رياح الاضراب تعصف بمؤسسات الدولة المُتصدّعة

بينما يترقب اللبنانيون نتائجَ الجلسة النيابية رقم 12 لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تستمرّ مؤسسات الدولة وقطاعاتها المُنهارة في المضي قُدماً في إضرابات مُتتالية تعكس مدى عدم قدرتها على الصمود في وجه رياح الأزمة التي تعصف بإداراتها وموظفيها. فالوضع الاقتصادي والمالي المُتعثر، والمفتوح على مزيد من التدهور والتردّي يُحذّر من تصاعد وتيرة الشلل التام والكامل لا سيّما في حال فشل البرلمان اللبناني في إنجاز الاستحقاق الرئاسي المُنتظر.

وعلى وقع هذا الحال المأزوم، أعلنت الهيئة الادارية لـ”رابطة موظفي الادارة العامة” تمديد الاضراب المُعلن وعدم الحضور إلى مراكز العمل لغاية يوم الجمعة الواقع في 23 حزيران ضمناً. واستنكرت في بيان، عدم تطبيق القانون والدستور، ورفضت الظلم والتعسف اللاحق بالموظفين، مشدّدة على ضرورة حماية الادارة العامة والدفاع عن وجودها مهما كلّف الثمن. كما أصرّت على إعطاء العاملين فيها كامل حقوقهم وأبرزها: تصحيح وإعادة احتساب الرواتب والمعاشات التقاعدية وتعويضات الصرف، بدولرتها بنسبة 50 في المئة منها على أن لا تقل بحدها الأدنى عن 450 دولاراً، وقف تجميد التعويضات العائلية واحتسابها على الحد الأدنى للأجور المعمول به حالياً على أساس الدولار الرسمي، استكمال دعم الاستشفاء والطبابة والتقديمات الاجتماعية ومنح التعليم، تعديل بدل النقل بتصحيحه على أساس مبدأ المساواة والعدالة مع شرائح أخرى، وشموله الشرائح الوظيفية المحرومة منه وتسجيل هذه الشريحة في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالاضافة إلى تنفيذ قرار مجلس شورى الدولة القاضي بإعادة احتساب الزيادة المقررة للأجراء وإفادتهم من تقديمات تعاونية موظفي الدولة في كل ما لا يدفعه الضمان الاجتماعي.

من ناحيتها، وأمام الوضع المعيشي والاقتصادي والاستشفائي والمالي المُزري الذي وصل إليه عمال ومستخدمو مؤسسة كهرباء لبنان والوعود المتكررة من دون جدوى، وبعد تقويم الأمور المُستجدة في المطالب العمالية، أعلنت نقابة عمال ومستخدمي مؤسسة كهرباء لبنان أيضاً عن الاضراب التحذيري والاعتصام والتوقف عن العمل داخل مراكز المؤسسة كافة وعدم طباعة الفواتير وتسليمها لمدة ثلاثة أيام ابتداءً من يوم الثلاثاء 13 حزيران ولغاية نهار الخميس 15 حزيران ضمناً، على أن يُستثنى من هذا الاضراب أقسام الصيانة والاستثمار في معامل الانتاج ومحطات التحويل الرئيسة.

أما في ما يتعلّق بهيئة “أوجيرو”، فاجتماعات المجلس التنفيذي مُستمرّة في الانعقاد على التوالي للبحث في موضوع تحسين رواتب وتقديمات العاملين في الهيئة، والنظر في التباطؤ الذي يشهده مسار مطالب النقابة وخصوصاً لاعادة تقويم الرواتب والمنح المدرسية والصحية. ولم يخفِ المجلس أنه فوجئ بالتقاذف الحاصل بين الوزارات لجهة التنصل من مسؤولية تأمين الاعتمادات للهيئة ورمي التأخير على الآخرين، مُستنكراً التغافل عن مستحقات العاملين، ومُتّخوفاً من التسويف والمماطلة في تنفيذ قرارات مجلس الوزراء القاضية برفع الحد الأدنى للاجور والمساعدات الاجتماعية. وأرجأ المجلس إتخاذ أي قرار إلى الأسبوع المُقبل نظراً الى الوضع الاستثنائي الدقيق والحساس خلال هذا الأسبوع على الأصعدة كافة، مع الابقاء على إجتماعاته مفتوحة.

إذاً، سلسلة من الاضرابات والاعتصامات تجتاح مؤسسات الدولة وتُنذر بمزيد من الجمود في أداء القطاعات ومهامها من دون الإسراع في اتخاذ أي اجراءات تصحيحية حاسمة، أو تنفيذ أي اصلاحات إدارية ومالية من شأنها إنصاف اليد العاملة في هذه المؤسسات وحمايتها من تراجع قدرة رواتبها الشرائية جراء سقوط الليرة المُدوي وتآكل قيمتها أمام الدولار. فلبنان الغارق في أسوأ أزماته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، تدفع مؤسساته اليوم ضريبة هذا الانهيار وتغرق في إضراب مفتوح ما هو إلاّ انعكاس واضح للصورة القاتمة وللغيبوبة القاتلة التي دخلتها البلاد منذ سنوات، والتي لا تزال تشلّ مقوّمات النهوض وتحدّ من فرص الاصلاح والتعافي الاقتصادي.

سوليكا علاء الدين – لبنان الكبير

Leave A Reply