نساء الجنوب إيقونات الوطن

بهجة عيد الأم لم تصل إلى نساء قرى الجنوب هذا العام، لأن حياتهن تحولت إلى مسلسل لا يتوقف من الإعتداءات الإسرائيلية، والتهجير تحت وطأة القصف الوحشي للمنازل الآمنة، وتدمير الأبنية فوق رؤوس ساكنيها.

المرأة الجنوبية، الأم والزوجة والأخت والأبنة الصالحة، تحملت العبء الأكبر من تداعيات العدوان الصهيوني المستمر يومياً منذ خمسة أشهر ونيّف، تهجيراً وتقتيلاً وخراباً، في ظل تجاهل شبه كامل من الدولة لواجباتها في هذه الظروف العصيبة، وفي ظل إهمال مُعيب من بقية المناطق اللبنانية، وكأن المنطقة التي فقدت الكثير من مقومات الحياة فيها، ليست جزءاً من هذا الوطن الجريح.

إحصاءات المنظمات المعنية التابعة للأمم المتحدة، توكد أن ثمة مئة ألف نازح من القرى الحدودية في الجنوب اللبناني، هرباً من القصف الإسرائيلي المتعمد للأحياء السكنية. وأن ٥٢ بالمئة من أفراد العائلات النازحة هنّ من النساء، اللواتي يتدبّرن أمور أولادهن وعائلاتهن، في ظروف بالغة الصعوبة، حيث لا أماكن مجهزة للإيواء، والمدارس التى يبيتوا فيها لا تتوفر فيها أبسط الحاجيات الضرورية، مثل المطابخ والحمامات، ولا أبسط أدوات التدفئة في موسم البرد القارس.

لن ندخل بمقارنة المساعدات التي تقدمها الدولة الصهيونية للمستوطنين الذين تركوا بيوتهم في المستوطنات المجاورة للحدود اللبنانية، ولكن ثمة متطلبات أساسية لا بد للدولة أن توفرها، لمواطنين ذنبهم الوحيد، أن قراهم تقع على الحدود مع عدو مغتصب، يعتمد سياسة الأرض المحروقة حالياً في الشريط الحدودي، لفرض منطقة معدومة الحياة، تشكل خطاً أمنياً فاصلاً على طرف الحدود الدولية مع لبنان.

حتى الجمعيات الأهلية [ NGO] التي تدعي مواكبة مثل هذه الحالات الطارئة ، معظمها متوارٍ عن مراكز النزوح، ولولا المساعدات المالية والعينية التي تأتي من الأولاد العاملين في الخارج، ومساهمات رجال أعمال بارزين في البلدان الأفريقية، في مد يد الدعم والمساندة لأبناء قراهم والأقربين، لكانت أوضاع أكثر من عشرة آلاف عائلة جنوبية، في حالة لا يُحسدون عليها.

يا نساء الجنوب، أنتنّ إيقونات الوطن، صمودكنّ هو درع الدفاع الأول عن تراب الوطن. وفرحتكن بالعودة إلى بيوتكن، هي عيد كل الوطن.

د. فاديا كيروز- اللواء

Leave A Reply