“حزب الله” من جبهة إشغال العدو إلى “الكلمة للميدان”

كتبت الإعلامية وفاء بيضون

ثمة إشارات ذات أبعاد إستراتيجية حملتها معطيات الجبهة الجنوبية مع الاحتلال الاسرائيلي. وثمة رسالة ارادتها “المقاومة” في تصعيد قوة النار كمًا ونوعا في استهداف مواقع الاحتلال ومنظومته الاستخبارية.

في الاولى ثبتت “المقاومة ” معادلة ردعها بوجه الاحتلال مع جرعة زائدة يراد منها أخذ العدو ، علما بأن الضغط والاشغال الذي أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، ثم طور مدلولاته بإستخدام عبارة “الكلمة للميدان” ، لم يعد يتوقف على المشاغلة العسكرية ضمن ما يسمى بقواعد الاشتباك إنما ينسحب على مدى التمادي الذي تمارسه الة الحرب الاسرائيلية بحق قرى الجنوب لا سيما الأمامية منها .

وأما في الثاني فتطوير “المقاومة” لقوة النار وإدخال صاروخ “بركان ” في مسرح المعركة، ومن ثم الدفاعات الصاروخية الجوية انما يدل على قرار بات حاسما لدى “حزب الله” بأن الرد سيتدحرج بما يتناسب وحجم اعتداءات الاحتلال تماشيا مع “كلمة الميدان” وما تفرضه ظروف المواجهة .

من هنا كان لافتا كلام قادة الاحتلال وضباط حربه عن كمية المقذوفات التي استهدفت جنوده في فلسطين المحتلة بالتحول الخطير والذي وجبت قراءته من اكثر من زاوية : ” الأولى هو وضوح رؤية “المقاومة” في شراكتها المباشرة في عملية “طوفان الاقصى” والضغط بأكثر من اتجاه للتاكيد بأن محور “المقاومة” ووحدة ساحاته لا زالت متراصة تنسيقًا ، ودعما ، ومؤازرة ، وبما تتطلبه المواجهة مع الاحتلال” .

والثانية : “أن “المقاومة” في لبنان لم تفصح بعد عن جرعات النار المختلفة وهي تحتفظ بعنصر المفاجأة حيثما واينما تر يد في الزمان والمكان ، وتثبيت التزامها بالرد في اي بقعة جغرافية تراها في الداخل الفلسطيني تجاوزا للمجمعات الاستيطانية على الحافة اللبنانية إلى ما بعد بعد وهذا ما يضع العدو أمام ارتباك واضح وضعضعة مكشوفة لجيشه واستخباراته التي بدورها أكدت أن “حزب الله” أعاد نظام الاستشعار والمراقبة والسلاح الإلكتروني الاسرائيلي إلى العصر الحجري من خلال تعطيل كامل فعاليته على طول الحدود مع فلسطين المحتلة” .

لقد باتت الخشية من التصعيد على الجبهة الجنوبية، رغم إعلان الأمين العام لـ حزب الله، السيد حسن نصر الله أن الجبهة للدعم وهي تقوم بمهامها على أكمل وجه لجهة إشغال إسرائيل وإجبارها على دفع المزيد من التعزيزات العسكرية من الجنود والآليات وسواهما يعود إلى تطورين بارزين في سياق المواجهة الدائرة بين الحزب وكيان الاحتلال خلال الأيام القليلة الماضية .

الأول، قصف إسرائيل لهدف مدني في بلدة تول في عمق منطقة النبطية لأول مرة منذ حرب تموز 2006، ادعت أنه هدف عسكري هو في الأساس معمل لأشغال الألومينيوم على طريق تول-الكفور مما أدّى إلى احتراقه بكامل معداته.

وهو الهدف المدني الثاني بعد استهداف بيك آب في منطقة الزهراني أي بعيدا عن حدود المواجهة المتعارف عليها أو ما يطلق عليها ضمن قواعد الاشتباك.

والثاني، إسقاط الحزب طائرة مسيّرة بصاروخ أرض جو نوعي، وهي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا السلاح في هذه المواجهات، ما أثار قلق الإسرائيليين من استخدام أسلحة متطورة تهدد سلاح المسيرات التي تشكل عماد الأنشطة العسكريّة الإسرائيليّة، بعدما حرص الحزب على شن سلسلة عمليات عسكرية ضد المواقع العسكرية بالتزامن من القطاع الغربي إلى الشرقي، ما أربك العدو وأوقع إصابات محققة في صفوفه إضافة إلى ادخال سلاح المسيرات الانقضاضية المذخرة وتنفيذه عمليات ناجحة وصادمة للعدو وخاصة في “المطلة” و”ثكنة زبدين” المعاديين واخرها فشل منظومة القبة الحديدية من اعتراض ثلاث مسيرات انقضاضية استهدفت غرب مستوطنة “كريات شمونة ” باعتراف اسرائيلي .

ترى الأوساط السياسية في هذه التطورات احتمال اشتداد حماوة المواجهة أكثر واتساع نطاقها دون أن تصل إلى الحرب وفتح الجبهة، بعدما تدحرجت منذ بدء عملية “طوفان الأقصى” من عمليات عسكرية للحزب ضد المواقع والأهداف العسكرية، ومنها استهداف الجنود الاسرائيليين وتجمعاتهم وكاميرات المراقبة على طول الحدود، مقابل قصف إسرائيلي على القرى ثم استهداف المدنيين والصحفيين وحرق الأشجار والبساتين عمدا.

وفيما يمضي الحزب في انتهاج معادلة “الكلمة للميدان” ، أي اصطياد الجنود الاسرائيليين وآلياته العسكرية حين تسمح الفرصة بذلك دون الرجوع إلى القيادة التي أعطت الإذن المفتوح بذلك، أوضحت مصادر عسكرية أن هذه المعادلة شغلت الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة الأميركيّة والاتحاد الأوروبي لفك شيفرتها وتوقيتها، حيث تلقى الحزب سيلا من الرسائل الدبلوماسيّة التي تحذره من الانزلاق إلى آتون حرب، فيما كان الرد واضحا أن على الدول المهتمة بالأمن والاستقرار في لبنان الضغط على إسرائيل لوقف قصفها المناطق الجنوبية وكذلك وقف العدوان على غزة.

في الخلاصة ان جبهة الاشغال وتطوير أدائها بالاهداف المستحدثة هي جبهة تجاوزت الرد المعروف الى الحرب المستترة وهذا ما يخشاه الاحتلال رغم كيله التهديدات والوعيد فان كلمة السر تبقى لدى “المقاومة” وميدانها رهنا بما سينتج عن معركة غزة ومقاومتها التي ما زالت حتى اللحظة تمسك بزمام المبادرة .

Leave A Reply