الدكتور العاملي ينعى العلامة الأعلمي

   إنا لله وإنا إليه راجعون

   .. والعلماء باقون ما بقي الدهر ..

   بكثير من البكاء والأنين ننعى فقيد المكتبة الشيعية والحوزات العلمية العلامة المحقق المدقق الشيخ حسين الأعلمي نجل مؤلف موسوعة : ” دائرة المعارف الشيعية ” العلامة الحجة الشيخ محمد حسين الأعلمي رحمهما الله بواسع رحمته ووفاهما حسابهما وفيض عطائه بالنبي وعترته المطهرة ..

   والفقيد شرع بالدراسة الحوزوية في النجف الأشرف في كنف والده وأكمل مراحل دراسته لينتقل من العراق إلى سورية ومنها ليستقر في لبنان ويؤسس قبل أكثر من ستين سنة أحد أقوى دور النشر الشيعية على الإطلاق وأكثرها تدقيقاً وأقلها خطأ في الطباعة ، ألا وهو دار : ” مؤسسة الأعلمي للمطبوعات “.. وهو الدار الذي تصدى لطبع أهم كتب التراث العلمي والتحقيقي الشيعي وفي شتى العلوم وصنوف المعرفة .. وتصدى لأول مرة لطباعة تفسير : ” الميزان في تفسير القرآن ” على نطاق واسع في المنطقة العربية بمعونة وإشراف مباشر من الإمام المغيب السيد موسى الصدر فرج الله عنه .. واستقطب مئات العناوين من الكتب من العالمين العربي والإسلامي لتطبع في بيروت ، فساهم بذلك في دفع عجلة الاقتصاد ، وجعل بيروت عاصمة للكتاب عموماً وللكتاب الشيعي على نحو الخصوص لأناقة مطبوعاته وجماليتها وخلوها من الأخطاء ، وقد تنوعت مطبوعاته بين الأدبي والعلمي وفي شتى العلوم والمعارف الإنسانية مما يهم الحوزوي والجامعي على حد سواء ..

    ولم تقتصر مؤسسة الأعلمي على طباعة كتب الشيعة فحسب ، بل طبعت كتب سائر المذاهب والأديان والحضارات والفرق كافة مساهمة في تزويد مكتبات العالم بشتى المعارف كأرقى ما تكون العناوين المطبوعة من مصادر مهمة وموسوعات ضخمة التي كان الفقيد يقوم بنفسه بتصحيحها وتحقيقها ومقابلة نسخها على الأصل يعاونة كادر علمي من علماء ومتخصصين وفنيين مما زاد في اعتبار مطبوعات الأعلمي لتنافس دور النشر العربية والإسلامية والعالمية واللبنانية الأخرى .. فلله دره وعلى الله أجره ..

   عرفته منذ اشتريت منه أول نسخة من تفسير ” الميزان ” قبل أربعين سنة ، ثم سائر كتب مكتبتي الأخرى التي كنت أحتاجها للدراسة الحوزوية وللتحقيق والكتابة والخطابة الحسينية ، وهو الذي شجعني على كتابة تفسيري : ” المستبين من تفسير القرآن المبين ” الذي حثني فيه على مناقشة ما لم يسع العلامة الطباطبائي مناقشته من الأقوال والآراء ، والتوسع أكثر في تفسير القيود التي وردت في آيات القرآن ، والانتفاع أكثر من الأحاديث في فهم الآيات .. وهكذا كان .. فكانت هذه منهجيتي في كتابة التفسير ، وهذا واضح في التفاسير التي ألقيها في محاضراتي في المجالس الحسينية ..

   وكنت أراه في مجالسي الحسينية ، وأول حضوره لمجالسي كان في دارة العلامة الشيخ مرتضى عياد شفاه الله .. وكنت أشهده مراراً في حسينية الشيخ مرتضى ومسجده ، كما لازم الفقيد مجالسي كلها في الوسط العراقي في بيروت ..

    وكان غزير الدمعة على سيد الشهداء عليه السلام ، يحرق القلوب ببكائه على الحسين عليه السلام ، فيجعلك تشعر ببكائه وحزنه على الحسين عليه السلام وأنت تسمعه وتنظر إليه وكأن الحسين عليه السلام قد قتل في ساعتها .. حشره مع سيد الشهداء .. وإلى روحه ثواب الفاتحة ..

التاسع من شعبان المعظم 1446

الكاظمية المقدسة

د . الشيخ إبراهيم العاملي

سليل الشهيد الثاني صاحب الروضة البهية

Leave A Reply