دعوة برّي تجاوزت محاولة لودريان

ثمة مؤشرات في الأفق الخارجي توحي بأن الطبخة الرئاسية وضعت على نار حامية، ولكن تحتاج إلى مواكبة داخلية ناشطة، لتتحوّل إلى خطوات عملية لإنهاء الشغور الرئاسي، ووضع لبنان على سكة الخروج من دوامة الأزمات المتفاعلة.

الحركة الديبلوماسية المكثفة التي شهدتها بيروت الأسبوع الماضي، ما زالت موجاتها تتفاعل على إيقاع الدعوة التي أطلقها الرئيس نبيه برّي، والديناميكية التي ولّدتها في المياه السياسية الراكدة، ومسارعة العديد من الكتل إلى تلقُّف الدعوة، والإعلان عن المشاركة في الحوار المنتظر، فيما بقيت أطراف حزبية وكتل نيابية في المعارضة على موقفها الرافض للحوار قبل إنتخاب الرئيس العتيد.

دعوة برّي حظيت بأكثرية نيابية، ولكنها لم تصل بعد إلى مستوى الثلثين من تعداد المجلس النيابي، مما دفع رئيس المجلس إلى التريث في تحديد موعد إنطلاق ورشة الحوار والإنتخاب، إفساحاً في المجال أمام أطراف في المعارضة لمراجعة مواقفها الرافضة، والإنضمام إلى مشروع التسوية الذي تضمنته المحاولة المطروحة على بساط الحوار.

دول اللقاء الخماسي تعتبر أن على الأطراف السياسية اللبنانية أن تتحمل مسؤولياتها في إنقاذ بلدها من حالة الشلل والإنهيار الراهنة، من خلال الإسراع في إنتخاب رئيس للجمهورية، سواء بالتوافق أو بالإنتخاب وفق النظام الديموقراطي المعمول به، في حال وجود أكثر من مرشح، كما هو الوضع حالياً، حيث مرشح للممانعة هو الوزير السابق سليمان فرنجية، وآخر للمعارضة هو وزير المالية الأسبق جهاد أزعور.

ولعل الزيارة المرتقبة للموفد الفرنسي جان إيف لودريان في ١١ أيلول الجاري، ستكون فرصة لفرز المواقف السياسية من آلية الإنتخابات الرئاسية، بشكل حاسم، قد يتوقف على معطياته تحديد المسؤوليات، وتسمية الأطراف التي تُعرقل إنهاء الشغور الرئاسي.

يمكن القول أن دعوة برّي تجاوزت بطروحاتها ما كان يسعى له لودريان، لأن الأول جمع بين الحوار والإنتخاب في جلسات مفتوحة ومتتالية، مهما كانت نتائج جلسات الحوار المحددة بسبعة أيام، في حين أن الديبلوماسي الفرنسي إكتفى بالدعوة للحوار ليومين فقط، دون أن يكون قادراً على التعهد بالذهاب إلى جلسات الإنتخاب، كما هو الحال عند رئيس مجلس النواب.

ثمة فرصة مهمة لإنقاذ البلاد والعباد من جهنم الأزمات المستعرة، وإلاّ سيتحمّل المعرقلون مسؤولية المنعطفات الخطرة التي ستنزلق إليها الأوضاع المالية والمعيشية المتردية أصلاً في البلد.

صلاح سلام – اللواء

Leave A Reply