الجمهورية: عون والحريري: ملاكمة سياسية.. وباريس تحضّر لزيارة ماكرون

في ظلّ الإنسداد الداخلي، فتح الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ثغرة جديدة في الجدار اللبناني، بإعلانه امس، بأنّه سيقوم بزيارة ثالثة الى لبنان بعد التحقق من أمور اساسية، معتبراً انّ النظام اللبناني في مأزق بسبب الحلف بين ما سمّاهما الفساد والترهيب.

وبحسب ما نقلت محطات اعلامية عنه، قوله على مائدة إعلامية مستديرة امس الجمعة، إنّ “خارطة الطريق الفرنسية للبنان لا تزال مطروحة على الطاولة، وانّه يعتزم زيارة هذا البلد”، مضيفاً، “انّ لا حلول أخرى متاحة لأزمة لبنان غير الخطة الفرنسية، وإنّه سيفعل كل ما باستطاعته للمساعدة في تشكيل حكومة”.

على النار الفرنسية

يأتي إعلان ماكرون، كتتويج للحضور الفرنسي الذي بدأ يشهد وتيرة مكثفة منذ ايام قليلة، في محاولة لإعادة وضع المبادرة الفرنسية على سكة التطبيق كما ارادها ماكرون، وتفضي الى تشكيل حكومة وفق مندرجاتها، بمهمات إنقاذية واصلاحية تفتح باب المساعدات للبنان.

وبحسب ما اكّدت لـ”الجمهورية”، مصادر ديبلوماسية في العاصمة الفرنسية، فإنّ المستويات الرسمية الفرنسية باتت تقارب الملف اللبناني في هذه الفترة، باعتباره أولوية جديّة، خلافاً لما كان عليه الحال قبل اسابيع قليلة، وانّ زيارة ماكرون الى بيروت، ستكون مختلفة عن سابقتيها، وخصوصاً لناحية الإشراف المباشر على وضع الآلية التنفيذية للمبادرة الفرنسية موضع التنفيذ العملي، التي يقع في بندها الأول تشكيل حكومة المهمّة.

ولفتت المصادر، الى انّ أجواء الايليزيه لا تتحدث عن موعد محدّد لزيارة ماكرون الى بيروت، الّا انّ المصادر تعتبر انّ حراجة الملف اللبناني تفترض الّا تتأخّر هذه الزيارة بضعة اسابيع، لافتة الى انّ ما اشار اليه الرئيس الفرنسي حول التحقّق من امور أساسية، مرتبط بالتحضيرات التمهيدية لهذه الزيارة، سواء في باريس او مع الجانب اللبناني، علماً انّ حركة الاتصالات الفرنسية مع القادة اللبنانيين لم تنقطع حتى ما قبل أيام قليلة.

ورداً على سؤال، اشارت المصادر الى ما اعلنته الخارجية الفرنسية في الساعات الاخيرة، عن انّها تنشط في اتجاه لبنان، وقالت انّ ذلك يشكّل اشارة فرنسية الى انّ الملف اللبناني موضوع على نار فرنسية حامية. ولم تستبعد المصادر في هذا السياق، ان تسبق زيارة ماكرون الى بيروت، زيارة تمهيدية يقوم بها وزير الخارجية الفرنسية جان ايف لودريان.

وقع الطلاق

حكومياً، لا يحتاج تعطيل تأليف الحكومة الى حكّ دماغ، أو إلى بذل جهود لسبر اغواره، ذلك أنّ السبب بات واضحاً وضوح الشمس، وهو انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلّف سعد الحريري، يقفان من الأساس على نقطة مشتركة وهي الطلاق النهائي بينهما، واستحالة تعايشهما تحت سقف حكومي واحد. وكل ما يُثار من اسباب تعطيلية من هنا وهناك، ما هي إلّا أسباب ثانوية لا قيمة لها أمام الشعور الشخصي المتبادل بينهما، الذي لم يعد يخفيه أيّ منهما، ويعبّران عنه بالمواقف العالية النبرة التي يدحرجها كلّ منهما في اتجاه الآخر، ويلقي بها المسؤولية على الآخر، ويبدو فيها كلّ رئيس وكأنّه هو وحده من يقول الحقيقة، فيما الرئيس الآخر يقول عكسها.

وما بات مؤكّداً، وبشكل لا يرقى اليه الشك، هو انّ مسار تأليف الحكومة معطّل بالكامل، سُدّت فيه، او بالأحرى مسدودة فيه، من لحظة تكليف الحريري تشكيل الحكومة، كل الابواب والنوافذ التي يُفترض أن تؤدي الى انفراج، او الى حكومة بصلاحيات إنقاذية وإصلاحية. فالطلاق بين الرئيس عون والحريري، وكما تؤكّد الوقائع المحيطة به، يبدو أنّه من النّوع الذي لا رجعة عنه، وخصوصاً انّه أحبط كلّ المحاولات والوساطات التي رمت الى جمع شريكي التأليف على مخدّة حكومية واحدة، فضلاً عن أنّه دفع الطرفين الى النزول الى حلبة ملاكمة سياسية بعبارات واتهامات من الوزن الثقيل.

وبمعزل عمّن يقول الحقيقة، سواء عون او الحريري، أو عن سعي كلّ منهما الى تسجيل نقطة على الآخر لإحراجه فإخراجه، أو رفض هذا الرئيس أو ذاك التنازل أو التراجع عن شروط يعتبرها معززة لرصيده السياسي او الشعبي، وبمعزل عمّا يكنّه هذا الرئيس لذاك الرئيس، فربّما فات معطّلي الحكومة أنّ في موازاة “حربهما الشخصية”، أنّ البلد صار في آخر مرحلة ذوبانه سياسيّاً واقتصاديّاً وماليّاً ومعيشيّاً واجتماعيّاً وامنيّاً، وهو أمر يفترض – بالحدّ الأدنى- أن يوقظ لدى شريكي التأليف الشعور بالمسؤولية، ويأتي بهما معاً وفوراً، الى بيت طاعة البلد، وادراك واقع البلد بتشكيل حكومة صار ملحاً وجودها، لعلّها تتمكّن من انقاذ ما يمكن انقاذه مما تبقّى من اعمدة الهيكل اللبناني المتداعي، وتوقف مسار الانهيار المتسارع على كل المستويات. وتحول دون اشتعال النار في البلد، وهو ما تنذر فيه الأحداث الاخيرة في طرابلس، والتي يُخشى معها أن تلفح رياحها الساخنة مختلف المناطق اللبنانية.

التأليف صفحة طويت

بالتأكيد انّ المسؤولية الوطنية تقتضي هذا الإيقاظ، الّا انّ أجواء رئيس الجمهورية والرئيس المكلّف التي تشي خلاف ذلك، وهذا ما تؤكّده مصادر موثوقة مدركة لحجم الخلاف بينهما بقولها لـ”الجمهورية”: “الثابت في مسار التأليف، انّ عون والحريري في مكان آخر، يعلّقان البلد على مزاجين متصادمين عائمين على اولويات خاصة او بالأحرى شخصية، يُراد منها كسر الآخر، وتبعاً لذلك، فإنّ تأليف الحكومة كان صفحة مفتوحة وطويت. فالرئيس المكلّف لن يتخلّى عن ورقة التكليف، وهو يؤكّد ذلك امام الجميع بأنّه سيبقى ممسكاً بهذه الورقة الى النهاية، ومتمسكاً بتوجّهه نحو تأليف حكومة لا يتحكّم بها عون وجبران باسيل”.

اما في المقابل، تضيف المصادر، فإنّ رئيس الجمهورية بات يعتبر تكليف الحريري شيكاً بلا رصيد، وقد لا يتأخّر الوقت الذي يبق البحصة فيه، ويقول صراحة وعلناً ما بات يُقال في المجالس المحيطة به، بأنّ لا امكانية للتعايش مع الحريري، وتبعاً لذلك، فهو بات يفضّل أن تبقى حكومة تصريف الأعمال حتى نهاية عهده، فمن خلالها، وحتى ولو كانت مقيّدة بالحدود الضيّقة لتصريف الاعمال، قد يتمكن من ان يحقق من إنجازات، ما قد لا يتمكن من تحقيقه مع حكومة برئاسة الحريري.

هذه الاجواء التي تعكس الهوة الواسعة بين عون والحريري، وكما تؤكّد المصادر عينها، أفشلت كلّ الوساطات الداخليّة للتقريب بينهما، وسبق لها أن افشلت المبادرة الفرنسيّة، وهي نفسها الأجواء التي تشكّل فشلاً مسبقاً لأيّ مسعى خارجي قد يتجدّد تجاه لبنان، سواء أكان من الفرنسيين او غيرهم. ومعنى ذلك، انّ الوضع في لبنان مرشح لأن يخضع لفترة طويلة من انعدام التوازن السياسي والحكومي، والمراوحة السلبية في شتى المجالات، مع ما قد يرافق ذلك من أثمان باهظة قد يدفعها البلد في اقتصاده واستقراره وامنه.

سجال الرئيسين

في هذا الوقت، بدا انّ الشعرة قد انقطعت نهائياً بين عون والحريري، ربطاً بالكلام المنقول عن رئيس الجمهورية والردّ العنيف عليه من الرئيس المكلّف.

في كلامه المنقول عنه، القى رئيس الجمهورية بمسؤولية تعطيل تأليف الحكومة على الرئيس المكلّف، مشيرا الى تجاوز لصلاحيات رئيس الجمهورية، ومحاولات لفرض حكومة غير متوازنة يسمّي وزراءها، مشيراً الى انّه يريد التعاون مع الحريري الّا انّ الحريري لا يريد ذلك، معلناً انّه لا يطالب بالثلث المعطل، ولا يقبل بحكومة من 18 وزيراً بل حكومة من 20 وزيراً لإضافة وزيرين درزي وكاثوليكي. واتهمّ المكتب الاعلامي للرئيس المكلّف في بيان له أمس، “دوائر قصر بعبدا” بأنّها “تريد توجيه الاشتباك الحكومي نحو مسارات طائفية، وهي تنزع بذلك عن رئيس الجمهورية صفة تمثيل اللبنانيين بمختلف اطيافهم لتحصر هذا التمثيل بمسؤوليته عن حصص المسيحيين في الدولة والسلطة والحكومة”.

وجاء في البيان: “لقد غاب عن فخامة الرئيس انّه أودعني قائمة بمجموعة اسماء، اخترت منها وفقاً للاصول مجموعة من المشهود لهم بالكفاءة والاختصاص. كما غاب عن فخامته انّ الحل الذي اعتُمد لوزارة المال تمّ بالتوافق، ولم يقع الاعتراض عليه من قصر بعبدا، بدليل انّ الورقة التي سلّمني ايّاها لاحظت تخصيص وزارة المال للشيعة. اما الثلث المعطل فله كما يعلم شأن آخر يقودنا الى ورقة توزيع الحقائب على الطوائف وممثلي القوى السياسية، وهي ورقة تشكّل خرقاً تاماً لمبدأ تشكيل حكومة من اهل الاختصاص، وتستدرج التشكيلة تلقائياً الى خانة الثلث المعطل”. ورداً على قول رئيس الجمهورية بأنّه لن يتحدث من الآن فصاعداً الّا عن حكومة من 20 وزيراً، اعلن بيان الحريري انه “لن تكون هناك حكومة الّا من 18 وزيراً… ونقطة عالسطر”.

اضاف البيان: “لقد راهن الرئيس الحريري على فتح صفحة جديدة تنقل البلاد الى مساحات من المصالحة والإنجاز والإنقاذ الاقتصادي، وهو اقدم على مغامرة انتخاب العماد عون رئيساً، مدركاً اهمية التأسيس لمرحلة جديدة لا تحكمها سياسات الانكار والتعطيل، غير انّ الرياح جرت مع الاسف بما لا تشتهي النوايا الطيبة وارادة العيش المشترك والجهد المطلوب لوقف استنزاف الدولة في حلبات الطوائف”.

وحول كلام عون عن انّ الحريري طلب صرف النظر عن التحقيق الجنائي. وانّ الرئيس نبيه برّي ووليد جنبلاط لا يمنحان الحكومة الثقة في ظل التحقيق الجنائي، قال المكتب الاعلامي للحريري: “يبدو انّ فخامة الرئيس نسي او تناسى انّ مجلس النواب اقرّ التحقيق الجنائي في 20 كانون الاول ووافقت عليه كتلة “المستقبل” الى جانب كتلتي الرئيس بري والوزير جنبلاط، وربما نسي فخامته او تناسى ايضاً انّه كان اول من بادر الى الاشادة بقرار مجلس النواب. وفي الحالتين يكون إن تناسى مصيبة وان نسي فالمصيبة اعظم”. وسأل المكتب الاعلامي: “أيّ مخيلة تصنع للرئيس كل ذلك لتبرّر له امام اللبنانيين سياسات التعطيل؟ وأي عقل هذا الذي يريد اشتباكاً طائفياً بأي وسيلة تارة مع هذه الجهة وتارة اخرى مع تلك؟”. وخلص الى القول: “إنّ اساليبهم لن تقطع معنا بعد اليوم، ولن نعطيهم فرصة الفرحة بأي اشتباك اسلامي – مسيحي. ولكل مقام مقال اذا شاؤوا”.

ردّ على الردّ

وفي وقت لاحق، ردّ مكتب الاعلام في رئاسة الجمهورية على بيان مكتب الحريري “الذي احتوى على ردود مغلوطة ومعلومات في غير موقعها الحقيقي”. واعلن مكتب عون “انّ الرئيس المكلّف من خلال ما جاء في ردّه، مصمّم على التفرّد بتشكيل الحكومة رافضاً الأخذ بملاحظات رئيس الجمهورية العماد ميشال عون التي تجسّد الشراكة في تأليف الحكومة، استناداً الى المادة 53 من الدستور”، لافتاً الى أنّ هذه النقطة الاساس في كل ما يدور من ملابسات حول تشكيل الحكومة خصوصاً انّ التفرّد هو نقيض المشاركة”، وخلص الى التأكيد على أنّه “لن تكون هناك حكومة تناقض الشراكة والميثاقية والعيش المشترك الحقيقي، المبني على التوازن الوطني وحماية مرتكزاته”.

وردّ آخر على الردّ

وردّ المستشار الاعلامي للرئيس المكلّف حسين الوجه على بيان مكتب عون بقوله: “تعقيباً على بيان القصر: رئيس الجمهورية مصمم على فرض معايير غير دستورية والعودة بالبلاد الى ما قبل الطائف. العهد القوي يعاقب نفسه نكاية بالدستور”.

من أشعل الفتيل؟

في غضون ذلك، بقيت العيون الداخلية شاخصة في اتجاه طرابلس، وسط اكوام هائلة من علامات استفهام أُلقيت في الساعات الاخيرة على المشهد الطرابلسي، من دون ان تتمكّن اي منها من إماطة اللثام عن السر الكامن خلف ما يجري، واليد التي اشعلت فتيل المدينة واسقاطها في وحل التوتر من جديد، ولماذا في هذا التوقيت بالذات؟

وفيما استعرض اجتماع للقادة الامنيين في وزارة الداخلية أمس، ما جرى في عاصمة الشمال في الايام الاخيرة، من خلفية وجود غرف سوداء حرّكت التوتر في المدينة، وكذلك من زاوية التأكيد على التعاون بين الاجهزة الامنية والعسكرية، برز دخول تركي على الخط الطرابلسي تجلّى في اعلان السفير التركي في لبنان هاكان تشاكل بعد لقائه رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب “استعداد تركيا للمساعدة في إعادة ترميم مبنى بلدية طرابلس والسراي والمحكمة الشرعية، جراء الأحداث الأمنية خلال الأيام الماضية، وكذلك تقديم مساعدات اجتماعية للعائلات الأكثر فقرًا في طرابلس والمتضررة من الأحداث”.

ما حصل مشبوه!

الى ذلك، قال مرجع أمني لـ”الجمهورية”، انّ ما حصل في طرابلس، حُمّل العنوان المطلبي، الّا انّه بدا من خلال ما جرى انه عمل منظّم ومدروس، تسلّق على جوع الناس وفقرهم، وأُريد من خلاله اسقاط المدينة في الفوضى، وهذا ما يفسّره الطريقة العدوانية التي مارسها المقنّعون، ضد القوى الامنية باستخدامهم السلاح والقنابل اليدوية، ومحاولة استهداف المؤسسات الرسمية وصولاً الى احراق مبنى بلدية طرابلس.

وأكّد المرجع “انّ الفقير والجائع لا يرتدي قناعاً عندما يريد ان يعبّر عن غضبه ويطرح مطالبه”، ولفت الى انّ معطيات اكيدة، متوفرة لدى الاجهزة الامنية حول الجهات التي تقف خلف إحلال الفوضى في طرابلس، وثمة العديد من الاسماء باتت معروفة، وقد بدأت عمليات ملاحقتها والقاء القبض عليها”.

ورداً على سؤال عمّا اذا كانت هناك غرف سوداء خارجية حرّكت ما جرى في طرابلس، قال المرجع: “كلّ الامور ستظهر في التحقيقات الجارية، سواء حول الجهة المحرّكة للتوتير، او تلك التي تموّله، خصوصاً انّ هناك خيوطاً تؤكّد أنّ ما حدث في طرابلس مرتبط بتحركات وحوداث مماثلة جرت في الوقت نفسه في اماكن اخرى”.

وعن المعلومات التي تحدثت عن وجود عناصر شاركت في اعمال الفوضى والتخريب في طرابلس استُقدمت من خارج المدينة، وكذلك عن دور لمن عُرفوا ايام الاشتباك في باب التبانة بـ”قادة المحاور”، قال المرجع: “لا نستبعد شيئاً، وكل الامور ستُظهرها التحقيقات”. وخلص المرجع الى القول: “أمن طرابلس من أمن لبنان وهو خط احمر، ولا يمكن السماح بالمساس به، والجيش والاجهزة الامنية لن تترك المدينة مسرحاً للعابثين، ولن تتهاون امام اي محاولة للعبث بأمن طرابلس واهلها، كما بأمن كل اللبنانيين في كل المناطق”.

توقيف مشاركين

الى ذلك، أعلنت قيادة الجيش أنّ دورية من الجيش أوقفت ثلاثة أشخاص بينهم سوري، كانوا يتواجدون داخل مبنى بلدية طرابلس في ساحة التل يُشتبه بمشاركتهم في أعمال التخريب وإضرام النيران في مبنى البلدية المذكور ما أدّى إلى احتراقه.

وأشارت في بيان الى أنّ “قوة من الجيش أوقفت في شارع المئتين والتبانة شخصين على خلفية مشاركتهما في أعمال الشغب والتعدّي على الأملاك العامة والخاصة وإعاقة عناصر الدفاع المدني والإطفاء من الوصول إلى مبنى البلدية”.

وأوضحت “أنّ الجيش كان قد انتشر في أنحاء مدينة طرابلس كافة عند الساعة الثالثة من بعد ظهر 28 كانون الثاني، وقد أصيب ثلاثة عسكريين بجروح جرّاء الرشق بالحجارة والمفرقعات وقنابل المولوتوف خلال الاحتجاجات التي شهدتها مدينة طرابلس”، وقالت انّ “التحقيق بوشر مع الموقوفين بإشراف القضاء المختص”.

محاولة استدراج

الى ذلك، نُقل عن مصادر وصفت بأنّها متابعة للوضع في طرابلس قولها: “انّ الجيش خشي خلال احداث طرابلس امس الاول، من عملية استدراج في المدينة، يليها إشعال مناطق أخرى في لبنان، كما أنّ الصدام مع المتظاهرين ومع من مارسوا أعمال الشغب، كان سيؤدي إلى سقوط ضحايا والذهاب إلى وضع مختلف”.

عون

الى ذلك، وفيما امضت طرابلس امس، يوماً مشوباً بالحذر، وسط استنكار شعبي لما حصل، مع دعوات الى تحصين المدينة، ومنع العبث بأمنها، اكّد رئيس الجمهورية “ضرورة معاقبة من قام بأعمال الشغب في طرابلس”، مشيراً الى “انّهم معروفون، ومعروفة هوياتهم السياسية” وقال انّ التعليمات أُعطيت الى القوى الامنية للمحافظة على الامن في عاصمة الشمال ومنع الاعتداءات”.

بري

وحذّر رئيس مجلس النواب الأستاذ نبيه بري من خطورة ما حصل ويحصل في طرابلس وقال: “انّ المطلوب اليوم قبل الغد ممن بيدهم الحل والربط خصوصاً من المعنيين في حكومة تصريف الأعمال، من موقع مسؤولياتهم عن ادارة شؤون البلاد والعباد، وايضاً من المعنيين بتشكيل حكومة “انقاذ ومهمّة” ومن معرقلي تشكيلها في أي موقع كانوا، المبادرة والتحرك سريعاً لإطفاء الحرائق السياسية والامنية والمعيشية والانمائية والصحية وتصفية الحسابات وصراع الأجندات الخارجية التي بدأت ألسنة نيرانها تندلع على نحو مشبوه ومريب من صورة المشهد الدامي الذي عكسته وتعكسه الاحداث في عاصمة لبنان الثانية طرابلس”.

ودعا بري الى “ان يقلع الجميع عن إستخدام وجع الناس، وجوعهم، وألمهم وقلقهم وخوفهم على المصير، في أي إستثمار سياسي رخيص، لتحصيل مواقع وزارية او إدارية، على حساب مصير الوطن الذي للأسف تحاول بعض العقول الشيطانية واصحاب المصالح المشبوهة في الداخل والخارج ان ترسم يائسة معالم مستقبله من بوابة الشمال الذي كان ابناؤه وسيبقون طليعة المدافعين عن وحدته وعن عروبته وسلمه الاهلي وعن صيغة التعايش الفريد فيه”.

واذ اكّد بري “رفض الإمعان في حرمان الشمال وعكار والهرمل وأحياء طرابلس في التبانة والمنكوبين وجبل محسن وابي سمراء وباب الرمل والبحصاص والزاهرية والسويقه وكل احياء المدينة الأبية”، قال: “آن الاوان كي يتحمّل الجميع مسؤولية انقاذ الشمال لإنقاذ الوطن، فهل نفعل ؟ ام نبقى متفرجين على الحرائق تندلع من جهة الشمال حيث قلب الوطن “طرابلس” … فإذا ما أحترق القلب لن يبقى لبنان”.

رؤساء الحكومات

اكّد رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب “أنّ التحدّي الآن هو في إسقاط أهداف هؤلاء المجرمين، بالقبض عليهم، وإحالتهم إلى القضاء لمحاسبتهم”.

بدورهم، رأى رؤساء الحكومات السابقون سعد الحريري، نجيب ميقاتي، تمام سلام وفؤاد السنيورة، في بيان صدر بعد اجتماع عقدوه امس، عبر تقنية الفيديو، انّ ” الحاقدين والمأجورين تربصوا بالتحرّكات الشبابية والشعبية العفوية التي شهدتها شوارع المدينة، لإشعال الفتنة والإيقاع بين أهل المدينة الصابرة، وكذلك بينهم وبين مؤسسات الدولة وأجهزتها، التي تقاعست ولم تبادر إلى التصدّي لأولئك المخرّبين المندسين في صفوف المتظاهرين من أبناء المدينة”. واشار البيان الى أنّ “الأيادي الخبيثة التي عملت على تأجيج وغض النظر عن أعمال الشغب والاعتداءات المدبّرة، باتت معروفة للقاصي والداني وليست بخافية على أحد، خصوصاً عندما أقدم أولئك المخرّبون على الاعتداء وإشعال النيران في المؤسسات الرسمية والبلدية على مرأى من أعين وحدات الجيش. ويأتي فوق ذلك كله من أقدم على منع أجهزة الإطفاء وعطّل أعمال الاغاثة والإنقاذ بشكل مريب وإجرامي لتظلّ النيران مشتعلة في المبنى التاريخي لبلدية طرابلس. علماً أنّ أغلب من ارتكب تلك الأعمال المستنكرة معروف ومرصود من الأجهزة المخابراتية والأمنية المختصة، بالأسماء والهوية”. واذ اعتبروا “أنّ طرابلس لن تكون صندوق بريد لتبادل الرسائل التخريبية”، ادانوا “الاعتداء الذي تعرّضت له المؤسسات والأجهزة العسكرية في المدينة”، وطالبوا الأجهزة الرسمية والعسكرية بملاحقة جميع الذين قاموا بالاعتداء والقبض على جميع المجرمين وسوقهم إلى العدالة”. واكّد رؤساء الحكومات “تمّسكهم بأحكام الدستور” وطالبوا الرئيس عون بتسهيل تشكيل حكومة الإنقاذ من الاختصاصيين المستقلين الأكفاء غير الحزبيين”.

موقوفو الامارات

على صعيد أمني آخر، كشف المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم أنّ “قضية بعض اللبنانيين الموقوفين في دولة الإمارات العربية المتحدة، ستشهد انفراجاً خلال الساعات المقبلة”.

وقال ابراهيم لقناة “الحرة” انّه “على تواصل مع مسؤولين إماراتيين منذ حوالى سنتين لحلحلة هذه الملفات”، مشيراً الى انّ عدد الموقوفين وصل إلى 30 وأنّ “نصفهم سيعود خلال ساعات”.

Leave A Reply