النهار: “الثلث المعطل” بلا حلفاء… حلحلة ام تعقيد ؟

هل حان وقت النزول عن رؤوس الشجر ام ان توسيع عزلة ممارسات التعطيل سيقابل بمزيد من التعنت والتصلب والمعاندة ؟

الواقع ان الموقف البارز واللافت الذي اتخذه رئيس مجلس النواب نبيه بري وأعلنه امس وبعد طول انكفاء عن تناول الملف الحكومي، طبقا لما كانت اشارت اليه”النهار”، اكتسب أهميته ودلالاته من خلال رسمه معادلة يبدو ان الكواليس اللبنانية والفرنسية تعمل على بلورتها علها تفتح الثغرة الكبيرة في جدار تعطيل تشكيل الحكومة. ذلك ان موقف بري وان سمى العقدة بصراحة وشفافية تامتين وهي تمسك فريق العهد وتياره السياسي بالثلث المعطل (ولو لم يسمهما بري) لا يبدو انه أراد من خلاله فتح اشتباك سياسي مباشر بينه وبين العهد مقدار احداث صدمة مفادها ان الانهيارات المتسارعة في البلاد لم تعد تحتمل ترف انتظار العهد للاقتناع بان التمسك بالثلث المعطل صار “يتيما” ولم يعد له حلفاء حتى من أقربهم وأوثقهم وأكثرهم دعما له. فاذا كان المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى دعا الى دعم “مبادرة بري” فان دلالات هذا التطور تنسحب على موقف التوأم الاخر في الثنائي الشيعي أي “حزب الله” الذي يعزى اليه أساسا انه حاول مرات اقناع حليفه العوني بان حصته الحكومية ستكون ضمانا للعهد وتياره ولو من ضمن تركيبة الـ18 وزيرا التي يتمسك بها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، ولكن العهد تمسك بالثلث المعطل وبتركيبة الـ20 وزيرا . تبعا لذلك تبدت مع موقف بري امس، ووسط معلومات عن تحرك او وساطة او مسعى لـ”حزب الله ” ملامح هبوب رياح تسووية يراد لها ان تماشي مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الى تشغيل محركات المبادرة الفرنسية، علما ان الحديث عن مرونة طارئة في الموقف الفرنسي لجهة ما وصفه ماكرون نفسه بحكومة “غير كاملة المواصفات”، اطلق العنان للاجتهادات السياسية لكل فريق وفق هواه، الامر الذي يمكن ان يشكل تعقيدا إضافيا.

ومع ذلك تتجه الأنظار في الأيام القليلة المقبلة الى رصد طبيعة التفاعلات التي أحدثها انتقال السجال (ولو بوتيرة اقل صخبا من محور بعبدا – بيت الوسط الى محور بعبدا – عين التينة مع ” القيمة المضافة ” لهذا التطور سواء في تسمية رئيس المجلس للمشكلة باسمها من دون مواربة او ديبلوماسية او في رد بعبدا عليه او ما بينهما في خلفية الحضور الثالث المفترض لـ” حزب الله ” في هذا التطور اذ يصعب ان يكون الرئيس بري اتخذ موقفا بهذه الأهمية المفصلية ولو باسم كتلته النيابية ولا يكون الثنائي الشيعي كلا موافقا عليه.

وأفادت معلومات ان الاتصالات والوساطات تحركت مجددا للتقريب بين بعبدا وبيت الوسط، منها خارجي، وفرنسي في شكل خاص، غداة اتصال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون بنظيره الرئيس ميشال عون، اذ يتردد ان خط اتصال اضافيا فتح بين فرنسا و”حزب الله” للمساعدة في حل العقدة الحكومية، ومنها داخلي قيل ان “حزب الله” يضطلع به حيث تردد ان امينه العام السيد حسن نصرالله اتصل برئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل طالبا خفض سقف شروطه ومطمئنا اياه الى الثلث المعطل الذي يمكن ان يساهم وزير شيعي في تأمينه للفريق الرئاسي. غير ان معلومات أخرى اكدت انه لم يُجر اي اتصال بين نصرالله وباسيل في الايام الاخيرة في موضوع الحكومة.

بري وبعبدا

وقد اتخذت مسألة الثلث المعطل بعدها المتجدد مع اعلان الرئيس بري في بيانه امس “ان العائق ليس من الخارج بل من عندياتنا، وطالما الإتفاق ان تكون الحكومة من إختصاصيين، وان لا ينتموا الى أحزاب أو حركات أو تيارات أو اشخاص، بمعنى يكتفى بتسمية من هو “لا ضدك” و”لا معك”، فإن كتلة التنمية والتحرير، على سبيل المثال لا الحصر، إلتزمت هذا المعيار فأقدمت على تسمية أسماء ليست لها وليست ضدها، هذا المبدأ يسري على الجميع من دون استثناء، مثله مثل اختيار ذوي الاختصاص والكفاءة، كل هذا حتى لا تكون الحكومة تابعة لغير مصلحة لبنان العامة. فحري أن لا يجوز لأحد على الإطلاق الحصول على الثلث المعطل، وإلا لا قيمة للإختصاص ولا لوجود شركاء ولا لوجود حكومة يثق بها الداخل والخارج، والحقيقة إنطلاقا من هذا الفهم تقدمت للفرقاء بمثل هذا الإقتراح كحل ينصف الجميع وأولهم لبنان وتعطل للأسف عند مقاربة الثلث المعطل”.

وخلافا لاعتماده التسمية المباشرة في سجالاته مع الرئيس الحريري، لم يسم المكتب الإعلامي لرئاسة الجمهورية رئيس المجلس في رده بل على “اوساط سياسية وإعلامية” مذكرا بان “الرئيس عون الذي لم يطالب مطلقاً بالثلث المعطل، حريص في المقابل على ممارسة حقه في تسمية وزراء في الحكومة من ذوي الاختصاص والكفاءة، يكونون موضع ثقة في الداخل والخارج، وذلك حفاظاً على الشراكة الوطنية من جهة، وعلى مصلحة لبنان العليا من جهة ثانية”.

ولكن مصادر كتلة التنمية والتحرير عادت لتشدد ان العائق في موضوع تشكيل الحكومة هو التعطيل بالإصرار على الثلث المعطل. وقرن بري موقفه “دعمه وتأييده للمبادرة الفرنسية وضرورة تشكيل حكومة تضطلع بمسؤولية الإنقاذ والنهوض بلبنان” خلال لقائه السفيرة الفرنسية آن غريو التي أكدت “إصرار بلادها وتمسكها بمبادرة الرئيس ماكرون تجاه لبنان”. وحثت على ضرورة تكثيف الجهود من أجل الإسراع في تشكيل الحكومة كي يستطيع لبنان تجاوز الازمات التي يعاني منها لا سيما الإقتصادية والمالية والصحية”.

احتجاجات

في غضون ذلك وعلى رغم انحسار موجات الاحتجاجات الصاخبة في طرابلس لم تتوقف الاحتجاجات تماما وقطع امس عدد من المحتجين على تردي الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الطرق المؤدية الى ساحة النور، وسط انتشار كثيف لعناصر الجيش وقوى الامن الداخلي. كما تم قطع السير على بولفار طرابلس بالقرب من تقاطع المئتين بالاتجاهين. وحصلت تجمعات في صور تعبيرا عن التضامن مع طرابلس والمطالب التي يرفعها المحتجون. ورفضاً للإعتقالات التعسفية بحق الناشطين في المناطق ورفضاً لرفع الدعم عن بعض السلع الأساسية، نفذ عدد من الناشطين من حراك صيدا وقفة احتجاجية عند دوار ايليا في المدينة. وطالبوا بالافراج عن جميع الموقوفين . في السياق نفسه قطع محتجون السير عند تقاطع الصيفي مساء لفترة في الاتجاهين كما قطع طريق المصنع في البقاع ليلا .

Leave A Reply