هل بدأ جعجع يمهّد لإسقاط مبادرة تكتل الاعتدال الوطني؟!

يتعامل تكتل “الاعتدال الوطني” مع مبادرته الرئاسية مثل “العين الرمدانة” حيث يسعى للحفاظ عليها، وحمايتها من الرياح التي تهب عليها من هنا وهناك، وتغليفها بكثير من الايجابيات لتستمر ويستمر معها الأمل بإمكانية الوصول الى إتمام إستحقاق رئاسة الجمهورية، خصوصا أنه لم يعد في السوق السياسي اللبناني سواها.

يبدو واضحا، أن إيجابيات تكتل “الاعتدال الوطني” لم تفلح في كسر الاصطفافات أو في تراجع أي كتلة نيابية عن موقفها قيد أنملة، بل هو بات يدرك أنه يخوض مهمة مستحيلة في ظل الانقسام العمودي والاتهامات المتبادلة حول التعطيل وإبقاء الفراغ على حاله في قصر بعبدا.

وقد جاء تصريح كل من النائب طوني فرنجية والنائب سامي الجميل ليعرض هذا الواقع على حقيقته، حيث أكد الأول بعد اللقاء مع أعضاء التكتل أن “رئيس تيار المرده سليمان فرنجيه مستمر في ترشيحه وهو لن ينسحب من المعركة الرئاسية ولن يستطيع أحد إحراجنا في هذا الأمر”، في حين شدد الثاني على أن “المعارضة لن تذهب الى أي حوار ما لم ينسحب سليمان فرنجية من المعركة الرئاسية، وما لم يتخل عنه الفريق الداعم له”.

وإذا كان موقف النائب فرنجية يعبر عن الحق الديمقراطي والدستوري لوالده في أن يترشح ويتمسك بترشيحه، فإن ما قاله الجميل يتعارض كليا مع هذه المبادئ ومع منطق الحرية وتكافؤ الفرص حيث لا يحق لأي كان أن يمنع أي مرشح من ممارسة حقه في الترشح للرئاسة، ما يشير الى أن تعطيل الاستحقاق لدى فريق من اللبنانيين ناتج عن سابق تصور وتصميم.

كذلك، فقد شهدت اللقاءات التي عقدها التكتل مع بعض الكتل غرقا في التفاصيل، حيث بدا واضحا أن البعض يريد أن يستحضر الشياطين وأن يضع العصي في الدواليب وأن يوجه مجموعة من الرسائل السلبية بهدف إثارة حفيظة الرئيس نبيه بري الذي أكدت مصادره أنه “لا يمكن أن يتخلى عن حقه الدستوري كرئيس لمجلس النواب”، ما إضطر بحسب المعلومات النائب سجيع عطية الى زيارته في عين التينة يوم الخميس الفائت بعيدا عن الاعلام لتوضيح مضامين اللقاءات وللتأكيد على أن الاعتدال ما يزال يتمسك بالمبادرة التي طرحها أمامه وحصل على مباركته إنطلاقا من حرصه على إنتخاب رئيس للجمهورية.

وفي الوقت الذي يحاول فيه تكتل الاعتدال تدوير الزوايا وتقريب وجهات النظر ويستعد للقيام بجولة ثانية على الكتل النيابية بهدف إنضاج المبادرة تمهيدا لترجمتها، جاء القصف الكلامي من معراب باتجاه عين التينة وحارة حريك من خارج النص، خصوصا أن كل الكتل حرصت على أن تلوذ بالصمت أو أن تتحدث عن المبادرة بإيجابية كاملة، باستثناء حزب القوات اللبنانية ورئيسه سمير جعجع الذي يحاول إثارة غبار كثيف حول المبادرة بهجوم على الرئيس بري وإتهامه باستمرار التعطيل وذلك بناء على تصريحات أدلى بها، وهي لم تختلف عن سابقاتها ولم تحمل جديدا بل أكدت المؤكد الذي سبق وأعلنه بري منذ بداية الجلسات الانتخابية، واللافت أيضا أن جعجع تولى الرد عن كتلة الوفاء للمقاومة وقوّلها ما لم تقله، ثم رد عليها بعنف محاولا تحميلها مسؤولية الفراغ.

لا شك في أن الهجوم المركّز وغير المبرر على الثنائي الشيعي في هذا التوقيت بالذات، طرح سلسلة تساؤلات، أبرزها: هل بدأ جعجع يمهّد لإسقاط مبادرة تكتل الاعتدال الوطني؟، وهل من مخاوف تساوره من أن تتزامن المبادرة مع إنفراجات تحدث عنها آموس هوكشتاين في جولته الأخيرة ما يجعلها قابلة للترجمة في مجلس النواب؟، أم أنه شعر بمخاطر التفاهم السني ـ الشيعي على ضرورة إتمام الاستحقاق؟، أم أنه حان وقت تنفيذ الأجندة التي تحدث عنها البعض وتقضي بإثارة التوترات الداخلية للضغط على المقاومة على وقع الاتصالات والمفاوضات الجارية؟!..

غسان ريفي – سفير الشمال

Leave A Reply