الجمهورية : حبس أنفاس قبل العقوبات.. والداخل ‏صدامات.. وتزخيم مبادرة بري تجنباً ‏للاحتمالات

المناخ العام في لبنان يعكس حالاً من حبس الأنفاس على كلّ ‏المستويات في انتظار ما تخبئه الايام المقبلة من احتمالات ‏وسيناريوهات خطيرة، تبعاً لاصطدام كل المساعي الداخلية والخارجية ‏الرامية الى اخراج البلد من ازمته، بالحائط المسدود.‏

الداخل قلق بشكل عام، والشعور العام لدى اللبنانيين انّهم صاروا ‏متروكين لمصيرهم، فمن جهة كلّ المنصّات السياسية المتناحرة ترصد ‏اتجاهات الرياح الفرنسية والعقوبات التي ستفرضها باريس على ما ‏من سمّتهم معطّلي تشكيل حكومة المبادرة الفرنسية.‏

ومن جهة ثانية، تتواصل في موازاة هذا الرّصد، ما بدا أنّها تموضعات ‏سياسية خلف متاريس الاشتباك، وشحنٌ لكل منصّات المواجهة ‏السياسية والاعلامية وغيرها، في انتظار المواجهة على جبهات ‏متعددة، والتي يبدو انّها تدرجت من معركة ليّ اذرع وعضّ اصابع، ‏حكمت اشهر تعطيل الحكومة، الى معركة قضم أصابع وكسر اذرع، ‏وربما اكثر من ذلك. ويشي بذلك الاستنفار السياسي بين اطراف الأزمة، ‏والارتفاع المتعمّد في وتيرة التوتر في الايام التالية للحراك العربي ‏الاخير في اتجاه لبنان، والحدّة القاسية في نبرة التخاطب السياسي بين ‏المكونات المتناقضة، والكلام المتبادل بينها فوق الزنار وتحته، حول ‏عناوين مختلفة وملفات متفجّرة.‏

استعجال العقوبات

وعلى الرغم من الإشارات التي ترد من العاصمة الفرنسيّة حول ‏المباشرة في وضع سلة العقوبات وقرب الاعلان عنها، إلّا أنّ المسرح ‏الداخلي يشهد حركة اهتزاز تُنذر بتصدّعات على غير صعيد، حيث يبدو ‏وكأنّ مجرياته تتقصّد دفع الجانب الفرنسي وربما غيره من الدول ‏الاوروبية في اتجاه إنضاج هذه السلّة وتقريب موعد الاعلان عنها، ‏وخصوصاً انّ المناخ العام في البلد يوحي وانّها ستستهدف حصراً ‏الجبهة الرئاسية وفريقها السياسي.‏

في هذا الوقت، نقلت مصادر ديبلوماسية من العاصمة الفرنسية، انّ ‏اجواء باريس تشي بقرب إصدار الخطوات العقابية في حقّ معطلي ‏الحكومة في لبنان، وثمة حديث في الاوساط الرسمية الفرنسية عن ‏بيان شديد اللهجة سيصدر عن الاليزيه او وزارة الخارجية الفرنسية، ‏يسبق أو يقترن مع هذه العقوبات. وباريس ما كانت ترغب في بلوغ ‏هذا الحدّ، لولا التعنّت الذي لمسته من جانب بعض المستويات ‏السياسية والرسمية في لبنان، التي غلّبت مصالحها السياسية ‏والحزبية، وتجاهلت عمداً الفرصة التي تتيحها المبادرة الفرنسية لإخراج ‏لبنان من ازمته الصعبة، واخلّت بتعهداتها التي قطعتها للرئيس ‏ايمانويل ماكرون بالالتزام بمبادرة وتشكيل حكومة وفقاً لمندرجاتها.‏

وتشير المصادر الديبلوماسية، الى انّ المستويات الرسمية الفرنسية ‏تنظر بارتياب وقلق الى تصاعد التوتر السياسي في لبنان، الذي يبدو ‏انّه مفتعل، ومن شأنه ان يودي الوضع في هذا البلد الى تأزّم وتعقيد ‏اكبر، يدفع ثمنه الشعب اللبناني الذي يعاني وضعاً مأساوياً، والذي ‏تؤكّد الاوساط الفرنسية الرسمية، انّ باريس لن تتخلّى عنه، وهي على ‏التزامها بدعمه بمعزل عن الطاقم السياسي المعطّل.‏

وتلفت المصادر، الى انّ باريس تتشارك في قلقها على لبنان مع ‏المجتمع الدولي، وعلى وجه الخصوص مع المجموعة الاوروبية التي ‏تخشى من أن ينحدر الوضع في لبنان الى حدّ يصبح ميؤوساً منه. ومن ‏هنا تأكيدها المتكرّر والملح على القادة السياسيين في لبنان، وقد أُبلغ ‏اليهم في الأيام الاخيرة، عبر قنوات التواصل، بتحمّل المسؤولية تجاه ‏بلدهم، واثبات صدقيتهم وجدّيتهم في وقف مسار الغرق الذي ‏يدفعونه اليه.‏

ورداً على سؤال حول ما يُقال انّ صدور العقوبات الفرنسية معناه انّ ‏باريس اخرجت مبادرتها نهائياً، وفتحت الباب في لبنان على مشكل ‏كبير، قالت المصادر الفرنسية من باريس: “الوقت اصبح ضيّقاً جداً، ‏والتزام باريس بفرض عقوبات هو التزام نهائي، وبالتأكيد انّ الموقف ‏الفرنسي بعد العقوبات سيأخذ شكلاً تصاعدياً، الّا اذا صدرت عن ‏الجانب اللبناني إشارات اكيدة وعاجلة مناقضة لكل المسار السابق، ‏وتعكس توجّهاً جدّياً وملموساً لالتزام ثابت بالمبادرة الفرنسية وتشكيل ‏حكومة مهمّة بصورة عاجلة. في الخلاصة، انّ الكرة اليوم في ملعب ‏المعطّلين للاستفادة من الفرصة التي ما زالت متاحة امام القادة ‏اللبنانيين لبلوغ هذا التفاهم وتجنّب الضغوط والعقوبات”.‏

الى ذلك، نقلت “سكاي نيوز” عن الخارجية الفرنسية، انّ باريس لن ‏تتردّد بالعمل ضدّ من تخلّى من المسؤولين اللبنانيين عن المصلحة ‏العامة”.‏

وتابعت: “نحن على اتصال مع شركائنا الأوروبيين لوضع مقترحات ‏لتحقيق هذا الهدف”.‏

حروب متعددة

ولعلّ المراقب للمشهد الداخلي يطرح اكثر من علامة استفهام حول ‏اشتعال الحروب السياسية على أكثر من خط، بين بكركي وبعبدا، في ‏ظلّ الموقف المتقدّم لبكركي من حرب التدقيق وربط القيام به ‏وإنجاحه بتشكيل حكومة خلافاً للموقف الرئاسي الداعي الى الإجراء ‏الفوري للتدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان. وكذلك اشتعال ‏حرب البيانات في وقت واحد، وتحديداً بين “التيار الوطني الحر” وحزب ‏‏”القوات اللبنانية”، اللذين ذكّرت الحدّة في الخطاب المتبادل بينهما ‏بالتاريخ الصدامي بينهما في ما سُمّيت “حرب الالغاء”، وكذلك ارتفاع ‏التقاذف السياسي بين “التيار الوطني الحر” وتيار “المستقبل” ‏والاتهامات المتبادلة بتعطيل تأليف الحكومة، وايضاً اشتعال الجبهة ‏بين الفريق السياسي لرئيس الجمهورية وبين حركة “أمل”، سواء حول ‏الملف الحكومي المعقّد وما يتصل بالثلث المعطّل، وكذلك حول ‏ملف ترسيم الحدود البحرية وتقاذف الاتهامات والمسؤولية عن ‏تعطيل هذا الملف وتعليق المفاوضات، مع ما يترتب على التأخير ‏فيها من أضرار جسيمة على لبنان.‏

إرتدادات.. وتمسحة

كل تلك الحروب السياسية، تُضاف الى الفلتان الذي يضرب كل الأرجاء ‏اللبنانية، ويوشك ان يجرّ البلد الى فوضى لا تبقي شيئاً، وتُضاف ايضاً ‏الى الحرب التي تُشن يوميّاً على المواطن اللبناني، وتعدم كل مناحي ‏ومفاصل حياته ومعيشته، حتى وصل الى حال صار يتسوّل فيها رغيف ‏خبز. والاخطر من كل ذلك، الحرب على الليرة، وسط مخاوف مما ‏يُحكى في مختلف الأوساط عن تحضيرات في غرف السوق السوداء ‏لقفزات جنونيّة للدولار.‏

وسط هذا المناخ الحربي، بدأ المواطن اللبناني يعيش مسبقاً ارتدادات ‏تلك الحروب، التي تجلّت بأبشع صورها في أرتال السيارات امام ‏محطات المحروقات والشحّ في مادة البنزين واحتكاره وتخزينه ‏وتهريبه، وكذلك في طوابير المواطنين أمام الأفران، وفي الشحّ الهائل ‏في الأدوية، وفي المواد الإستهلاكية الاساسية المدعومة وغير ‏المدعومة في محلات السوبر ماركت والغلاء الذي يحلّق بالأسعار الى ‏ما فوق السحاب، فيما المتحكّمون بالبلد والممسكون بزمام أمره، في ‏أعلى درجات “التمسحة السياسيّة”، ويمعنون بجشع ما بعده جشع، ‏في صبّ الزيت على النار لإحراق ما بقي من البلد.‏

تطورات دراماتيكة

‏”على هذه الصورة لن يكون في مقدور البلد ان يستمر لأسابيع قليلة ‏جداً”، على ما يقول مرجع مسؤول لـ”الجمهورية”، في معرض ‏توصيفه لواقع البلد واشتعال الجبهات السياسية الداخلية، بعد فشل ‏الجهود الخارجية والوساطات الداخلية في فك العِقَد المانعة لتشكيل ‏الحكومة.‏

ويعبّر المرجع نفسه عن قلق بالغ من الجوّ الصدامي الذي دخل فيه ‏البلد في الايام الأخيرة، وأعاد رفع المتاريس بين المكونات السياسية، ‏وهو الامر الذي قد ينذر مع استفحاله وتورّمه الخطير، بتطورات ‏دراماتيكية أشدّ خطراً، ويُخشى معها ان يفلت البلد من أيدي الجميع، ‏نصبح جميعنا عاجزين أمام سرعة الإنهيار وتداعي الهيكل اللبناني ‏بالكامل.‏

ورداً على سؤال، يشير المرجع الى أنّه بلغ مرحلة متقدّمة جداً في ‏تشاؤمه، ومع ذلك لا يرى انّ الافق مسدود بالكامل، فإمكانية بلوغ ‏تفاهم لم تُعدم بعد، وخريطة الطريق الى هذا التفاهم محدّدة في ‏مبادرة الرئيس نبيه بري، التي باتت تشكّل الأمل الوحيد المتبقّي الذي ‏يمكن ان يُبنى عليه هذا التفاهم وبالتالي إحداث نقلة نوعية للواقع ‏اللبناني، من اجواء الانفجار السائدة حالياً، الى اجواء الإنفراج.‏

تزخيم مبادرة بري

ما اشار اليه المرجع المذكور، يتقاطع مع ما تؤكّد عليه الأجواء ‏المحيطة بمبادرة بري، لناحية تزخيم حركة الاتصالات والوسطاء حولها ‏في هذه المرحلة وصولاً الى حكومة متوازنة، وخصوصاً أنّها تحظى ‏بإجماع خارجي حولها، وكذلك بتأييد داخلي واسع لها، وباتت بالتالي ‏تشكّل الفرصة الاخيرة المتاحة للخروج من الأزمة، وتشكيل حكومة ‏اختصاصيّين من غير السياسيين وفق مندرجات المبادرة الفرنسية، ولا ‏ثلث معطلاً لأي طرف فيها.‏

وكشفت مصادر موثوقة لـ”الجمهورية”، أنّ الرئيس بري، يولي جدّية ‏مطلقة لمبادرته، ويعزلها عن كلّ الجوّ السياسي المتوتر، ويحرص على ‏ابقاء مندرجاتها طيّ الكتمان، تاركاً للحراك الذي يجري بوتيرة سريعة ‏ومكثّفة حولها، أن يبني مساحة مشتركة حول الحكومة العتيدة، ‏وتحديداً بين شريكي التأليف؛ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ‏والرئيس المكلّف سعد الحريري.‏

وبحسب المصادر الموثوقة، فإنّ مبادرة بري لا تتوخى الربح الشخصي ‏لرئيس المجلس، ولا لحركته السياسية ولا لحلفائه وفريقه السياسي، ‏بل انّها مرتكزة على هدف وحيد، هو الجمع ولمّ الشمل الداخلي ‏المشتّت، وأن يربح البلد استقراره وسلامه الداخلي عبر تشكيل حكومة ‏يتشارك فيها الجميع في تحقيق هذا الهدف، وأن يربح الوطن، معناه ‏بالتأكيد انّ الكلّ رابحون.‏

العقد المتبقية

الى ذلك، وبحسب معلومات “الجمهورية” فإنّ مبادرة بري كانت قد ‏قطعت، حين طرحها على كل الاطراف المعنية بالملف الحكومي، ‏ثلاثة ارباع المسافة الفاصلة عن التفاهم على حكومة، فحجم الحكومة ‏لم يعد نقطة خلافية، والليونة جدية من قبل الرئيس المكلف حيال ‏عدم التمسك بحكومة من 18 وزيرا. وثمة موافقة واضحة على حكومة ‏من 24 وزيرا وفق معادلة 8-8-8. كما ان ثمة ليونة من قبل الحريري ‏حول وزارة الداخلية بحيث حسم الامر حيالها على قاعدة ان يقترح ‏رئيس الجمهورية اسم وزيرها على الرئيس المكلف الذي له أن يوافق ‏على الاسم فيثبّت، او يرفضه فيقترح رئيس الجمهورية اسماً بديلاً.. ‏وهكذا حتى يتم تثبيت الاسم بالتوافق بين عون والحريري.‏

وتلفت المصادر الى انه حتى الآن ما زالت وزارة العدل معقدة، وسط ‏إصرار كل من عون والحريري على الظفر بها. واجواء الطرفين تؤكد انها ‏مستعصية نتيجة تشبّث الرئيسين كلّ بموقفه. يضاف الى هذه العقدة ‏عدم الحسم النهائي لكيفية توزيع الحقائب الوزارية.‏

الثلث المعطّل

اما في ما خص الثلث المعطل، فما زال مصيره ملتبساً، فالرئيس ‏المكلف لا يرى فرصة لتشكيل حكومة طالما ان رئيس الجمهورية مصرّ ‏بدوره على الثلث المعطل، فيما الاجواء القريبة من رئيس الجمهورية ‏تصر على نفي هذه “التهمة” وتعتبرها ذريعة يستند اليها الرئيس ‏الحريري للهروب من تشكيل حكومة.‏

وبحسب الاجواء القريبة من عون فإن هذا الثلث ليس مطلباً للرئيس، ‏وينقل عن مطلعين على هذه الاجواء ان رئيس الجمهورية وافق على ‏حكومة الـ 8-8-8، وأن تكون حصته 8 وزراء في حكومة من 24 وزيرا، ‏وتتألّف هذه الحصة من 7 مسيحيين (الوزير الأرمني ضمنهم) و1 درزي. ‏الّا ان هذا الامر لم تؤكده الاوساط القريبة من الرئيس المكلف مشيرة ‏الى انه لو تم التخلي عن الثلث المعطل لسلكت الحكومة طريقها ‏فوراً الى التشكيل.‏

عقدة الوزيرين

والى جانب ذلك، كشفت مصادر عاملة على خط الوساطات الداخلية ‏لـ”الجمهورية” انّ نقطة الخلاف الجوهرية في حكومة الـ24 وزيرا، ‏كامنة في توزيع سائر الوزراء المسيحيين الذين يعتبرون من خارج ‏حصة رئيس الجمهورية. حيث انّ هناك تسليماً بحصول تيار المردة ‏على وزيرين، والحزب القومي على وزير، ويبقى وزيران مسيحيان ‏يرفض رئيس الجمهورية ان يكونا من حصة الرئيس المكلف الذي نال ‏في الحكومة كامل الحصة السنية. ورفض الرئيس عون منح الوزيرين ‏للحريري لأنهما يتيحان له الحصول على حصة فيها ثلث معطل، ‏وتفوق النصف زائدا واحدا في الحكومة، اي 13 وزيرا موزعين كالآتي: 7 ‏للحريري، و1 لوليد جنبلاط، و2 لتيار المردة، و3 للرئيس بري. واذا ما ‏اضيف وزير الحزب القومي الى هذه الحصة تصبح 14 وزيرا، فيما ‏حصة رئيس الجمهورية 8 وزراء، واذا ما اضيف اليها وزيرا “حزب الله” ‏يحظيان معاً بالثلث المعطل، ولكنهما لن يصلا الى النصف زائدا ‏واحدا. ما يعني انّ حكومة اذا شكّلت على هذا النحو، هي حكومة لا ‏متوازنة، وتجعل الحريري (ومعه خصوم عون) متحكّماً بهذه الحكومة ‏بشكل كامل.‏

وبحسب المصادر نفسها، ان عقدة الوزيرين المسيحيين قد تكون ‏اصعب من الثلث المعطل. وثمة نقاش يجري لبلورة مخرج، ولم يصل ‏بعد الى خواتيم مرُضية، يقوم على اختيار شخصيتين مسيحيتين ‏مستقلتين، وثمة حل وسط مطروح بأن تتم تسميتهما من قبل الجانب ‏الفرنسي (ربما يكون هذا هو الحل)، علماً انّ ثمة من طرح ان تتولى ‏بكركي تسمية هذين الوزيرين، الا ان الاجواء المحيطة بهذا الطرح ‏عكست عدم حماسة البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس ‏الراعي حيال ذلك.‏

موسكو تنتظر الحريري

في هذا الوقت، اعلن وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف من ‏القاهرة “أنّ روسيا تنتظر زيارة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في ‏الأيام المقبلة”.‏

وقال لافروف في مؤتمر صحافي: انه “سيتم أيضاً استقبال ممثلين ‏آخرين للقوى السياسية الرئيسية في هذا البلد في موسكو”. واضاف: ‏‏”سنحثّهم على إدراك مسؤوليتهم تجاه شعبهم وتجاه بلدهم وتشكيل ‏حكومة تعكس توازن المصالح لجميع أطياف المجتمع اللبناني”.‏

ولفت لافروف الى أنّ “موسكو تعتقد أن الأزمة الحالية في لبنان لا ‏يمكن حلها إلا من قبل أبناء البلد أنفسهم، بمشاركة جميع الفئات ‏السياسية والعرقية والطائفية”. وانتهى الى القول: “بدون أي وصفات ‏مفروضة من الخارج، حتى في ظل الوعد بنوع من المساعدة المالية”.‏

‏”أمل”: خيانة

ولفت في هذا السياق موقف ناريّ لحركة “أمل” اعتبرت فيه ان “تأخير ‏بل تعطيل ولادة الحكومة هو شأن يصل إلى حد الخيانة للبنانيين ‏الذين يرتفع اليوم معدل يأسهم والدفع بهم إلى أعلى مستويات ‏الهجرة”.‏

واشارت في بيان لمكتبها السياسي الى “ان اللبنانيين في مطلع شهر ‏رمضان كانوا يمنون النفس كما تمنّوا في عيد الفصح المجيد أن يفرج ‏القابضون على ملف الحكومة عنها ويقدموا للبنانيين حقاً مسروقاً ‏لهم، أي أن يكون مسروقاً بحكومة تضع خطة إنقاذ وتترجم مخرجات ‏المبادرة الفرنسية إلى حيّز التطبيق، حكومة مهمة غير حزبية بلور ‏الرئيس نبيه بري صيغة ملائمة لها مع المخلصين في هذا البلد”.

واعلنت انها اذ تؤكد على ضرورة الإلتزام بموجبات الدستور مهما ‏اشتدت الصعاب والظروف الضاغطة، ترى أنه على السلطة التنفيذية ‏بالوزارات المعنية أن تقوم بإجراء الانتخابات الفرعية للمقاعد الانتخابية ‏الشاغرة، وأن التأخير في هذا الأمر يجب أن يضع المسؤولين في دائرة ‏تحمّل المسؤوليات الشخصية والقانونية.‏

وأكدت “ضرورة السير بالتدقيق الجنائي الشامل لمصرف لبنان وكل ‏الوزارات والمؤسسات والمجالس وتحديد المسؤوليات، واتخاذ ‏الإجراءات اللازمة، ولا ترى أي مبرر للسلطة التنفيذية في التأخير بعد ‏إقرار القوانين المطلوبة”. كما اكدت من جهة ثانية، أهمية الحفاظ على ‏حقوق لبنان كاملة في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية من دون ‏التنازل عن أي نقطة ماء كما نادى دوماً الرئيس نبيه بري، وهي تجدّد ‏موقفها بأنه على السلطة التنفيذية وفخامة رئيس الجمهورية القيام ‏بكل ما يلزم للحفاظ على هذه الحقوق.‏

الترسيم

من جهة ثانية، برز أمس تطور لافت حول موضوع الحدود البحرية ‏الخالصة للبنان، وتجلى في إعداد مرسوم تعديل للمرسوم السابق، ‏حيث أعلن المكتب الاعلامي في رئاسة مجلس الوزراء أن “الأمانة ‏العامة لمجلس الوزراء أحالت إلى رئاسة الجمهورية اقتراح وموافقة ‏رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على مشروع المرسوم ‏المتعلق بتعديل المرسوم رقم 6433 تاريخ 1/10/2011 بعد أن وقّعه ‏كل من وزيري الدفاع زينة عكر والأشغال العامة والنقل ميشال نجار، ‏وذلك لأخذ الموافقة الاستثنائية عليه من رئيس الجمهورية لإصداره ‏وفقاً للأصول التي يتم اتّباعها في جميع الملفات التي تستدعي ‏العرض على مجلس الوزراء ويُستعاض عن موافقة مجلس الوزراء ‏بخصوصها بموافقة استثنائية تصدر عن رئيس الجمهورية ورئيس ‏مجلس الوزراء، على أن يُصار إلى عرض الموضوع لاحقاً على مجلس ‏الوزراء على سبيل التسوية”.‏

إسرائيل

وفيما يعوّل لبنان على أن يكون هذا التعديل أساساً في المفاوضات ‏غير المباشرة مع إسرائيل برعاية الأمم المتحدة، لفت موقف تصعيدي ‏لإسرائيل عَكسه وزير الطاقة الإسرائيلي يوفال شتاينيتز وقال فيه إنّ ‏‏”خطوات لبنانية أحادية الجانب ستقابل بخطوات إسرائيلية موازية”.‏

وجاء كلام شتاينيتز عقب إعلان لبنان توقيع تعديل لتوسيع المنطقة ‏البحرية المتنازع عليها مع إسرائيل، ما يرفع سقف المطالب اللبنانية ‏خلال مفاوضات ترسيم الحدود.‏

والتعديل على مطالبة لبنان الأصلية المقدمة إلى الأمم المتحدة ‏سيضيف حوالى 1400 كيلومتر مربع إلى منطقته الاقتصادية ‏الخالصة.‏

وقال الوزير الإسرائيلي إنّ “لبنان يبدو أنه يفضّل نسف المحادثات بدلاً ‏من القيام بمحاولة للتوصّل إلى حلول”.‏

وأضاف أن “هذه ليست المرة الأولى على مدار 20 عاما الماضية حين ‏يغير اللبنانيون خرائطهم البحرية لأغراض دعائية ولإبداء “موقف ‏وطني”، وبهذا هم يعرقلون أنفسهم مرة تلو الأخرى”.‏

وقال إنه “في الوقت الذي تعمل دول أخرى في المنطقة، مثل ‏إسرائيل ومصر وقبرص، منذ سنوات على تطوير حقول الغاز الطبيعي ‏التابعة لها من أجل توفير الرفاهية لمواطنيها، يبقى اللبنانيون في ‏الخلف ويطلقون تصريحات نارية لا تحقق شيئاً”.‏

الجمهورية

Leave A Reply