مواد غذائية إسرائيلية باسم أرزة لبنان: قرصنة وعدوان

عزة الحاج حسن – المدن

ليست المرة الأولى التي يواجه فيها لبنان منافسة غير شفافة لبضائعه خارج لبنان كما داخله، لكن المنافسة التي تتعرّض لها البضائع اللبنانية اليوم في الخارج من نوع آخر، قوامها خداع المستهلك وممارسة الاحتيال عليه. والأخطر من ذلك أن منتجات إسرائيلية هي من تمارس عملية الغش والاحتيال التي تستهدف المستهلك العربي والأجنبي على حساب المنتج اللبناني.

تلجأ شركات، كما رجال أعمال، في إسرائيل وتركيا، إلى إنتاج مواد غذائية من بينها الطحينة تحمل علامات تجارية تعتمد فيها شعارات لبنانية كالأرزة أو إسم بيروت، ما يوحي بأن المنتجات ذات منشأ لبناني، يتم تسوّقها في دول أميركا وأوروبا. ووفق أحد الصناعيين، فإنها تلقى إقبالاً لافتاً من الجاليات العربية كونها بنظرهم منتجاً لبنانياً.

هذه الممارسات لا يمكن وضعها في خانة المنافسة على الإطلاق. بل في خانة الخداع المتعمّد، ما يحتّم على الدولة اللبناينة التحرّك قانونياً لحماية منتجاتها الغذائية، التي تتعرّض للضرر من قبل المنتجات التركية والإسرائيلية، وإن بشكل غير مباشر. فالمنتج الإسرائيلي على سبيل المثال الذي يحمل شعاراً لبنانياً ينتزع تدريجياً حصة المنتجات اللبنانية من الأسواق الأجنبية. فهل تتحرك السلطات في لبنان؟

                                                                    صناعة تركية

الغش يعود لسنوات

التطاول الإسرائيلي والتركي على المنتجات اللبنانية وشعاراتها ليس جديداً. وقد علمت “المدن” من مصدر في القطاع الصناعي أن تلك المنتجات الإسرائيلية والتركية كانت تُباع في غالبية الدول الأوروبية منذ فترة طويلة، وتم إخبار الجهات الرسمية في لبنان أكثر من مرة: “لكن لا حياة لمن تنادي”.

أما اليوم وبعد خروج الملف إلى العلن وثبوت عملية الخداع بالصور لدى وزارة الصناعة، أعلنت الأخيرة أن هذا التعدي المستجد – القديم يعتبر احتيالاً وقرصنة، ويشكل جريمة موصوفة بحق سيادة لبنان واقتصاده وصناعته، مؤكدة انها ستعمل مع وزارة الخارجية والمغتربين على الإيعاز إلى البعثات الديبلوماسية اللبنانية في الخارج، لمتابعة هذا الموضوع، وصولاً إلى مقاضاة الجهات الفاعلة.

                                                               صُنع في إسرائيل

تحرك ديبلوماسي

وبعد البلبلة التي أحدثها موضوع المنتجات التركية والإسرائيلية قامت السفارة التركية، وفق المعلومات، بالتواصل مع الجهات المعنية بالدولة اللبنانية معربة لها استعدادها لمتابعة القضية، واستمرار العمل في الملف، بهدف تصويب الأمر وإجلاء أي خلل يطال المنتج اللبناني من قبل أي شركة أو رجل أعمال تركي.

أما بالنسبة لملاحقة المنتجات الإسرائيلية التي تحمل شعار الأرزة، فقد باشرت وزارة الصناعة اللبنانية لسلوك مسار المعالجة بالأطر القانونية، وفق ما يؤكد مدير عام وزارة الصناعة داني جدعون في حديث إلى “المدن”. فقد تم التواصل مع وزارة الخارجية والمغتربين ومع وزارة الاقتصاد ورئاسة الحكومة ورئاسة الجمهورية للمتابعة الأمر، بالتوازي مع التواصل والتنسيق مع الملحقين الاقتصاديين خارج لبنان، لاسيما في الدول التي تتواجد فيها تلك المنتجات “المخادعة”، لتحضير ملف متكامل والتحرك على أساسه.

ووفق جدعون، فالجميع له حق المنافسة لكن ليس من حق أي كان استخدام شعارات لبنانية واسم بيروت أو لبنان أو أي ملصق يوحي بأن البضاعة ذات منشأ لبناني: “فذلك أمر غير مشروع ولا يمكن وصفه سوى بالغش والخداع”. ولا بد من ملاحقة الأمر على الرغم من أن تلك الدول أو شركاتها لا تزوّر منتجاً لبنانياً بمعنى التزوير، إنما اعتمدت الغش والخداع للإيحاء للمستهلك الأجنبي والعربي بأنها منتجات لبنانية، يقول جدعون.

وإذ يؤكد مصدر صناعي بأن المنتجات الإسرائيلية والتركية التي تحمل علامات تجارية لبنانية كالأرزة واسم بيروت تلقى رواجاً واسعاً في أكثر من بلد، خصوصاً في أميركا من قبل الجالية العربية، على اعتبار أنها لبنانية الصنع، طالما أن بعضها يحمل أسماء باللغة العربية كـ”طحينة بيروت”، يعرب عن مخاوف من أن تساهم عمليات الغش تلك بتقليص الحصة السوقية للمنتج الغذائي اللبناني، خصوصاً ان الأخير يتعرّض لمنافسة شرسة من قبل المنتجات زهيدة الثمن في الأسواق الأجنبية، التركية منها تحديداً.

ومن بين الصور التي تم نشرها على أنها منتجات إسرائيلية الصنع تحمل شعارات لبنانية منتج يُسوّق في الولايات المتحدة الأميركية ويعود لشركة Cedars food. وقد تبيّن أن الشركة مملوكة من رجال أعمال لبنانيين في الولايات المتحدة، ما اقتضى توضيحاً من وزارة الصناعة ينفي علاقة الشركة المذكورة بعمليات الغش تلك.

Leave A Reply