بري: قلتلكم بوريل معي ضد عون

ميشال نصر- ليبانون ديبايت

تشكيل الحكومة أصبح في خبر كان، ومعه أضحت مبادرة الرئيس نبيه بري من أفعال الماضي الناقصة، بإصرار من مطلقها، الذي قرّر الإنقلاب على العهد بعد تسليمه بقضاء الله وضغط حزبه لأربع سنوات ونصف، قبل أن “يبقّ البحصة” بدفشة من الحارة، عشية زيارة المفوّض الأعلى لشؤون الخارجية والأمن في الإتحاد الأوروبي جوزيف بوريل إلى بيروت، بجدول أعمال ومضمون رسالة سبقته، وسط معمعة لم تغيّر من واقع حال “غرندايزر” الغارق في السراي بعد كتاب إنجازات ال ٩٧٪ لحكومته، التي أطال القدر عمرها بعدما قصفت عمر اللبنانيين، يجاريه بغيبوبته التلفزيون البرتقالي، العايش عالمريخ، بأخباره البايتة، عن سابق إصرار وتصميم، عن تواصلات رفيعة المستوى، يُؤمَل أن يكون لها انعكاس إيجابي على الوضع العام.

فخلافاً لما ينظر له الكثيرون من فشل تحرّك الإتحاد العمالي العام، السياسي بامتياز بنكهة عمالية مطلبية، فإن الوقائع المستقاة من قصور القرار تؤكد العكس. فتحالف الثلاثي، “مستقبل – أمل – حزب الله”، أوصل رسالة “شمطة الدينة” التي أرادها بكل أمانة، وفقاً “للدوز” الذي حدّده والسيناريو الذي رسمه. شباب الأزرق ونقابيو الإتحاد لُزّموا قطع الطرقات، الأصفر اكتفى بالتأييد الكلامي، أمّا “أمل” فتفرّجت، فيما الكتائب و”القوات اللبنانية” والحزب التقدمي الإشتراكي، نفيرهم مُعلن “جاهزون للتصدّي لأي عدوان”.

في المقابل، نزل “التيار الوطني الحر”، الذي ركب دعوة بشارة الأسمر، عكس السير، في تحرّك سياسي من قلب المناطق المسيحية، مقر منسّقيته في كسروان، باستعراض سياسي، يوازي بخجله خجل التحرّك العمالي، وعن قصد، دعا إلى دعم رئيس الجمهورية ميشال عون، مصوّباً على رئيس المجلس النيابي، بحسب ما بيّنت التسريبات على “غروبات” الواتساب، ممهّداً الطريق لرئيسه، الذي ترك الجميع يكيلون ما عندهم، قبل أن يفتح الأسبوع المقبل على جولة جديدة من النقاش والأخذ والردّ.


هكذا، ومع انسداد سبل الوساطات والإتصالات المحلية، وفي انتظار جديد ما، إتجهت الأنظار الى إلموفد الأوروبي، الذي بدا، ومن الإنطباعات الأولية لزيارته، أنها مضيعة إضافية للوقت، مع تأكيد مصادر مواكبة لها، أن لقاءات اليوم الأول، لم تكن لتكون لولا الضرورة البروتوكولية، مضيفةً أن الموفد الأوروبي خرج متشائماً من حصيلة زياراته الرسمية، حيث لا تزال المواقف التي ترد إلى مكتبه من بيروت، على حالها، بل ثمة المزيد من الإتجاه إلى عدم الحلحلة، ويساعد على ذلك، ثقة الطبقة الحاكمة في لبنان بصعوبة إقرار عقوبات أوروبية جدّية، نظراً للإنقسام السائد حولها.

في كل الأحوال، الإنقسام بدا واضحاً، كما محاولة توريط الرئيس عون في حفرة التعطيل أكثر، إذ بين موقف بعبدا عن أسباب داخلية من إصلاح وتدقيق جنائي، وخارجية تاركاً لضيفه استنتاجها، تحول دون التأليف، وإصرار عين التينة على حصرية الأسباب الداخلية وراء العرقلة، وقف بوريل أمام مطالعتين متناقضتين تغسل كل منهما يدها من دم الأزمة المستفحلة، كاشفاً أمام مرافقيه، عن استحالة تحقيق خرق، فالمكتوب يُقرأ من عنوانه، وزيارة “وجّ السحّارة” كافية لكشف المستور، الذي يُمكن تلخيصه بالتالي:

الأزمة محلّية الصنع”، خلافاً لما أكده له رئيس الجمهورية، بأن جزءاً منها داخلي ومرتبط بملفات الإصلاح والفساد والتدقيق الجنائي. وقد بدا الموفد الأوروبي عند هذه النقطة، مقتنعاً بوجهة نظر رئيس مجلس النواب، مُسقطاً أي بُعد خارجي عن الأزمة، وفقاً لما ورد في مطالعة جنرال بعبدا.

– إسقاطه لنظرية بعبدا في ملف النازحين السوريين شكلاً ومضموناً، إذ اعتبر أن “أزمة لبنان هي بسبب سوء الإدارة وليس بسبب عدد اللاجئين”.

فهل يعني ذلك أن بوريل أخذ صف إستيذ عين التينة؟

باختصار يمكن توصيف ثورة ١٧ حزيران المعلنة لإعادة جنرال بعبدا إلى بيت الطاعة “الشيعي”، وعليه يمكن قياس استهتار البعض وعدم أخذهم الزيارة الأوروبية على محمل الجدّ… لما لا؟ طالما أن رهان اللبنانيين على مجموعة التحرّكات والمؤتمرات الدولية ليس في محله، فهم “مُغرّر بهم” عندما أقنعوهم بأنهم حاضرون على طاولات المفاوضات سواء في فيينا أو بغداد، كما أنهم ساذجون إذا ظنوا للحظة أن القمة الأميركية ـ الروسية، تناولت ملفهم. لذلك “ما بحكّ جلدك إلا ضفرك”… وعقلك براسك بتعرف خلاصك، على ما يقول الشاطر حسن… فشو ناطرين يا ناطرين؟…. الدبس ما بيجي من… النمس… بس هلقد مش أكتر.

Leave A Reply