تعويل على تمدّد “هدنة غزة” جنوباً… و”الحزب” مستعد لكل الخيارات

تتجه انظار الفلسطينيين والاسرائيليين ولبنان والعالم الى ما ستخلص اليه اللقاءات الامنية في الدوحة وما اذا كانت ستؤدي الى تحقيق الهدنة المنتظرة في قطاع غزة ومنع بنيامين نتنياهو من تنفيذ هجومه على رفح وحصار مئات الآلاف من أبناء غزة في هذه البقعة الصغيرة. وتتفاوض تل ابيب و”حماس” بطريقة غير مباشرة في اشارة الى الاعتراف بحضور الثانية في المشهد الفلسطيني. وما لم يفعله الجيش الاسرائيلي بالجملة في آخر تجمعات للنازحين في غزة ودفعهم الى رفح على تخوم سيناء المصرية ينفّذه بالمفرّق من اعمال قتل يومية لم تسلم منها المؤسسات الصحية حيث تطبق اسرائيل هذه القاعدة منذ “7 أكتوبر” الى اليوم. في غضون ذلك، لا تغيب عن اللبنانيين الاسئلة القلقة ومنها: اذا تحققت هدنة غزة هل ستشمل لبنان؟ وكيف سيتعاطى معها “حزب الله”؟

لا شيء يؤكد هذا الامر حتى الآن في ظل ارتفاع وتيرة التهديدات الاسرائيلية على ألسنة مجموعة من الصقور السياسيين والعسكريين. ويأتي رد “حزب الله” انه مستعد لكل الاحتمالات والخيارات وهو يرحب بالطبع بحصول هدنة في غزة للتخفيف من وطأة الضربات اليومية ضد سكانها. ويتوقع متابعون لبنانيون ان ينسحب سريان هدنة غزة على الجنوب بنسبة كبيرة على غرار ما رافق الهدنة الاولى التي انتهت بين “حماس” واسرائيل الى تبادل اسرى من الطرفين، مع الاشارة الى كل الاجتماعات التي حصلت سابقا في الدوحة وباريس والقاهرة لم تؤدّ المطلوب منها، وان اي هدنة فلسطينية ستسلك طريقها تلقائيا الى جنوب لبنان إلا اذا قررت اسرائيل الاستمرار في المواجهات جراء الضغوط الملقاة على عاتق حكومتها وعدم قدرتها الى اليوم على طمأنة المستوطنين النازحين على الحدود في الشمال بالعودة الى منازلهم لا بل ان هواجسهم ترتفع اكثر.

واذا ما حصلت هدنة غزة يجري التعويل في لبنان على المواكبة الاستباقية التي تمارسها واشنطن هنا من خلال التطلع الى ما يمكن ان يحققه الموفد الاميركي آموس هوكشتاين بتمدد هدنة غزة نحو الجنوب، علما انه في زيارته الاخيرة الى بيروت لم يؤكد هذا الربط بين الجبهتين. ويعتقد “حزب الله” في مكان ما ان الادارة الاميركية غير صادقة في مساعيها لإرساء الهدنة ما دامت تمد اسرائيل بالاعتدة والصواريخ والقنابل، وان كل ما يفعله الحزب الديموقراطي هو تحقيق مكاسب في معركته الرئاسية من آثار حرب غزة. وفي حال توقف آلة الحرب الاسرائيلية في غزة واستمرت في تصعيدها على طول الحدود في الجنوب، فان معدل المواجهات المتبادلة سيبقى على هذا الستاتيكو من دون ان تؤدي الى منحى آخر على شكل حرب كبيرة بين الجهتين وفق كل المعايير. وستؤدي هدنة غزة بالطبع الى وقف تهديد الحوثيين في اليمن لحركة الملاحة في البحر الاحمر.

ولذلك يترقب “الحزب” خلاصات الاتصالات الاخيرة في الدوحة، ولا سيما بعدما تلقت “حماس” جرعة دعم كبيرة من خلال ما سمعه القيادي في الحركة خليل الحيّة من السيد حسن نصرالله عن التفاوض باسم المحور من دون وضع اي شروط من “الحزب” على “حماس” على اساس انها الادرى بشعاب ما يدور على ارض غزة، وان الهدنة في القطاع وامكان شمولها البلدات الحدودية في الجنوب يبقى رهن امتحان النيات الاسرائيلية التي يعرف اصحابها سلفا ان “الحزب” لن يقبل او لن يكون متفرجاً على عودة اي مستوطن الى منزله في كريات شمونة وغيرها قبل رجوع النازحين اللبنانيين الى بليدا وعيتا الشعب… ومن هنا يستمر “حزب الله” على هذا النحو من معيار المواجهة واسناده لغزة، واذا ما اقدم الاسرائيلي على رفع وتيرة ضرباته في اتجاه اهداف كبيرة في لبنان فان المقاومة “سترد فورا”.

وثمة اكثر من رسالة يطلقها قادة اسرائيل وإنْ كانت لا تخلو من التهديد والوعيد، إلا انهم بعثوا بواحدة منها الى “الحزب” بواسطة “اليونيفيل” تقول ان لا مانع من انسحاب الهدنة في غزة على الجنوب. وفي هذه الحالة سيُقدم “الحزب” على البحث في كل الطروحات بواسطة الحكومة والرئيس نبيه بري والحديث في القرار 1701 وما حمله هوكشتاين الذي لا يمكنه تسويق بنود مبادرته على وقْع فوهات النار وتحليق المسيّرات.

ولذلك تبقى كل العيون موجهة الى مسار المفاوضات الدائرة لولادة الهدنة التي ينتظرها الطرفان الفلسطيني والاسرائيلي مع رفع الشروط المتبادلة بينهما لقول كل جهة امام قواعدها انها لم تقدم تنازلات كبيرة، ولا سيما ان ضغوطا عدة تمارس على حكومة تل أبيب التي لم تحقق على مدار اكثر من خمسة اشهر من الحرب ما وضعته من اهداف بعد ساعات على نكسة “طوفان الاقصى” التي هددت عمق الكيان الاسرائيلي.

رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply