تعاسة اللبنانيين في صدارة الشعوب: الكوارث قذفتهم خارج العالم

لا يحتاج اللبنانيون إلى مؤشر يصدر عن مركز أبحاث محلي أو دولي لمعرفة أنهم من أشد شعوب العالم تعاسة وحزناً وقلقاً. فهم عالمون بشؤون بلدهم وحياتهم اليومية والمعيشية والسياسية فيه، ووضعه ووضعهم الانحداري، في محطات متتالية: 2006 وحربها، 2008 وتعطيل الحياة السياسية والدستورية، ومسلسل التعطيل المستمر حتى اليوم. وفي الأثناء انهار البلد مالياً واقتصادياً وظهرت جائحة كورونا.

توكيد الؤكد

أما المؤشرات العالمية فأتت لتؤكد لهم المؤكد الذي تذوقوا ويتذوقون مراراته في كل يوم. فوفق استطلاع للرأي نشرته شركة “غالوب” الأميركية أخيراً حول مشاعر مواطني 145 دولة، تصدر لبنان قائمة أول عشرة دول يعاني مواطنوها من الحزن والتوتر والقلق والكآبة، بل احتل المرتبة الثالثة.

جُمعت مادة الاستطلاع في العام 2019، وأصدرت الشركة تقريراً بنتائجه حول مؤشرات المشاعر العالمية للعام 2020. وهو شمل ألف مواطن من كل دولة. وبحسب ترتيب شعوب العالم، وفق مؤشرات التعرض لمشاعر سلبية مثل التوتر والحزن والقلق، حاز كل من العراق ورواندا، بنسبة 49 في المئة، وحلّا في المرتبة الأولى عالمياً. ثم حاز كل من لبنان وأفغانستان وتشاد وسيراليون بنسبة 48 في المئة، وحلت هذه الدول في المرتبة الثانية، وتليها غينيا وتونس وإيران وتوغو. واعتمد الاستطلاع على طرح أسئلة تتعلق بمشاعر الأشخاص مثل: التوتر، الغضب، الحزن، والقلق، والألم النفسي. واحتل اللبنانيون المركز الثالث عالمياً، والثاني عربياً، حين أعلن 48 في المئة ممن شملهم الاستطلاع عن احساسهم بهذه المشاعر.

لبنان خارج العالم

إذاً، بات لبنان في صدارة الدول بحزن مواطنيه وقلقهم وتوترهم قبل انهيار البلاد المالي والاقتصادي وجائحة كورونا، ولاحقاً انفجار المرفأ الذي ما زال مشهده المروع ماثلاً في عيونهم وكوابيسهم.

وهذا يعني أن أي استطلاع مماثل يحصل حالياً، يجعل لبنان يتجاوز المرتبة الأولى في حزن أهله ومراراتهم واحباطهم. أي أن ما يعيشه اللبنانيون اليوم كسر الرقم القياسي لما يتجاوز الحزن والقلق. فالبلد وأهله في هوة الضياع والتيه التامّين تقريباً، وكأنما هو مقذوف في هذا خارج الكرة الأرضية.

ومؤسسة غالوب الرائدة عالمياً في استطلاعات الرأي، تجري مثل هذا استطلاع سنوياً لقياس مؤشر التجارب السلبية والإيجابية التي تتعرض لها الشعوب. وخصصت حيزاً للحديث عن مشاعر اللبنانيين، مشيرة إلى أن إحساسهم بالقلق والغضب والحزن والألم النفسي والقلق زاد بين عامي 2018 و2019 بدرجة هي الأكبر مقارنة بباقي الشعوب التي شملها الاستطلاع. وزادت النسبة 18 نقطة من أصل 100، في حين تراجعت 12 نقطة نسبة الذين قالوا إنهم عاشوا مشاعر إيجابية؛ مثل الراحة والتمتع بالحياة والضحك أو الابتسامة والمعاملة باحترام وتعلم أشياء مهمة.

وبمقارنة عام 2019 مع الذي سبقه، فإن نسبة اللبنانيين الذين قالوا إنهم شعروا بالحزن تضاعف من 19 في المئة إلى 40 في المئة. أما مشاعر القلق فارتفعت من 40 في المئة إلى 65. والغضب من 23 في المئة إلى 43. والتوتر من 46 في المئة إلى 61. والألم النفسي من 23 في المئة إلى 31.

وقلة من اللبنانيين عبروا عن تحسن نوعية حياتهم. فقط 4 في المئة من المشاركين قالوا إن حياتهم تتحسن، وهي من أقل النسب المسجلة في العالم.

Leave A Reply