بتوقيت جرينتش ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت تسليم تموز (يوليو) 44 سنتا أو 0.4 في المائة إلى 114 دولارا للبرميل. وزادت العقود الآجلة لخام برنت 0.1 في المائة الثلاثاء، وتسجل زيادة لخامس يوم.

كما زادت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط تسليم تموز (يوليو) 51 سنتا أو 0.5 في المائة إلى 110.28 دولار للبرميل، وتمت تسوية العقد بانخفاض 52 سنتا أمس الأول.

وتواصل إمدادات الخام العالمية انخفاضها مع تجنب المشترين النفط القادم من روسيا، ثاني أكبر مصدر عالمي، في ظل العقوبات المفروضة على موسكو بعد الحرب في أوكرانيا. وتواجه إمدادات الخام في الولايات المتحدة ضغوطا مع قرب عطلة يوم الذكرى في مطلع الأسبوع، حيث من المتوقع أن تشهد أعلى حركة انتقالات في عامين، الأمر الذي يزيد الطلب على الوقود مع إقبال مزيد من السكان على السفر بالسيارات والتخلي عن الحذر المرتبط بقيود مكافحة كوفيد – 19.

من ناحية أخرى، تتزايد التكهنات السلبية بشأن الاقتصاد الصيني ومدى تعافيه من جائحة كورونا، خاصة في ظل قيود الإغلاق الأخيرة، ورغم الاستعداد لتخفيفها الشهر المقبل، إلا أن ذلك لن ينعش الطلب على الأرجح.

Follow Us: 

Leave A Reply