صوت الفرح.. في حماية الحدود مقاومون ثابتون .. وجبال تنتظر الحسم

تحقيق عبير حمدان – فاطمة شعيتو

تصوير محمد أبو سالم

الحرب المفروضة.. شعار أصبح يعتقد به كل مواطن يسكن القرى المحاذية للحدود اللبنانية السورية، رحلة مكوكية من رأس بعلبك الى القصير الى القاع.. رجال المقاومة بالمرصاد لكل اعتداء.. والجيش اللبناني يرابط لحماية الأهل الامنين والنازحين..

لكل حكاية وقصة.. للوجع والصمود والصبر الطويل..

كتبت كلمات مجسدة واقع التحدي والإستمرار رغم جميع الآلام والتضحيات.. وهناك كانت صوت الفرح تقارب الآراء التي لن تتغير ما حيينا..

يقول رفعت نصرالله منحنياً أمام شهداء المقاومة أنه يفتخر بإنجازاتها التي لا تزيدنا إلا عزاً، معتبراً أن المعركة في سوريا هي معركتنا، فاليوم تستهدف منازل رأس بعلبك بكل وحشية لتمنع صاحب الأرض من ملامسة ترابها، “فكيف لنا أن لا ندافع عن أرضنا وأن لا نعتبر هذه المعركة معركتنا وقد الحقتنا بالضرر أفراداً ..”، مؤكداً الإستمرار في دعم المقاومة التي لم تفرض يوماً على أحد اي شيء بل إن كل ما يؤاتي به الأهالي بمواجهة الإعتداء هو بإرادتهم وبكل قناعاتهم.

ويرى وجدي العرجال أن عرسال محتلة بعدد النازحين السوريين الذي فاق عدد الأهالي الذين يغلب عليهم حاملي السلاح، وهذا ما دفع الأهالي بدورهم الى حمل السلاح من أجل حماية أرضهم والدفاع عنها، لافتاً الى التعايش التاريخي مع المقاومة بتعدد طوائفها فهي لم تهدم منزلاً أو تفخخ أرضاً كما يفعل الباقون.

أمّا عن القوى الأمنية الموجودة، يقول منفذ عام البقاع الشمالي الأمين الياس طوما أن قوة الحزب موجودة لكن لا غنى عن الجيش اللبناني، وفي مثل هذه الظروف التي تعيشها المنطقة فإن كل فرد سيدافع عن حقه إذا تعرض لأذى كما ان مهمتنا الأساسية هي الدفاع عن متحداتنا الإجتماعية، ووقت الاستنفار الجميع يلبي النداء دون تردد وهذا أثبت انسجام القرارات مع الأهالي تحقيقاً لمصلحة البلد.

مع منفذ عام الهرمل في الحزب السوري القومي الاجتماعي محمد الحاج حسين الذي شرح لنا المشهد في قرى المواجهة بالقول:”ابدأ من عرسال لأؤكد أنها منذ القِدم هي بيئة حاضنة للمقاومة ومنها إنطلقت المقاومة الوطنية ولا يمكن أن تُتهم بأنها تحضن الإرهابيين، لكن ما يحصل اليوم أن هناك جزء من العراسلة مغلوب على أمرهم بسبب وجود الجماعات التكفيرية في جرودها ومنهم من وصل إلى بيوتها حتى أن الكم الهائل من النازحين أثر بشكل سلبي على واقع البلدة وبين هؤلاء يوجد مسلحين للأسف، وهناك قلة من العراسلة مع هذه الجماعات لكن الأغلبية تؤيد المقاومة بأغلب أطيافها وتدعمها. المعركة بدأت الآن في كامل السلسلة الشرقية والهرمل ستتأثر بالطبع بتداعيات ما يحصل، هذه الجماعات تنفذ مشروع خارجي إستعماري لا يتعارض مع المشروع الإسرائيلي، إسرائيل هدفها ضرب المقاومة وكل عناصر القوة والإمكانيات الموجودة في هذه الأمة كما هؤلاء التكفيريين، الهرمل قدمت الشهداء وقاومت الإستعمار والإحتلال ونحن كحزب سوري قومي إجتماعي موجودين على الأرض وفي الجبهات وهذا أمر لم يعد خافياً على أحد ولا نخجل به”.

لكن هل عرسال مستهدفة بشكل فئوي كما يتم التسويق سياسياً وإعلامياً من قبل شركاء لنا في الوطن؟ يجيب الحاج حسين:” نحن لا نفكر على الإطلاق بشكل فئوي ومذهبي وحزبنا عابر للطوائف والمذاهب وموجود على كل مساحة الوطن، أهل عرسال أهلنا كما أهل الهرمل، وكما قد يكون هناك ناس في عرسال يحضنون الإرهابيين قد نرى في الهرمل من لا يؤيد أفكارنا ونهجنا المقاوم، خلال الإحتلال الإسرائيلي في الجنوب اللبناني كان هناك عملاء أيضاً ولكن الأغلبية الساحقة كانت للناس الشرفاء والمقاومين. لذلك من المستحيل أن تكون المعركة مذهبية، وفي عرسال سقط شهداء في مواجهة التكفيريين”.

وعن الوضع الإقتصادي في المنطقة يقول:” في ما يتصل بالوضع الإقتصادي الصعب للمنطقة لا يمكن أن نلقي باللوم على النزوح الكبير من سوريا إلى لبنان وحسب وموضوع النازحين متشعب جداً ويطول شرحه، التردي الإقتصادي بدأ يطرق الأبواب منذ بداية الأزمة في سوريا الهرمل والبقاع الشمالي بشكل عام منذ بداية المعارك في الشام لأن منطقتنا لها إرتباط بحمص والقصير أكثر من إرتباطها ببعلبك وبيروت وهذه تسقط مقولة النأي بالنفس التي يروج لها البعض، هنا لا حدود بين لبنان والشام ولا يمكن أن يكون هناك فصل بين البلدين، منذ العشرينات قال سعادة أن المسألة اللبنانية هي مسألة شامية في الصميم كما أنها مسألة فلسطينية في الصميم وعراقية أيضاً في الصميم، ما يحمي الشام اليوم المقاومة في العراق إذا ضُربت هذه المقاومة هناك ستتأثر الشام وإذا تم ضربها في الشام سنتأثر في لبنان، إنه محور واحد ومترابط من لبنان إلى الشام والاردن وفلسطين”.

وعن الفرق بين معركة القصير ومعركة الجرود يقول:” المعركة تبقى معركة في كل احوالها، هذه الجماعات تملك الدعم الدولي الأوروبي والأميركي وحتى العربي ولديهم تمويل مالي ضخم حتى أن أسلحتهم متطورة جداً، وفي المقابل نحن نمتلك سلاح الإرادة، والحزب الذي إستعمل سلاح الأجساد من المستحيل أن يركع أمام هذه الجماعات المسلحة، الحزب الذي ضم سناء محيدلي ووجدي الصايغ ونورما أبي حسان ومالك وهبي وخالد الأزرق، هذه المنفذية الموجودة هنا معنية بكل تفاصيل المعركة كما منفذية العاصي والبقاع الشمالي، في النهاية نحن حزب موجود وهناك تنسيق تام بيننا وبين حزب الله الموجود في الجبهة بشكل مباشر وأيضاً يتم التنسيق مع الجيش اللبناني الذي يلعب دور أساسي في مواجهة الأرهاب وهناك وجود لباقي الأحزاب الوطنية كلٌ حسب قدراته وإمكانياته، والجميع جاهز للحسم”.

هذا ولفت السيد توفيق منصور الى التنسيق الدائم مع الأحزاب لا سيما حزب الله من اجل حماية الأرض من التكفيريين، محاولين مساندة الأهالي خلال هذه الاحداث ” نحن كحزب لدينا قدراتنا المجهزة لأي طارىء على أمل أن تنتهي المعركة قريباً”.

أمّا موقف الكنيسة في القاع فيلخصها الأب نصرالله الذي يعتبر النازحين السوريين الطالبين للأمان هم تحت رعاية أهالي القاع إلا أنه يستغرب وجود المسلحين منهم والمهددين لمناطقنا بدل محاولتهم تأمين حياة طبيعية لهم في ظل الأحداث الصعبة التي يعيشونها.. ومثل هؤلاء كان الجيش والمقاومة والأحزاب حتى الأهالي لهم بالمرصاد، قائلاً: ” نحن في الكنيسة لسنا دعاة حمل السلاح فالأديان حضارة والحوار هو الأساس، لكن عند الدفاع عن أرضك ووطنك وكنيستك فإننا من الطبيعي أن نؤازر الجيش اللبناني ونحافظ على بلدتنا”.

مسؤول شعبة حركة أمل في المنطقة الثانية (النبي عثمان) خليل طي حيّا الجيش اللبناني والمقاومة لافتاً إلى أن الإسلام دين التسامح وهو لا يذبح ولا يدمر كما أنه بريء من التكفيريين والجميع مشارك في هذه المعارك وحريصون على الوضع ومستعدون للمعركة حتى آخر نفس .

ولفت ناظر التدريب لمنفذية العاص في الحزب القومي الاجتماعي حسين الهق أنه على الدولة اللبنانية حماية المناطق المهددة بالخطر وإلّا فإن اللجان الشعبية لن يقفوا مكتوفي الأيدي، مشيراً الى محاولة التكفيريين العودة الى القصير لكن ذلك من المستحيلات بوجود الجيش العربي السوري، ” المعركة بالجرود أصعب بكثير بسبب وجود الكهوف لكن الاهالي بدعم المقاومة سيدافعون عن أرضهم ومنازلهم بكل قواهم”.

وبالحديث عن موقف القاع حول الأحداث، يؤكد جورج عوض كما سكان المنطقة أن القاع منطقة حدودية وهي معرضة للخطر والكل متفق على مواجهة هذا الخطر مهما كلف الأمر باعتباره عملا وطنياً، أمّا حياة الأهالي فهي طبيعية بإرادتهم القوية وتمسكهم بأرضهم ” نحن لا نخاف من شيء وباقون في أرضنا”.

ويكمل بعضهم بعبارات ملؤها العز والصمود.. ” ولدنا هنا وسنموت هنا.. واتكالنا على الله.. وحمايتنا تؤمنها السماء..”

وختاماً مع براءة الأطفال والطفلة حوراء حسن التي تغذت على الجهاد فهي لا تخاف التكفيريين وتتردد إلى عرسال كلما أتاحت لها الفرصة قائلة: ” حزب الله يحمينا”.

Leave A Reply