دبيبو: انتشار فيروسات الأنفلوانزا بالتزامن مع طفرة كورونا الجديدة

عادت أرقام كورونا إلى الارتفاع من جديد، وخصوصاً بعد فتح المدارس أبوابها. وكثرت حالات نقل الأطفال العدوى إلى الكبار. لكن تفشي كورونا في المدارس تزامن مع عودة الفيروسات العادية إلى التفشي من جديد أيضاً، وذلك بعد سنتين من إجراءات الوقاية وعدم فتح المدارس. وهذا ما دفع الأهل إلى الخوف من إرسال أطفالهم إلى المدارس، كما دفع إدارات بعض المدارس إلى إقفال الصفوف.

ما زال دلتا طاغياً

ويتزامن انتشار الوباء مجدداً في لبنان في ظل عودة بعض الدول الأوروبية إلى فرض إغلاق عام لاحتواء موجة الوباء، مثل النمسا، التي فاقت نسبة التلقيح فيها 85 بالمئة من السكان. فهل من متحورات جديدة أدت إلى تجدد موجات كورونا؟

سؤال أجاب عليه بالنفي رئيس مركز أبحاث الأمراض الجرثومية في الجامعة الأميركية في بيروت، وعضو لجنة اللقاحات في منظمة الصحة العالمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والبروفسور في طب الأطفال غسان دبيبو. وأكد في حديث لـ”المدن” أنه إلى حد الساعة لا يوجد متحور جديد يسبب هذه الموجة في العالم، بل ما زال متحور دلتا طاغياً. وصحيح أن هناك بعض المتحورات جديدة، لكنها ما زالت تحت المراقبة وفق تصنيف منظمة الصحة العالمية. فهي متحورات لم تظهر أن الفيروس بات “أكثر رشاقة” وتمكنه من الانتشار بشكل أسرع أو إحداث أعراض أقوى من المعتادة. بل ما زال العالم يتعامل مع “دلتا”. وفي أغلب الدول، الأعراض والمشاكل الصحية تطال الذين لم يتلقوا اللقاح بعد.

لكن كيف يفسر هذا الأمر في الدول التي وصلت فيها نسبة التلقيح إلى نحو تسعين بالمئة من السكان؟

كما هو واضح عالمياً، الدول التي لديها نسب تلقيح عالية تعاني أقل من غيرها. وفي الدول التي بدأت حملات التلقيح باكراً ومرّ أكثر من ستة أشهر على تلقي السكان اللقاح، عادت الإصابات لترتفع من جديد، لأنه مع مرور الوقت تضعف المناعة. لكن أعراض الملقحين طفيفة. لذا صدرت التوصيات بأخذ كل البالغين الجرعة الثالثة المعززة. والسبب أن الجرعة الثالثة كما تشير الدراسات تعطي المناعة الطويلة الأمد. فهي ضرورية كي يقوم جهاز المناعة بتحصين الجسم لفترة أطول ولتحسين رد الفعل المناعي على الفيروس. واللقاحات ما زالت فعالة بشكل كبير جداً، وتؤمن الحماية من المرض كلياً أو أقله تخفف حدة الإصابات.

هل تلاحظون تصاعد بالإصابات بين الأطفال؟ وهل الأعراض قوية وتستدعي الدخول إلى المستشفيات؟

المدارس تشكل دائما بؤراً لانتشار الفيروسات التي تنتقل عبر جهاز التنفس مثل الانفلونزا أو فيروسات الكورونا العادية أو الفيروسات الأخرى. ومن المعروف أن الفيروسات تنتقل من المدارس إلى العائلة وثم المجتمع، وهذا ما يحصل مع فيروس كورونا حالياً. ونحن نلاحظ عيادياً ارتفاع عدد إصابات كورونا عند الأطفال. لكن لحسن الحظ الأطفال، وبعكس فيروسات الانفلونزا، لا يعانون كثيراً من كورونا. بل غالباً تكون الأعراض طفيفة ولا نطلب من الأهل حتى الحضور إلى العيادة أو أخذ الأدوية، بمعظم الحالات. بل نكتفي بتوصية الحجر خوفاً من أن ينقلوا العدوى في المجتمع المحيط. وهذا يتطلب من الكبار أن يقدموا على تلقي اللقاح وعدم الممانعة، خصوصاً أن لبنان فتح التلقيح لمن هم فوق الـ15 عاماً، وما زالت نسبة التلقيح قليلة.

يحكى عن ارتفاع الإصابات بفيروسات أخرى وأن أعراضها باتت أقوى من السابق. ولا يتم التمييز بيها وبين كورونا. ما يسبب الهلع عند الأهل. هل لاحظتم هذا الأمر عيادياً؟

لم تصبح الفيروسات التي تصيب الأطفال أكثر فعالية من السابق أو أعراضها أخطر. بل عادت لتنتشر من جديد بشكل أكبر من السابق. والأمر مرده إلى أنه خلال فترة الحجر السابقة اختفت أغلب الفيروسات التنفسية من العالم. فالإجراءات الوقائية التي كانت متبعة والإقفال العام وغيرها أثرت على عدم انتشار الفيروسات. وهذا أدى إلى ضعف مناعة الجسم على الفيروسات السنوية المعتادة، التي تكسبنا المناعة. وحالياً عادت هذه الفيروسات لتنتشر بشكل أكبر من السابق.

على سبيل المثال: في مركز الجامعة الأميركية نقوم بترصد الفيروسات، ووجدنا أن نسبة الدخول إلى المستشفى جراء الإصابة بهذه الفيروسات، غير كورونا، انخفضت إلى أقل من خمسة بالمئة خلال مرحلة السابقة، أي عندما طغى كورونا، فيما في الفترة التي سبقت كورونا كانت النسبة تصل إلى نحو ستين بالمئة. وحالياً عدنا لنشهد انتشار تلك الفيروسات من جديد. لذا، اختلط الأمر على الأهل وباتوا مرعوبين من كورونا. وللأسف لا يستطيع أطباء الأطفال تمييز أعراض كورونا عن باقي فيروسات الانفلونزا لأنها متشابهة، إلا من خلال إجراء فحص الـPCR.

 

وليد حسين – المدن

 

Leave A Reply