مونديال قطر مفخرة العرب

وأخيراً عاشت الدوحة عرس المونديال، بعد فترة من العمل والإنتظار دامت قرابة ١٢ عاما، كانت حافلة بشتى حملات التشكيك والتضليل، بالقدر الذي بُذلت فيه الكثير من الجهود والعمل الدؤوب، لإنجاز الملاعب والتجهيزات وفق المواصفات الأولمبية الدقيقة، إلى جانب ورش البنى التحتية والمرافق التابعة لها.

الحدث الرياضي الكبير يتجاوز بأبعاده العالمية الملاعب الرياضية وجماهيرها الحاشدة، إلى آفاق حضارية وإنسانية مفتوحة على تاريخ العلاقات المختلفة بين الشرق والغرب، وكل ما يرتبط بها من مراحل تعاون وتفهم متبادل تارة، وصراعات مريرة على خلفيات دينية وإجتماعية، عنصرية وجندرية، تارات أخرى.

لقد برزت آثار مراحل الصراعات في الحملات الظالمة والحاقدة التي تعرضت لها قطر، دولة وشعباً، بسبب تمسكها بمبادئ وقيم المجتمع القطري خاصة، والمجتمع العربي والإسلامي عامة، ورفضها كل أنواع سلوكيات الشذوذ والإباحيات التي تنخر في المجتمعات الغربية، والحفاظ على أجواء الحدث الكبير نظيفة من كل آثار المخدرات، التي أصبح بعضها مسموحاً به في العديد من الدول الأوروبية، والتي تنتشر بكثافة بين مشجعي الأندية الرياضية الأجنبية.

وحفل الاحتفال الافتتاحي الباهر بكثير من الإيحاءات الذكية، بقي أهمها طريقة تمرير الآية القرآنية الكريمة «وخلقناكم أمماً وشعوباً لتعارفوا… إلى اخر الآية مشكّلة ومأخوذة من النص القرآني»، للرد على الحملات الشعوبية الرخيصة التي إستهدفت الدولة العربية الأولى التي فازت بتنظيم دورة ٢٠٢٢ للبطولات العالمية لكرة القدم، بعد منافسات طاحنة مع دول كبرى. ومنذ الأيام الأولى التي أعقبت إعلان فوز قطر على بقية الدول المتنافسة، بدأت حملات الإتهامات بالرشوات المالية لأعضاء في «الفيفا»، ثم تبعتها دعايات التشكيك بقدرة الدولة العربية الصغيرة على تنظيم حدث عالمي بحجم المونديال، وما تلاها من تشويه معاملة العمال الذين اشتغلوا في أعمال بناء الملاعب والمرافق الأخرى، لا سيما في فترة إنتشار الكوفيد في العالم، الذي شل الحركة الإنسانية في القارات الخمس.

قطر دحضت كل تلك الأضاليل أمس في الإحتفالية المميزة التي أبهرت العالم، وأكدت أن العروبة قادرة على إستيعاب كل التنوعات الدينية والعنصرية والجندرية، في إطار إنساني من التسامح والمساواة والتعاون لما فيه خير البشرية جمعاء.

المونديال مفخرة لكل العرب، وليس للقطريين وحدهم.

د. فاديا كيروز

Follow Us: 

Leave A Reply