«حرب الفيروس».. الوصول العادل للقاحات ينقذ البشرية مع ظهور سلالات جديدة

بينما تستمر حملات التلقيح ضد كورونا في الدول الغنية، وبعض الدول النامية، فإن الدول الفقيرة ما زالت بعيدة عن الوصول للقاحات، في الوقت الذي يتحور الفيروس منتجاً سلالات جديدة.

ويأتي ذلك وسط مخاوف من عدم فعالية اللقاحات الحالية بشكل كامل، تجاه السلالات الجديدة، ما يعني إطالة عمر الجائحة على مستوى العالم، وبالتالي فإن النصر في الحرب على كورونا يحتاج إلى تطعيم كل البشرية.

وتبدو خطوة الموافقة على اللقاحات الجديدة ضد فيروس كورونا، كتغيير هام في مسيرة مجابهة الفيروس، نظراً لأن اللقاحات تعطي الأمل في توفير الحماية للفئات الضعيفة، وكذلك في عودة الحياة الاجتماعية والاقتصادية للبشرية، إلى طبيعتها، كما كان عليه الوضع قبل ظهور الجائحة، أو أقرب ما يكون لذلك.

سباق اللقاحات والسلالات

وذكر تقرير لمؤسسة راند الأمريكية أنه بينما تتم حملات التلقيح ضد كورونا في دول عديدة، فإن هناك معضلة هامة؛ تتمثل في ظهور سلالات جديدة من الفيروس، تتسم خطورتها بنفس درجة السلالة الأولى، ولكنها أكثر عدوى مقارنة بالسلاسة الأولى، وبالفعل ظهرت سلالات جديدة في بريطانيا وجنوب أفريقيا، وأمريكا الشمالية، وتظهر أدلة جديدة على أن لقاح «نوفاكس» لديه فعالية كبيرة ضد السلالة البريطانية، ولكن فعاليته أقل بالنسبة لسلالة جنوب أفريقيا.

وأشار التقرير إلى أنه إذا كانت بعض اللقاحات ضد كورونا ستكون أقل فعالية تجاه السلالات الجديدة للفيروس، فإن ذلك يعني أنه من الأهمية بمكان، أن تتم عمليات التلقيح بسرعة كبيرة، وتشمل كل دول العالم، فأي تأخير في حملات التلقيح أو عدم شمولها لكل العالم سيعني إطالة عمر الجائحة.

وأوضح التقرير أنه إذا تأخرت حملات التلقيح في بعض دول العالم إلى عام 2024 طبقاً لبعض التقديرات الحالية، فإن ذلك يعني أن الفيروس من الممكن أن ينتشر في دولة أو منطقة ما، ويتحور إلى سلالة جديدة، وتكون اللقاحات الحالية أقل فعالية تجاهها، أو يحدث السيناريو الأسوأ، وهو أن تكون اللقاحات الحالية غير فعالة على الإطلاق تجاه تلك السلالات.

مشكلة تخزين اللقاحات

ولفت التقرير إلى بعض السياسات التي تنفذها بعض دول العالم الغنية، بشراء وتخزين كميات كبيرة من اللقاحات، للتأكد من تطعيم كل مواطنيها الآن، وفي المستقبل القريب، بما في ذلك الفئات الأقل عرضة للخطر، وقياساً على ذلك، فإذا ظهرت الحاجة لتطوير اللقاحات الحالية، أو إنتاج لقاحات جديدة، فإن سياسات تخزين اللقاحات ستستمر.

وتابع التقرير موضحاً خطورة طول فترة الحرب على الجائحة، نظراً لأن سلوك كل دولة فيما يتعلق بشراء اللقاحات أو تخزينها، قد يؤدي في نهاية المطاف إلى وفاة العديد من الأشخاص من الفئات الأكثر تعرضاً للخطر، في دول فقيرة، كان يمكن إبقاؤهم على قيد الحياة، إذا تم تلقيحهم، بدلاً من تقديم الدول الغنية اللقاحات للفئات الأقل عرضة للخطر.

وأكد التقرير أهمية المسؤولية الأخلاقية، في توفير اللقاحات للفئات الأكثر عرضة للخطر، على مستوى كل دول العالم، لحماية أرواحهم من خطر الجائحة.

مكاسب اقتصادية

وتطرق التقرير إلى نقطة شديدة الأهمية، ترتبط بضرورة سرعة تلقيح سكان دول العالم، وهي النشاط الاقتصادي العالمي، موضحاً أن تخزين اللقاحات سيؤدي إلى استمرار الخسائر في الناتج الاقتصادي العالمي، لأن اقتصاديات دول العالم متشابكة ومترابطة بعضها ببعض، وبالتالي فإن استمرار فترة حياة الفيروس في دولة ما، أو مجموعة من الدول منخفضة الدخل، سيؤدي إلى خسائر أكبر للدول مرتفعة الدخل، مقارنة بالوضع إذا قامت الدول الغنية بتمويل حملات التلقيح في الدول الفقيرة.

وأكد التقرير أن تعزيز التعاون والتنسيق ما بين دول العالم، يتطلب إتاحة اللقاحات لكل سكان المعمورة، وهو الأمر الذي من شأنه أن يوفر الأموال، مضيفاً أن تقريراً لمؤسسة راند في أوروبا، أظهر أن ذلك يحقق فائدة اقتصادية كبيرة، وأن الدول الغنية يمكن أن تسترد نحو 5 دولارات، مقابل كل دولار تنفقه على توفير اللقاحات للدول الفقيرة.

ولفت التقرير إلى أنه بدون ذلك التعاون والتنسيق العالمي، فمن المرجح أن يستمر انتشار الجائحة عبر دول العالم، وبشكل مأساوي سيزيد ذلك من أعداد الوفيات، والمرضى لفترات طويلة، ويقلل أيضاً من الناتج الاقتصادي العالمي، مؤكداً أن ذلك الثمن الباهظ أكبر بكثير من توفير الأموال، لإتاحة اللقاحات لكل البشرية. وشدد على أنه لن تكون هناك عودة للحياة الطبيعية في أي مكان من العالم، إلا إذا استطاع كل العالم أن يعود لها.

Leave A Reply