مُطلق النورسي.. «معلم القرآن» من فلسطين الى طيردبا!

حسين سعد ـ

“مريم رجعت من فلسطين، لابسة هل مباريم ، وماخذة مطلق ابو عيون ملونين”. هذه الاهزوجة، قلة قليلة ، من ابناء بلدة طيردبا الجنوبية يحفظونها ، وتنفل عن طريق التوارد إلى بعض الأشخاص من متوسطي العمر الذين يرددونها، عند ذكر معلم جيل من اولاد القرية القرآن الشيخ مطلق النورسي، في اواخر اربعينيات القرن الماضي وما يزال العديد منهم احياء ، يتقنون القراءة والكتابة ، يتحدثون عن مدرسة – صف القرآن ، الذي انشأه النورسي ، في المنزل ، الذي سكن فيه ، مع زوجته مريم وولديه ، عند لجوئهم من فلسطين إلى لبنان ، خلال نكبة ألعام ١٩٤٨ ، التي بالتزامن مع ذكراها الخامسة والسيعين.

حكاية النورسي، واحدة من محطات التعليم اللاصفي في طيردبا، التي كانت شهدت اول الحوزات العلمية الدينية في جبل عامل ١٢٧٠ هجرية، لكن هذه البصمة تختلف عن غيرها ، نظرا لارتباطها ، بقضية فلسطين من جهة ، والنسب الفلسطيني الطيردباوي، حيث بدأ قبل النورسي الابن، في ثلاثينيات القرن الماضي ، من خلال إمرأة تدعى ميري، تزوجت من والده خليل النورسي، ابن قرية نورس عند حدود اراضي العام ١٩٤٨، والتي تعرف عليها أثناء عملها في فلسطين، التي كانت تشكل وجهة لالوف الجنوبيين للعمل في فلسطين المزدهرة، وصاحبة العملة والاقتصاد القويين.

فمطلق النورسي، نجل خليل ، الذي كان يعمل بصفة ملاحظ في سكة الحديد، التي انشأها وادارها الانتداب الانكليزي، اهتدى إلى زوجته مريم احمد – فقيه ، شقيقة المرحوم علي ( ابو عباس ) عبر قريبتها ميري ، وهي من نفس البلدة ، التي تبعد اكثر من ثلاثين كيلو مترا بقليل عن فلسطين .

خليل النورسي يتذكر

كان مطلق النورسي ، بحسب نجله خليل ، الذي ولد بعد النكبة في طيردبا ، انتقل من جنين ، إلى حيفا ، مع زوجته مريم ، وبنى فيها منزلا ، نتيجة حكم عمله في شركة تبغ ، كانت معروفة تسمى ( ديكصلتي ) وبعد سيطرة عصابات الهاغانا على حيفا وتهجير أهلها، ركب مطلق وزوجته وولديه زهرة ومحمد بمركب كبير ، اقلهم مع آخرين إلى مرفأ مدينة صور ، وهو اقرب مرفأ لبناني إلى حيفا .

ويقول الشيخ خليل، وفق ما كان يسمع من والديه ، أن “أفراد العائلة ، توجهوا من مرفأ صور مشيا إلى بلدة والدته طيردبا ، وسكنوا فيها لفترة من الزمن ، افتتح خلالها صف لتعليم القرآن في المنزل الذي أقام فيه (حاليا منزل حسن جعفر مغنيه) بجانب مسجد البلدة وتتلمذ على يديه العشرات من اولاد البلدة ، الذي يعدون اليوم من جيل الاربعينيات ، الذين يحسنون القراءة والكتابة ، وكان ذلك مقابل بدل مالي او عيني ( بيض ، صبار ، وتين ) يحصل عليه مطلق ، او الشيخ مطلق ، كما كانوا ينادونه”.

ويضيف ، أن “والدي رحمه الله ، كان شغوفا بالعلم والمعرفة ، وأصيب في طفولته بشلل موضعي ، نتيجة عدم تلقيه اللقاح ، فاصابه في قدميه ، وبعد انتقالنا من طيردبا ، توجهنا إلى منطقة شارتيه وثم البرج الشمالي ، وايضا مارس فيهما تعليم القرآن، ولاقى دعما من المؤسسات الدولية ، بعدما شاهدوه يعلم في احدى الخيم ، وأذكر انه كان يوضع على رأس المتخرج من دورة القرآن قطعة قماش بيضاء، وهي بمثابة شهادة عالية انذاك ، فيحتفل الاهل وأبناء القرية بخريجيهم.

محمد حيدر سعد

دخل محمد حيدر سعد ( ابو حسن ) ٨١ عاما ، مدرسة الشيخ مطلق في بلدته طيردبا، التي كانت قريبة من بيت والديه في الحارة القديمة .

يذكر ابو حسن، ) عبر “جنوبية”، وهو الذي ختم القرآن، على يد الشيخ مطلق ، وهو في سن مبكر ، أن والديه ، احتفلا به بعد التخرج ، وأن والدته المرحومة وردشان فقيه ، وزعت حلوى ذلك الزمن ( حصوص كرز ) على اولاد جيله والجيران”، لافتاً الى أن معلمهم الشيخ مطلق، كان صارما وجادا في التعليم ، وقد كسب منه هذا العلم”.

ويتذكر من اولاد صفه، المرحومون مصطفى حسن زيدان، حسن احمد رضا، محمد مكنا، وهبي وفايز حجازي، محمد جعفر مغنيه ، وكل من سعيد حيدر د، محمد علي زيدان ، هاشم رضا، محمد احمد مغنيه.

المصدر: جنوبية

                  الصورة الأخيرة لـ  محمد حيدر سعد

Leave A Reply