هل تطير ال٩٠٠ مليون كما طار الاحتياطي ؟

سابين عويس – النهار

على وقع اعلان وزير المال في حكومة تصريف الاعمال غازي وزني تبلغه من صندوق النقد الدولي مناقشته اقتراح تخصيص حقوق السحب الخاصة للدول الاعضاء ( SDR )، حيث تبلغ حصة لبنان حوالي 900 مليون ‏ دولار، ‏يستطيع الاستفادة منها بعد الإقرار، عقدت الهيئة العامة للمجلس النيابي جلسة عامة اقرت فيها قانون البطاقة التمويلية وقانون الشراء العام، وهما للمفارقة، من اكثر البنود التي يحث المجتمع الدولي لبنان على اتخاذها في اطار رزمة الاصلاحات (الشراء العام) ومواجهة الاعباء ومساعدة الاسر الاكثر حاجة.

ويأتي اقرار القانونين انطلاقًا من مسعى رئيس المجلس نبيه بري الى تقديم اشارات جدية الى الخارج حول قيام المجلس بدوره التشريعي وانجاز القوانين الاصلاحية المطلوبة ولا سيما ضمن رزمة توصيات مؤتمر “سيدر” الدولي قبل ثلاثة اعوام.

يستفيد بري من الوقع الضائع رغم اقتناعه الكامل بأن البلد غير مفلس وان ثمة مليارات في الخارج لدى المغتربين المنتشرين تنتظر من يمنحها الثقة لتعود وتستثمر في البلد. وفي رأيه، الثقة لا تعود الا مع تأليف الحكومة. وتترافق مع بضعة خطوات اصلاحية يمكن السلطة التشريعية ان تنجزها ودول العالم مستعدة للمساعدة.

وقد سمع هذا الكلام وهذا الاستعداد من الممثل الاعلى للمفوضية الاوروبية جوزف بوريل خلال زيارته الاخيرة للبنان. قالها الرجل مرتين مؤكدًا الاستعداد الاوروبي للمساعدة.

حرص بري كذلك في الجلسة العامة ان يزف الى النواب ما تبلغه وزير المال من صندوق النقد رغم ان ما تبلغه ما يزال ضمن اطار النقاش على طاولة مجلس المديرين ولم يرق بعد الى مستوى القرار، لذلك لفت الصندوق الى ان القرار يحتاج الى بعض الوقت لن يتجاوز نهاية آب المقبل. وعندها يمكن للبنان ان يحصل على مجموع حصته في الصندوق والبالغة ٩٠٠ مليون دولار.

ولكن ماذا ستفعل السلطة الحاكمة بهذا المبلغ وهل حصول لبنان عليه سيكون سهلاً او هو مشروط؟

مصادر مالية تؤكد ان هذا المبلغ هو أساسًا ملك لبنان ويشكل مساهمته منذ دخوله في عضوية الصندوق. لذلك فهو غير مشروط وسيتم تحويله الى المصرف المركزي فور صدور قرار الموافقة عن مجلس المديرين في الصندوق.

عند اعلان بري امام النواب، علق عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله ، داعيا الى منع التصرف بالمبلغ من دون قانون يصدر عن المجلس. اقتراح جدير بالدرس، ولكنه يعكس في الواقع ما يفكر فيه عدد كبير من اللبنانيين، وهو الخشية من انفاق او هدر المبلغ من دون اي جدوى اقتصادية، تماماً كما حصل بالاحتياطات الالزامية لدى المصرف المركزي الذي كان يملك قبل انتفاضة تشرين ٢٠١٩ نحو ٣٠ مليار دولار وتراجع الى اقل من النصف ، ( ولو ان جزءاً من الأموال المسحوبة تصب في خانة ما تم تحويله الى الخارج).

على قول المثل اللبناني، الجميع “سانن اسنانه”، فمن يعطي الضمانة بأن هذا المبلغ لن يذهب هو ايضاً هدراً ؟

المصادر المالية تشير الى ان الامر في عهدة الحكومة، مستقيلة كانت او جديدة.

وهي التي تقرر وجهة استعمال هذا المبلغ، وهل يكون لدعم الاحتياطات وودائع الناس او غير ذلك، علماً انه يبقى للمصرف المركزي ايضاً كلمته في اقتراح آلية الاستفادة من المبلغ. علما انه يمكن ان يتم اللجوء الى جزء منه لا يتعدى ٢٦٦ مليون دولار لتمويل البطاقة التمويلية التي أقرها المجلس النيابي أمس، من أصل الاعتماد البالغ ٥٦٦ مليوناً والذي قضى القانون بأن يفتح من موازنة ٢٠٢١.

تجدر الإشارة الى ان الحكومة تعمل على الإفادة من قرض من البنك الدولي بقيمة ٣٠٠ مليون دولار كان مخصصاً للنقل، وتم التوافق على تغيير وجهة استعماله لمساعدة الأسر الأكثر حاجة، ولكن ليس عبر بطاقة تمويلية، وإنما عبر ادخال الأسر التي ستستفيد في برنامج البنك الذي أقر سابقا بحيث تضاف قيمة هذا القرض الى القرض السابق، وتخفف بالتالي القيمة المطلوب فتحها من اعتمادات موازنة السنة الجارية، كما يتم خفض عدد الأسر التي ستستفيد من ٥٠٠ الف الى ٢٠٠ ألفاً.

Leave A Reply