الرّحيل من القهر إلى البحر .. ملاك أبو حمدان

 

‏أرخى الحزن سدوله على عروس الشّمال “طرابلس” وارتدت ثوب الحداد القاتم حدادًا على أولادها الّذين غادروها هربًا من وطن عاقٍّ ظالم!

لم يعد لبنان مكانًا صالحًا للحياة، فلا أمن ولا أمان ولا ماء ولا دواء ولا كهرباء!
نحن فعليًّا في “جهنم” كما وعد رئيس جمهوريّتنا، ولا ننسى أنّه دعا اللبنانيين للهجرة، ما دفع بالشباب الى الهروب، علّهم يجدون حياة كريمة خارج  سياج هذا البلد.
لكن، المسؤولون أحكموا خناق الشعب وجعلوه يعيش كوابيساً بدل الأحلام… فأصبحت أقصى أمنية طفل أن يشتري دمية، وأب أن يؤمن قوت عياله، وأولاد يبحثون عن كيفية إيجاد دواء لذويهم.

وفي ظلّ هذا الضغط الكبير، لم يجد اللبناني سوى أن يلقي بنفسه وبعائلته في رحلة البحث عن الحياة في المجهول، نحو بلاد يرى فيها اعترافاً بالإنسانية، وإقراراً بحقوق مسلوبة، في بلد من المفروض أن يكون وطناً، علّها تخلّصه من براثن من أطبق على قوت عياله.
إلّا أنّ هذه الدولة أصرت على ذبح أبنائها من خلال منصة (شعار الدولة الحالية التي استحدثت  منصات “على مدّ عينك والنظر” دون فائدة”) للاستحصال على جوازات سفر حيث قد ينتظر الفرد أشهرًا قبل أن يستلم جوازه.
وعلى المقلب الآخر من لبنان، هناك عاصمة الشمال “طرابلس” المنسية، رغم ضمها لأغنى أغنياء العرب وكبار المسؤولين اللبنانيين، ما زالت قابعة على فوهة بركان تغلي بأبنائها وفي قلوبهم دعوة بأن ترأف بهم أعين الدولة..

حمل الشماليون همومهم للترحال وقرروا مجابهة الموت في غمار البحر، بعد تضاؤل احتمالية السفر  الشرعي، غير آبهين بالمخاطر. فهم قد رأوا بإنسانية البحر عظمة، وبغدره حناناً يفوق حنان الوطن. ركبوا قارب الموت مستعدين لرحلتهم الأخيرة.

في تلك الليلة المشؤومة، كان هدف الركّاب  “الخلاص”، كان لديهم أملٌ في إنقاذ أنفسهم وعائلاتهم من الموت البطيء. كان لديهم أملٌ في حياة جديدة تنتظرهم خارج حدود الوطن..

ولكن، ماتوا غرقًا وما زالت أمّهات موتى تحتضن أطفالًا غرقى في قعر البحر!

Leave A Reply