لا زيارة قريبة للودريان ويلتقي وبرّي على موجتي الحوار ووقف النار في غزة

خرق اتصال الموفد الفرنسي جان-إيف لودريان بالرئيس نبيه بري الجدار السياسي المعلق في الأشهر الأخيرة على وقع حرب إسرائيل في غزة والمواجهات العسكرية في الجنوب مع استمرار الأخيرة في تصدر المشهد الساخن والضاغط على أكثر من استحقاق وملفّ بدءاً من انتخابات رئاسة الجمهورية المعطلة الى جملة من القضايا الشائكة التي تخص الحياة اليومية للمواطنين. وتناول الرجلان جملة من المواضيع في اتصالهما وكان سؤال الثاني عن المبادرة التي تقوم بها كتلة “الاعتدال الوطني” وما يمكن أن تحققه في جولاتها واتصالاتها مع الكتل وأعضاء “المجموعة الخماسية” وما إن كانت حصيلة عملها تساعد في توجه النواب الى جلسات انتخاب بعد كل هذا التأخير في الشغورالرئاسي. وسمع من رئيس المجلس أن حراك “الاعتدال” يلقى كل الدعم والمساندة منه منذ اليوم الأول لتحرك أعضاء الكتلة القادرة على التواصل مع مختلف الكتل وأنهم يبذلون جهوداً مشجعة. كذلك تناول الرجلان الاتصالات القائمة بين أعضاء “الخماسية” التي عبّرت عن ترحيبها بالمهمة التي تقوم بها “الاعتدال”.

وتلتقي باريس هنا مع السعودية التي تؤيد بدورها حركة نواب “الاعتدال” الذين نجحوا في تحريك عجلة الملف الرئاسي ولو من دون التعويل أنهم سيصلون الى تحقيق الأهداف التي وضعوها بعدما خرجوا بانطباعات إيجابية من عين التينة مع التوقف عند مسألتي الدعوة ورئاسة الجلسة التي تتوقف عندها كتل المعارضة. ووسط الأجواء المشحونة بين الأفرقاء ستتابع “الاعتدال” لقاءاتها مع الكتل النيابية في جولة ثانية حيث تتنقل بين حقول أشواك نتيجة الشروط والشروط المضادة فضلاً عن الضمانات التي تُطلب من هنا أو من هناك.

وفي تزامن مع الدورالذي تؤدّيه “الاعتدال” فقد طلبت مواعيد من سفراء المجموعة “الخماسية” للإفادة من الزخم الذي تلقته من بيان الخماسية بعد اجتماع السفراء الخمسة في السفارة القطرية. وتشير معطيات الى أن لودريان من خلال قنواته الديبلوماسية مع “الخماسية” وغيرها زائد تقارير سفارة بلاده في بيروت، لمس أن الأجواء لا تشجع على حضوره الى بيروت اليوم لكنه لن يتأخر في تلبيتها في انتظار ما ستنتهي إليه “الاعتدال” فضلاً عن “الخماسية” مع تأكيده ضرورة تلاقي الكتل النيابية ودخولها في حوارات ومشاورات في ما بينها بغية التوصّل الى أرضية مشتركة تعبّد الطريق الى انتخاب رئيس الجمهورية.

وأخذ الاتصال بينه وبين بري مساحة لا بأس بها من معاينة ما يحصل في الجنوب. ووضعه بري في ما توصل إليه مع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين مع تمسك لبنان بالقرار 1701 وعدم التفريط فيه، وأن ما حمله هوكشتاين يتقاطع في أماكن عدة مع الورقة الفرنسية التي أعدها وزير الخارجية مع تشديد بري على مسلّمة أن كل هذه النقاط والمسائل المطروحة على الحدود بين لبنان وإسرائيل لن تأخذ طريقها الى التنفيذ قبل تطبيق حقيقي لوقف إطلاق النار في غزة ووقف المجازر الإسرائيلية ضد أبناء غزة، وأن كل هذه المساعي الديبلوماسية من أي جهة كانت لن يُكتب لها النجاج إذا استمر بنيامين نتنياهو وفريقه الحكومي في التضييق على الغزاويين ومحاصرتهم في رفح، هذا إذا لم يقدم على إجبار أعداد منهم وترحيلهم الى سيناء المصرية.

وبالعودة الى الملف الرئاسي الذي يبقى في أجندة لودريان اللبنانية بتكليف من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فلا يبدو أن بلاده ستتراجع عن وقوفها مع لبنان في أكثر من ملف فكيف إن كان الموضوع على مستوى انتخابات الرئاسة رغم حجم تعقيداتها وانقساماتها بين الكتل النيابية غير القادرة حتى الآن على التوجّه الى البرلمان وتأمين النصاب المطلوب لانتخاب رئيس الجمهورية. ولكل هذه الأسباب لن تتراجع باريس عن استمرارها في إسناد لبنان ليس من زاوية عضويتها في “الخماسية” فحسب مع استفادة لودريان من موقعه في رئاسة الوكالة الفرنسية لتطوير العلا السعودية. ويتوقف مراقبون لبنانيون على تماس مع السياسات الفرنسية حيال لبنان بأن المسؤولين في باريس وفي أي موقع كانوا يعتبرون لبنان جزءاً أساسياً في علاقاتهم مع المنطقة. ولذلك لن يتركوا لبنان وهذا ما يفعله ماكرون من خلال تعليماته للودريان الذي لا يبدو أنه سيحضر قريباً الى بيروت في ظل ضجيج الصواريخ وحمم النيران. ويعترف الفرنسيون بأن من غير السهل فصل مشهد الحرب في غزة عما يدور في جنوب لبنان الساخن بفعل الاستهداف الاسرائيلي ورد “حزب الله”. ومن غير المستغرب وقوع الفرنسيين في “نقزة” حيال معاينتهم لكل ما يحصل في لبنان خشية وقوعه في حرب شاملة لأن مسار تطوّر الأحداث في غزة لا يدعو الى الاطمئنان مع ملاحظة أن نتنياهو يبدو في مكان ما وكأنه يمارس تمرّداً على إدارة الرئيس جو بايدن من غير التأكد مما إن كان هذا الأمر حقيقة أم تقاسماً للأدوار بين الطرفين حيث يجتمعان على ضرورة التخلص من حركة “حماس” والقضاء على كل مقوّماتها في الشارع الفلسطيني المتفجر الذي لا تنحصر شظاياه وحممه النارية على مساحة قطاع غزة فحسب.

 رضوان عقيل – النهار

Leave A Reply