بين الأرز ومسبار عقود ستة وعقبات عدة ـ كتبت نضال شهاب

جزيل المحبة وخالص التقدير والتبريك والإحترام …لدولة الإمارات الشقيقة التي صنعت الحدث الأول من نوعه في العالم العربي، وقامت بإطلاق صاروخ مسبار الأمل الى المريخ حيث دخلت التاريخ من أوسع الأبواب، فمشروع الإمارات لإستكشاف المريخ من خلال مشروع أو مهمة مسبار الأمل لإستكشاف الفضاء، سيُستخدم للمحاولة على الإجابة عن الأسئلة العلمية حول سبب فقدان الغلاف الجوي للمريخ ، والسبب وراء التغيرات المناخية الشديدة في الكوكب عينه…

وبين الأرز ومسبار عقود ستة وعقبات عدة ،أو ليست بالعدة لا بل بالعديدة، وليست بالعقبات او التحديات لا بل بالإرهاصات أو السرقات او السطو المسلح على العقول والأدمغة والطاقات …بسلاح الطائفية والدين والتبعية وتقاسم الغنائم والحصص… نعم هي غنائم حرب فالشعب في صراع وحرب مع المسؤولين الذين يسرقونه يوما بعد يوم ، حيث يعتبرون سرقاتهم كغنيمة الحرب التي سرقوا فيها الأرض والمال والأدمغة والطاقات والإبداعات … الإبداعات التي لطالما تحلى بها اللبناني ورفعت إسم لبنان عالياً في سماء المعمورة، اللبناني الذي لا ينقصه سوى توفير الإمكانات المادية وإرادة الدولة وعزيمتها،الإرادة التي تغط ومنذ عقود في سبات عميق .

عندما قرأت عن مشروع مسبار الأمل الذي بعث في نفوسنا الأمل،استذكرت مشروع صاروخ الأرز الذي أيضاً كنت قد قرأت عنه مؤخراً في أرشيف جامعة هايكازيان ،ففي الستينات من القرن المنصرم وفي أوج الصراع على الفضاء الخارجي ومن سيصل الى الفضاء أولاً: الولايات المتحدة الأميركية أم الإتحاد السوفياتي، قام طلاب كليتي الرياضيات والفيزياء في جامعة هايكازيان، بالتعاون مع الجيش اللبناني بدعم من النائب إميل البستاني ، بإجراء الدراسات للقيام بتجارب إطلاق صواريخ واستعمال مواد متفجرة…

وقد قام الطلاب بإجراء التجارب الحيّة في ظلّ غياب المختبرات والتجهيزات اللازمة، وفي نيسان من العام 1961، وبعد فشل متكرر، تمّ إطلاق صاروخ ذو مرحلة واحدة طوله 175سم ووزنه 12 كلغ، وارتفع حوالي الكيلومتر، وبعد تحسينات أدخلت على الوقود الصلب، أطلق صاروخ آخر في العام نفسه طوله 140 سم ووزنه 13 كلغ، وارتفع 2،3 كلم.

وفي ظل هذه النجاحات قام الرئيس فؤاد شهاب بتقديم منحة قدرها عشرة آلاف ليرة لبنانية ، وأخرى قيمتها خمسة عشر ألف ليرة لبنانية ، كما قدّمت قيادة الجيش مبلغ خمسة وعشرين ألف ليرة لبنانية لتطوير التجارب.

النادي اللبناني للصواريخ

وعام 1962 قام طلاب جامعة هايكازيان وبعض المهتمين بتأسيس النادي اللبناني للصواريخ، بدعم مالي محدود من وزارة التربية، وتابعوا تطوير مشروعهم وتحسين التصاميم، كما أدخلوا الصواريخ متعددة المراحل ،وأطلقوا اعتباراً من 25 أيار 1962 سلسلة صواريخ أرز 1 إلى أرز 6 ،حيث تفاوت أطوالها بين 260 سم و7 أمتار وبلغ مداها 4،5 كلم إلى 350 كلم، وكان أهمها صاروخ أرز 3 الذي أطلق في تشرين الثاني عام 1962 من قاعدة الصواريخ في برج مار يوسف في الضبية، بحضور قائد الجيش اللواء الأمير عادل شهاب ،وقد ارتفع الصاروخ عمودياً مسافة 200 كيلومتراً، واجتاز مسافة 600 كيلومتراً بسرعة تبلغ 9 آلاف كلم في الساعة.

وفي العام 1964، ومن دون كشف أي أسباب أو مبررات، تم إيقاف التجارب العملية نهائياً وتوجيه الطلاب إلى الإكتفاء بالأبحاث والدراسات النظرية فقط، حيث تم وبعد سنوات كشف النقاب عن نصيحة فرنسية شخصية من الرئيس شارل ديغول قدمها الى نظيره الرئيس فؤاد شهاب، مضمونها “أنكم قد أثبتم قدراتكم في المجال العلمي، وأنه لا داع لتعريض لبنان للخطر” وللأسف، عمل الرئيس شهاب بتلك النصيحة، وتوقفت على أثرها التجارب العملية لإطلاق الصواريخ.

الحلم صاروخ والواقع طابع

الطموحات كانت كبيرة والطاقات أكبر وإنما القيمون على الوطن لم يقوموا إلا بإنجاز مشروع طابع بريدي يحمل تذكار صورة صاروخ الأرز، وذلك بمناسبة عيد الإستقلال عام 1964في عهد الرئيس شارل حلو،وبذلك يتحقق حلم مشروع الصاروخ بطابع بريدي.

وعام 1966 افتتحت جامعة هايكازيان معرضاً لصاروخي أرز 7 وأرز 8، و توقف بعدها نشاط النادي اللبناني للصواريخ ،حيث أصبح بعض أعضائه في ذمّة الله، واستجاب بعضهم للوظائف المغرية والمراكز في الولايات المتحدة الأميركية .

Leave A Reply