محاولات تغييب الشيعة في انتخابات مجالس المحافظات العراقية 

جاسم الكعبي

بدأت بعزل الحكومة الاتحادية لرئيس مجلس النواب العراقي محمد الحلبوسي أزمات عدة تتصاعد وتيرتها مع دنو موعد الانتخابات لعضوية مجالس المحافظات العراقية .. في ظل أصوات فاعلة ووازنة تنادي بضرورة مقاطعة هذه الانتخابات للحيلولة دون وصول الفاسدين إلى عضوية مجالس المحافظات .. ويأتي التيار الصدري في قائمة أول المعارضين للانتخابات والمشجعين على عدم المشاركة فيها .. بل هو العامود الفقري لهذه المعارضة .. في ظل اتهامه بالسعي لتسلم حصة الشيعة كاملة في الحكم والسلطة العراقية عبر اتفاق وراء الكواليس ترعاه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة ودول أخرى ترتبط بمشروع أمريكي يهدف لسحب البساط من تحت أقدام السلطة الشيعية في العراق ليأتي ممثلون عن الشيعة مرتهنون لإرادة السنة وبقايا البعث والقوى اليسارية التي كانت حاكمة قبل سقوط النظام السابق عقب الاحتلال الأمريكي للعراق ..

ويرى مراقبون أن القائد السيد مقتضى الصدر قائد التيار الصدري قد يقع في خديعة من هذا النوع فيساهم بعزل ممثلي الشيعة الحاليين لقاء وعود له بتسليمه السلطة كاملة دون الوفاء له بذلك كما حصل مع جده أمير المؤمنين في خديعة معاوية وعمرو بن العاص وأبي موسى الأشعري .. فقد يتكرر التاريخ وتعيد التجربة انتاج نفسها بمسميات جديدة في العراق هذه المرة .. فهل سيبقى التيار الصدري مقاطعاً للانتخابات حتى اللحظة الأخيرة ، أم سينعطف السيد مقتدى الصدر في اللحظات الأخيرة كما عرفه العالم من ديناميكية تدارك المخاطر بسبب متابعاته الميدانية الحثيثية التي تفرض متغيرات تواكب التحولات التي قد تكون خفية على القيادة منذ البداية ؟

هذا ويلاحظ المراقبون لمجريات العملية الانتخابية الحالية لمجالس المحافظات في العراق أن الفئة الوحيدة التي تدعو للمقاطعة علنياً دون هوادة وفي وسائل الإعلام وعبر التظاهرات الشعبية هم التيار الصدري ويحصر التيار ونافذوه الدعوات للمقاطعة في الدائرة الشيعية .. ! في حين تدعو مكونات الطائفة السنية للمشاركة بقوة في هذه الانتخابات ، وتعتبرها الفرصة الذهبية لحصد التمثيل السني الأكبر لها منذ سقوط نظام صدام حسين عام 2003 .. ويتوقع الخبراء بالعملية الانتخابية أن تأتي شخصيات شيعية بأصوات غير شيعية في بعض الدوائر بسبب المقاطعة بحيث يكون قرار هذه الشخصيات مرتهناً لمن أوصلها إلى السلطة لتقوم بتنفيذ أجندة إقصاء الشيعة من السلطة في مرحلة لاحقاً عبر تغيير الدستور العراقي أو تعديل بعض بنوده بما تشتهي سفن المناوئين لبقاء السلطة بيد الحكومة الشيعية .. والمراقب على أرض الواقع يجد المعارضين للانتخابات يتحركون في الدائرة الشيعية ، ويسعون للتأثير على المرشحين الشيعة والناخبين الشيعة من خلال الإعلام والتحركات الشعبية وعبر التهديد في كثير من الأحيان .. مما ينذر بفقدان الشيعة في هذه الجولة الانتخابية لجزء كبير من تمثيلهم في النظام السياسي القادم وبالتالي عدم مشاركتها الفاعلة بنسبة كبيرة في قرارات الحكم والحكومة في المرحلة المقبلة .. لأن عضوية مجالس المحافظات هي التجربة التمهيدية التي من خلالها يتم في مرحلة لاحقة انتخابات أعضاء البرلمان العراقي الجديد الذي بدوره يحدد هوية الحكومة التي سوف تحكم العراق لسنوات أربع قادمة .. وعدم وجود تمثيل شيعي حقيقي في تركيبة الحكم الجديد يعني خللاً في التوازن السياسي والاجتماعي وحرمان مكون أساسي من حقه في التمثيل ..

وتنشط هذه الأيام في مجموعة من المحافظات العراقية وفي العاصمة بغداد مجموعات تعمد إلى تحطيم اللوحات الإعلانية للمرشحين ، كما تهدد الناخبين والمرشحين الشيعة بالقتل ، وينحصر التهديد في مناطق الشيعة دون غيرهم .. ويرى مراقبون أن هذه المجموعات قد تكون مخترقة من العدو الصهيوني ومن أجهزة استخبارية دولية تحاول التأثير على العملية الانتخابية في المعركة التي يعتبرها البعص الأشرس منذ سقوط نظام صدام حسين ..

فهل سيخسر الشيعة تمثيلهم الحقيقي في الحكم بمقاطعة انتخابات مجالس المحافظات هذه المرة ؟ وهل ستقول المرجعية الدينية العليا في النجف الأشرف كلمتها في اللحظات الأخيرة لتلافي السقوط في هذا المنزلق الذي يهدد أمن البلاد وينذر بمشكلات لا خلاق لها في المدى المنظور ؟

Leave A Reply