المبارزات الانتخابية المسيحية… حتى في الجمعة العظيمة

كتبت صحيفة “النهار” تقول:

مع أن عطلة الجمعة العظيمة لم تشهد تطورات سياسية او انتخابية بارزة فإن المشهد الانتخابي لم يغب عن معظم الاحتفالات التي أقيمت في المناسبة هذه السنة خصوصاً أن أحياء المناسبة يصادف قبل شهر واحد من موعد الانتخابات في حين تحتدم أكثر المبارزات حدة وتنافسا بين القوى المسيحية. وقد انعكس مشهد الفرز الانتخابي بشكل لافت على حضور معظم نواب “تكتل لبنان القوي” رتبة سجدة الصليب في جامعة الروح القدس في الكسليك إلى جانب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في حين حضر معظم نواب كتلة “الجمهورية القوية” الرتبة في بكركي.

وأقامت جامعة الروح القدس – الكسليك رتبة سجدة الصليب التي ترأسها الرئيس العام للرهبانية المارونية الأباتي نعمة الله الهاشم، بحضور الرئيس عون. وقد شدد السفير البابوي في لبنان المونسنيور جوزف سبيتيري الذي ألقى كلمة على “ضرورة تغيير العقلية للخروج من المنطق الأناني”، معتبراً أن “هذه هي مسؤوليتنا، خصوصاً بالنسبة إلى الذين يتولون مناصب رسمية في الكنيسة والمجتمع”.

وقال: “ذكرنا البابا فرنسيس الأحد الفائت خلال عيد الشعانين بضرورة حصول تغيير في عقليتنا، وهو تحدث أيضاً ضد الحرب” وقال: “عند لجوئنا إلى العنف، لا نعرف الله ابداً، وهو أب لنا جميعاً نحن الأخوة والأخوات”. هذه هي الدعوة التي يدعونا إليها الصليب، أن نكتشف كل يوم أن الله هو أب لنا جميعاً مملوء بالمحبة، وأن الآخرين حتى الذين لا يشاركوننا آراءنا وإيماننا وأفكارنا، هم أخوتنا وأخواتنا. يجب تغيير العقلية للخروج من فكرة “خلص نفسك بنفسك”. لقد سمعنا في الإنجيل أن التحدي الكبير الذي نواجهه هو عدم التفكير بإنقاذ النفس واهتمام المرء بذاته فقط من دون الآخرين، وبتأمين نجاحه وصحته وحاجاته والنفوذ والجاه، يجب تغيير العقلية للخروج من هذا المنطق الأناني. في مواجهة صليب المسيح، لنسأل انفسنا كيف هي علاقاتنا مع أخوتنا وأخواتنا؟ يمكن ان نكون جميعاً ضحايا اللاعدالة، إنما أيضاً أسباب اللاعدالة، هذه هي مسؤوليتنا، خصوصاً بالنسبة إلى الذين يتولون مناصب رسمية في الكنيسة والمجتمع، يمكننا أن نكون جميعاً ضحايا الحقد، إنما للاسف، يمكن أن نكون عملاء للتفرقة بين بعض بسبب الغيرة وغيرها”.

وختم سبيتيري: “البابا فرنسيس الذي ننتظره بمحبة ونأمل استقباله بيننا، وهو الذي يحمل لبنان في قلبه، طلب منا الأحد الفائت، تقليد المسيح على الصليب، وشرح لنا أن المسيح المصلوب واصل تكثيف عطاء المحبة، وهو عطاء تحول إلى مغفرة. هذه هي محبة الله، حين لا يكون هناك من مجال للمحبة المتبادلة، يكمل الله في محبته لنا من خلال إعطائنا مغفرته، هذا ما نحن مدعوون إلى تقليده وتقديم المغفرة لبعضنا البعض، ومن دون ذلك ليس هناك من خلاص حقيقي”.

وفي غضون ذلك ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي رتبة سجدة الصليب على مذبح كنيسة الباحة الخارجية للصرح البطريركي في بكركي “كابيلا القيامة” وألقى عظة اعتبر فيها أن “يسوع علمنا أنه من الألم هناك ولادة جديدة، كل آلامنا تحمل ولادة جديدة. الظرف الذي نعيشه في لبنان يجب أن يخرج منه ولادة جديدة، شهداؤنا الذين أراقوا دماءهم كانوا ولادة جديدة للوطن، أقله حفظ هذا الوطن. هذه الكلمة تظهر لنا عندما وجه كلامه لمريم وأعطاها الأمومة الروحية الشاملة للبشرية بشخص يوحنا، حين قال يا امرأة، أي يا أم الحياة، هذا ابنك، أي كل واحد منا في شخص يوحنا، وليوحنا قال، هذه هي أمك. دعونا لا نخاف من التضحية ومن الوجع، فبعدهما حياة جديدة”.

أما في التحركات السياسية فبرزت زيارة رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجيّة، مع وفد من “المردة” لموسكو، حيث كان لقاء مع وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف الذي أعرب عن حرص موسكو على مساعدة لبنان في تجاوز المشاكل التي تعرقل تطوره في السنوات الأخيرة.

وقال لافروف، وفق بيان للخارجية الروسية: “نريد بصراحة مساعدة أصدقائنا اللبنانيين في حل المشاكل التي تصرف انتباهكم في السنوات الأخيرة بشكل أو بآخر عن الأغراض النافعة وتطوير دولتكم وتعزيز أمنها”. وتابع لافروف: “نعتقد أنه من المهم مبدئياً الحفاظ على المبادئ التي تعتمد عليها الدولة المعاصرة في لبنان والتي ندعو دائما إلى تعزيزها، لا سيما خلال عملنا ضمن مجلس الأمن الدولي”.

وشدد على أن موسكو تتبع هذه الأنهج في اتصالاتها المنتظمة مع الممثلين عن الطيف السياسي في لبنان بأكمله. وإذ أشار لافروف إلى أهمية الدور الذي كان ولا يزال يلعبه تيار “المردة” في تطوير الدولة اللبنانية المعاصرة، أكد قائلاً: “نحن مهتمون بالإصغاء إلى تقييماتكم وطرح رأينا إزاءها، والذي لا يقف وراءه دائماً، كما أؤكد مرة أخرى، إلا الرغبة في مساعدة أصدقائنا اللبنانيين”.

وكان فرنجيّة والوفد اجتمعوا في وقت سابق في مقر الخارجية الروسية مع الممثل الخاص لرئيس روسيا الاتحادية في الشرق الأوسط وبلدان أفريقيا نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف ورئيس قسم لبنان وسوريا اندريه بانوف حيث تم التشديد على أهمية العلاقات والروابط بين لبنان وروسيا كما تخلل الاجتماع تبادل للآراء حول قضايا الساعة.

في المواقف السياسية – الانتخابية اعتبر رئيس “التيار الوطني الحر” جبران باسيل في حديث تلفزيوني “أننا كفريق سياسي بما نمثله وطنياً ومسيحياً نتعرض لحرب إلغاء شرسة داخلياً ودولياً ومن قبل قوى إقليمية تقف ضد سياستنا -وفي طليعتها أميركا- مع كل من ساهم بشن حرب إسرائيل على لبنان عام 2006، وكل من يضغط علينا لقبول لبنان توطين الفلسطينيين والنازحين السوريين والقبول بشروط السلام مع إسرائيل رغم احتلالها أجزاء من أرضنا ونهب ثرواتنا. وما نصفه بحرب إلغائنا بلغ ذروته في 17 تشرين الأول 2019 الذي فرض حصاراً مالياً واقتصادياً دولياً علينا ًحتى نقبل بشروط التسوية الكبرى المطلوبة من لبنان”.

وجدد هجماته على القوات اللبنانية فقال “لو كانت القوات تلتزم بالقانون، وهي دائماً خارجه، لكانت التزمت بسقف الإنفاق الانتخابي، واليافطات التي تكتسح لبنان لصالحها أحد تجليات الإسراف الهائل من أموالها، سواء تلك التي راكمتها في الحرب أو تلك المتأتية من الجهات الإقليمية التي تمولها بملايين الدولارات وفق معطياتنا، لاستغلال حاجة اللبنانيين بمعركتها ضدنا عبر شراء الأصوات والذمم، وهذا ما ننبه اللبنانيين إليه. كل استطلاعاتنا تؤكد أننا ما زلنا الأقوى بالشارع المسيحي، لكننا نقلق من الأسابيع المتبقية قبل الانتخابات نتيجة ما تجمع لدينا من معطيات موثقة عن أموال انتخابية إضافية هائلة تسعى القوات لضخها بالشارع، لتحجيم كتلتنا البرلمانية بأي ثمن”.

بدوره جدّد رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد التأكيد “إنهم يصبون حُمّى هجماتهم علينا تحت شعار لا لسلاح المقاومة، ونحن لسنا هواة حروب لكننا لا نقبل أن يأخذنا العدو على غفلة، لذا كان السلاح ولذا يجب أن تبقى جهوزيتنا قادرة على التصدي لعدوانية العدو الإسرائيلي، مشدداً على أن “المقاومة هي ضرورة وطنية وحاجة ماسة، والذي يطالب بنزع سلاح المقاومة يغرّد في مكان آخر، أقلّه أنّه لا يمُتّ إلى الوطنية بصِلة”.

Leave A Reply