إلى الدولار در.. في الزمن الأسود!

صلاح سلام – اللواء

ترِك الدولار على غاربه في لعبة المضاربات السوداء، مأساة جديدة تُضاف إلى سلسلة المآسي المعيشية التي تُطوّق أعناق اللبنانيين، بالقدر الذي هو مشهد من مسرحية الفشل المتمادي للسلطة السياسية والمالية في إدارة الأزمة المتفاقمة والخانقة التي يتخبط فيها البلد منذ ثلاث سنوات ونيّف.

لا يجوز السكوت عن القفزات الألفية السريعة للدولار بين ساعة وأخرى، ليبلغ بلمح البصر أعتاب المائة والخمسين ألف ليرة، ثم ليهبط فجأة إلى المائة والخمسة آلاف، بعدما تكون الفوضى قد عمّت الأسواق، وسارعت محطات المحروقات إلى التوقف عن العمل، وعمد العديد من التجار إلى إقفال محلاتهم، فيما إختفت قوارير الغاز، وتوقفت محطات التعبئة للغاز عن تلبية حاجات زبائنها، وإشتعلت أسعار السلع الغذائية والخضار.

لعبة تجار الدولار الأسود أصبحت مكشوفة. يتلاعبون بالأسعار على المنصات، ويفرضون الأسعار العالية صباحاً، ثم يعمدون إلى تحريكها صعوداً ونزولاً، لتحقيق الأرباح الحرام بالمليارات من الليرات، وبالملايين من الدولارات، على حساب الناس الغلابى الذين لا يستطيعون تأمين لقمة العيش لأولادهم، في ظل هذا الإرتفاع الجنوني للأسعار.

المشكلة أن هذه الدراما تتكرر يومياً وأهل القرار في سبات عميق، لا يسمعون صرخات المحتجين، ولا يشعرون بوجع المساكين، وكأنهم يعيشون في بلد آخر، يتمتع بكل عوامل الإستقرار النقدي والإزدهار الإقتصادي.

لا ندري إذا كان بعضهم مشاركين في هذه اللعبة الجهنمية، أو أن وراء الأكمة ما وراءها، ولكن في مطلق الأحوال، لم يكلف أحد من المسؤولين نفسه عناء البحث عن وسائل للحد من هذا التدهور المريع لليرة، وإنعكاساته المدمرة على الأسرة اللبنانية، بعدما بلغت الأسعار مستويات تفوق قدرة أصحاب الدخل المحدود، والموظفين والعسكريين والمتقاعدين، على تأمين حاجياتهم الغذائية اليومية، خاصة بعد إعتماد تسعيرات السلع بالدولار.

يبدو أن موجات الغضب الناري التي عمّت مختلف المناطق، وما رافقها من قطع طرقات وأعمال شغب، قد دفعت أصحاب الشأن من تجار الدولار الأسود إلى تخفيض مفتعل مساء، بعدما حققوا أرباحاً خيالية بمئات الملايين من الدولارات طوال ساعات النهار.

إلى الدولار در.. في هذا الزمن الأسود سيكون شعار الأشهر المتبقية من ولاية الحاكم رياض سلامة!

Leave A Reply